من المملكةِ مهدُ الدِّينِ الإسلاميِّ الحنيفِ انطلقت دعوةُ حقٍ تستهدف صلاحَ الإنسانِِ في كل مكان من خلال بعث المبادئ العظيمة التي تنطوي عليها كافة الأديان السماوية، وهكذا فقد جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين إلى حوار الأديان وهو يخاطب المنتدى الثالث لحوار الحضارات، وهي مبادرة مسؤولة تستقرئ بكل عمق أحوال العالم المضطربة بدءاً من النواة الأولى في تشكيل المجتمعات الإنسانية وهي الأسرة حيث أشار - حفظه الله - إلى ضرورة إصلاحها وإعادتها إلى دورها الطبيعي باعتبارها حافظة وموجهة للأفراد..
ويتعين أن تهب كافة المجتمعات الإسلامية للانخراط في هذا العمل الديني الكبير الذي يُقْصَدُ به التلاقي والتواصل بين المؤمنين بالكتب السماوية الثلاثة: التوراة والإنجيل والقرآن، فهؤلاء هم الأقدر بحكم ما يجمع بينهم، كونهم يؤمنون برب واحد، على إنجاز الكثير فيما يتصل بإعادة اللحمة والاستقرار إلى عالم مضطرب..
إن قدراً كبيراً من الفوضى التي تجتاح عالم اليوم سببها الانفلات من دائرة التعاليم السماوية، مما جعل الكثير من مجتمعات العالم تمضي دون هدى ودون مرجعيات تحكم حركتها وتصرفاتها، وهكذا تفشت موجات الإلحاد والتفكك الأسري والاجتماعي، وكثير من الرزايا التي تعبر في مجملها عن ضياع عناصر التوجه وغياب البوصلة التي يمكن أن يسترشد بها بنو الإنسانية.
ومن المهم أن يكون الإسلام الذي يتمتع بحضور قوي على الساحة الدولية صاحب المبادرة الكبرى في هذا الصدد انطلاقاً من الرسالة التي يحملها هذا الدين باعتباره منقذاً للإنسانية من الضياع، فالإسلام يظل هو الأكثر توهجاً في عالم اليوم مهما حاول البعض استهدافه والانتقاص منه ومن دوره الحيوي على الساحة الدولية، ولهذا وبحكم الصلات القوية بين المسلمين وما لهم من تواصل مع مختلف الأديان والحضارات فهم قادرون على قيادة مبادرة من شأنها إطلاق نوع من التواصل الإنساني من خلال الأديان الثلاثة التي يتبع لها معظم بني البشر في العالم..
وسيكون من المهم أن يتحقق نوع من التنسيق الدقيق والمكثف فيما بين المسلمين لمخاطبة الآخرين بصوتٍ واحدٍ في أي من الساحات التي يمكن أن تحتوي الحوار بين الأديان..
ومن المهم أيضاً أن يكون هناك حرص على تنقية الإسلام مما لحق به من تشويه استغله البعض للطعن في ديننا الحنيف، ومن المؤكد أن الحوار المأمول يمكن أن يجلي الحقائق المتعلقة بديننا بعيداً عن تلك التشوهات التي ألحقها به الغلاة والمتشددون، ومن ثم فإن الحوار يوفر الساحة المثلى لتبادل الأفكار والآراء، كما أنه يتيح فرصة كبيرة لكي يتعرف الآخرون بصورة أوسع على هذا الدين الحنيف.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244