«الجزيرة» - صالح العيد
تشهد مناطق المملكة ومحافظاتها طفرة في بناء المساكن في السنوات الثلاث الأخيرة خاصة التي يمولها صندوق التنمية العقارية، حيث مول الصندوق خلال هذه السنوات منذ عام 1425هـ وحتى نهاية عام 1427هـ أكثر من 75 ألف قرض بقيمة إجمالية بلغت 21 مليار ريال، وارتفعت فيها نسبة القروض الممنوحة بواقع 300%، وهي الفترة التي تلقى فيها الصندوق دعماً بحوالي 18 مليار ريال عام 1425هـ من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله.
وشهد العام المالي 1427 - 1428هـ تقديم 13.436 قرضاً بقيمة 3703 ملايين ريال لبناء 16131 وحدة سكنية خلاف ما أقره الصندوق من تمويل 4610 قروض جديدة بقيمة 1.28 مليار ريال لبناء 5532 وحدة سكنية بمختلف مناطق المملكة تمثل الدفعة الأولى من القروض المعتمدة في ميزانية العام المالي الجديد 1428 -1429هـ.
كل هذه الوحدات التي سيتم تشييدها مهددة بالتوقف بسبب وجود أزمة في إنتاج الأسمنت ربما تكون مفتعلة من قبل الموزعين بحجة رفع أسعار الأسمنت حيث لاحت في الأفق ظهور بوادر أزمة في الأسمنت نظراً للطلب المتزايد عليه في الآونة الأخيرة وإشاعة بقلة الإنتاج.
وعزا كثير من الراغبين في شراء الأسمنت وجود هذه الأزمة إلى ظهور سوق سوداء تبيع الأسمنت لمصدرين للخارج بدلاً من بيعه في الداخل. وخشي عدد من هؤلاء الراغبين في البناء أن تكون الأزمة مفتعلة وتهدف إلى رفع أسعار الأسمنت لتواكب الارتفاع في أسعار بقية المواد الاستهلاكية وطالبوا أن يواجه هذا الأمر بحزم وجدية من قبل المسؤولين، مؤكدين بأن مصانع وشركات الأسمنت تتمتع بتسهيلات كبيرة تقدمها الدولة لهم.
وكشف أحد المواطنين ل(الجزيرة) أن هناك تجمعات لشاحنات نقل تقف جنوب الرياض تنتظر قدوم شاحنات من المصنع محملة بالأسمنت ويتم تفريغ حمولتها لهذه الشحانات التي تقوم بدورها بتصديره إلى خارج المملكة وذكر المواطن أن الموزعين ما هم إلا متعهدين أو وسطاء بين المشتري والمصنع حيث يدفع المشتري للمتعهد ويقوم الأخير بتحرير فاتورة تمثل قيمة الأسمنت ليقوم بدوره بالذهاب إلى المصنع لاستلام بضاعته من المصنع بقيمة 13 ريالاً يضاف إليها أجور التحميل والتنزيل والنقل ليصل الكيس إلى سعر 16 ريالاً. ورغم ذلك لا يمكن الحصول على كميات الأسمنت المطلوبة بسبب عدم توفرها وذلك لنقص الإمداد من المصنع حسب إفادة الموزع وكأنه يدفع بالمشترين إلى اللجوء إلى السوق السوداء. ويضيف: هذا الإجراء هو الذي دفع إلى وجود سوق سوداء تبيع الأسمنت خارج المصنع بسعر 17 إلى 18 ريالاً للكيس الواحد، وطالب بأن يتم البيع مباشرة من المصنع بفسوحات البناء المعتمدة من البلديات ويتم تحديد كميات الأسمنت لراغب البناء على الفسح ويتم تسجيله في المصنع حتى يستوفي الكمية اللازمة لبنائه للحد من تلاعب الموزعين وإلغاء السوق السوداء.
هذا وتعاني مصانع البلك والخرسانة الجاهزة هي الأخرى من عدم توفر الأسمنت، الأمر الذي أدى إلى تعطل بعض المشروعات وتأخرها وبالتالي عدم التزام هذه المصانع بالتزاماتها مع الجهات الحكومية وكذلك المواطنين الراغبين في البناء.