Al Jazirah NewsPaper Wednesday  26/03/2008 G Issue 12963
الاربعاء 18 ربيع الأول 1429   العدد  12963
مستعجل
كلنا نحب الهيئة .. ولكن؟!
عبد الرحمن بن سعد السماري

لا يمكن لأي منصف إلا أن يشيد بالدور الكبير الذي يضطلع به رجال الهيئات في خدمة المجتمع.. ولا يمكن لأي منصف أيضاً أن يجحد ما حققه هؤلاء الرجال الأفاضل من منجزات تستحق الشكر والتقدير والعرفان..

** ولست هنا لأعدد حسنات ومنجزات هؤلاء الرجال الصادقين المخلصين الغيورين الأوفياء لدينهم ووطنهم.. فهذا شيء يلمسه كل مواطن وكل مقيم على ثرى هذا الوطن الطيب الطاهر.

** كما أننا لا يمكن أن نختلف على أن رجال الحسبة هم من خيار الناس خلقاً واستقامة والتزاماً، كيف لا وهم من خريجي الكليات والمعاهد الشرعية وأبناء حلقات التحفيظ ومحاضن الخير وتلاميذ العلماء والفقهاء والدعاة.

** غير أن ما أود الحديث عنه هنا هو لماذا كثر الحديث مؤخراً عن رجال الهيئة؟

** ولماذا.. تزايد النقد عليهم؟

** ولماذا.. احتلوا صدارة الصحف؟

** هناك تهم أو نقد.. بل ربما دافعه مجرد التحامل أو أي سبب آخر.. غير وجيه وغير مقبول وهذا لا شك أنك تشمه أو تلمسه من خلال المقال نفسه.. وبالتالي: يخرج المقال من دائرة الإقناع أو القبول.. ويُصنف على أنه مجرد تحامل أحمق لا يستحق حتى مجرد إلقاء نظرة عليه.

** وهناك نقد أو رأي يستحق مناقشته والوقوف معه.. وتأمل ما ورد فيه ومحاورته لأنه ينطلق من الحقيقة ويدور معها.. ولأنه نابع من إنسان ينشد الحقيقة ويبحث عنها ويحتاج إلى من يدله عليها هو شخص يستحق بالفعل من يتحاور معه ويسمعه ويسمع منه.

** في الفترة الأخيرة صارت الأخبار حول الهيئة ورجال الهيئة تحتل مساحات واسعة ورئيسية من الصحف وصارت أخبار الهيئة أو حول الهيئة هي في موقع الصدارة في أكثر الصحف.. ذلك أنها قضايا كبار وهل هناك أكبر من قضايا الموت وإن حاول البعض التهوين منها أو قال وماذا يعني لو مات اثنان أو ثلاثة في (500) ألف قضية (؟!! )

** وكم هو مؤسف.. أن نسمع مثل هذا التبرير أو هذه المغالطة التي لا يمكن أن يقبل بها أحد ومع ذلك قُبلت..!!

** نعود ونقول إنه حصل بالفعل قضايا (موت) وقضايا (قتل) وبعض رجال الهيئة متهمون فيها وهم ماثلون أمام المحاكم الشرعية بتهم القتل ونحن نثق كل الثقة في محاكمنا الشرعية وفي قضائنا وقضاتنا ونقبل كل ما يصدر منها، ذلك أننا نعرف قضاءنا جيدا ونعرف أيضاً قضاتنا ونعرف أن الشريعة الإسلامية السمحة هي القضاء ولا جدال في ذلك وإلا.. لا خير فينا.

** أعود وأقول هناك البعض من رجال الهيئة موقوفون وهناك مطلوبون للمحاكم بتهم القتل.. أو في قضايا (موت) نعم.. (موت) .

** ما الذي حدث؟! وما الذي استجد؟!

** هل هذه القضايا والأحداث كانت موجودة في السابق ولكن لا ندري عنها شيئاً؟! أم أنها قضايا حادثة استجدت في عالم رجال الهيئة؟!

** هناك أناس ماتوا..

** نعم ماتوا والمتهمون رجال الهيئة

** يجب ألا نتجاوز هذه الحقيقة فماذا بعد الموت؟! ولكن لنترك الكلام هنا للقضاء الشرعي.. فهو الذي سيفصل في الموضوع وهو الذي سيُبين الحقيقة ولكن يبقى السؤال والتساؤل هل هذه القضايا والمخالفات تتطلب كل هذا الإجراء من رجال الهيئة الذي أفضى إلى الموت بصرف النظر عن أن يكون رجال الهيئة.. هم المباشرون أو غير المباشرين لما حصل؟

** إنني لا يمكن أن أتحدث عن تبرير لأعمال خاطئة أو ممارسات غير مقبولة.. أو أقول إنها حرية شخصية أو أشكك في دور رجال الهيئة فالخطأ خطأ يجب ردعه، ولكن أقول مرة أخرى هل هذا الإجراء المتخذ من رجال الهيئة هو الإجراء المناسب لردع هذا التجاوز؟!

** هل هذه القضايا تستوجب الفضح والمطاردة حتى الموت؟!!

** ثم.. إذا كانت الشريعة الإسلامية تحث على الستر.. وولي الأمر يقول: (الستر.. الستر.. الستر.. يا رجال الهيئة) ومسؤولو الهيئة الكبار.. يتحدثون عن الستر.. فأين الستر في ممارسات بعض رجال الهيئة.. عندما يطاردون امرأة مطاردة المجرم الخطير حتى الموت؟!!

** هل هذا.. هو الستر؟!

** وهل الستر.. أَنْ يُوْقَفَ شخصٌ معه امرأة.. أي شخص.. ويقال.. هل هذه المرأة التي معك.. هي من محارمك؟! وعليك أن تثبت ذلك.. وإذا ما تلعثم (المسكين )سِيْقَ إلى مركز الهيئة أو مركز الشرطة بتهمة الاختلاء المحرم حتى يثبت العكس؟

** وعلى هذا الإجراء.. فإن نسبة الاختلاء المحرم لدينا تصل إلى آلاف القضايا يومياً لأنه بهذه الحسبة كل امرأة تركب مع السائق لوحدها هي في حالة اختلاء محرم فلماذا لا توقف؟! ولماذا لا تحاسب؟! ولماذا كل هذه الازدواجية؟!

** ثم إذا شك رجال الهيئة في سلوك رجل وامرأة هل الحل هو مطاردتهما هكذا حتى الموت؟ أم أنه يمكن معالجة المشكلة بطرق أخرى؟

** وحتى لو فلتوا و(هجّوا) لا شك أنه أهون من مطاردتهم حتى الموت.

** وهكذا قضية الخريصي أَلا يمكن معالجة القضية باستدعائه عن طريق الشرطة ومواجهته بالتهم المنسوبة إليه.. أو ترك المداهمة للشرطة.. هذا.. إذا كانت القضية تستحق المداهمة؟

** إن لدينا نظاماً اسمه نظام (الإجراءات الجزائية) صدر قبل عامين أو ثلاثة وتحدثنا عنه وتغنينا به وقلنا عنه الشيء الكثير.. وهو الذي يكفل حرية الأفراد ويضع ضوابط للقبض والمداهمة والتفتيش والاستيقاف فلماذا لا يتم الالتزام به من الجميع؟! لماذا لا يطبق على الجميع؟

** إن من حقك أن تسأل رجل الأمن عن سبب استيقافك أو القبض عليك أو مداهمة بيتك - إن حصل - لأن النظام يقول ذلك.. ولكن.. هل تستطيع سؤال رجل الهيئة عن ذلك؟! وهل تجرؤ على توجيه سؤال كهذا له.. أو حتى تشير مجرد إشارة إلى نظام يكفل لك شيئاً من حقوقك؟!

** عندها.. كيف سيكون مصيرك؟! وماذا سيقال لك؟ وكيف سيرد عليك لو تجرأت وأشرت إلى النظام؟!

** هناك عشرات الاتصالات أو الرسائل التي تشتكي من ألفاظ صدرت من بعض رجال الهيئة.. أقلها القذف تجاه أشخاص وهم بريئون منها ولكن كنا - في السابق - لا نصدق بها.. وكنا نضعها في حيز التحامل والمغالطة والتشويش حتى مات من مات.. وحتى حصلت (الفشايل) و(الفضائح) لأسر محترمة تستحق الاحترام و(الستر) وحتى تلاحقت الفضائح.

** ولست هنا.. لأتحدث عن الجانب الفقهي الشرعي المطلوب في مثل هذه القضايا.. وهل الأفضل للمجتمع المسلم هو الستر وغض الطرف عن (بعض) الأمور صيانة للمجتمع وحماية للأعراض أو أن الصح للمجتمع المفاضحة والمطاردة وربما القتل.. حتى (يستأدب) الآخرون؟!!

** هذا شأن الفقهاء والعلماء.. وهم الأقدر على الإجابة عن هذا السؤال.. والهيئات يقوم عليها علماء كبار ومشايخ فضلاء نحترمهم ونجلهم ونقف عند آرائهم.

** الهيئة اليوم.. تمر بمنعطف.. وعليها أن تتعامل معه بروح مختلفة وتترك عنها أسلوب الدخول في مشادة عنيفة مع المجتمع أو مع الإعلام.

** عليها أن تزن الأمور بميزان آخر غير الميزان الموجود لديها في التعامل مع الآخرين.

** نحن كلنا مع الهيئة.. وكلنا نؤمن بهدفها ودورها ورسالتها وحاجة المجتمع لها.. ولكن.. يجب أن يحاسب المخطئ حتى لا يضيع الحق وسط هذه الممارسات الخاطئة.. وحتى لا يغُمط حق الصادق المخلص الأمين بسب رعونة بعض المتحمسين المندفعين.

** هذا بعض ما لدي عن الهيئة وان كان في الجعبة الكثير.. وأتمنى أن تتاح لي فرصة إبدائه لاحقاً.

** ومع ذلك.. كلنا نحب الهيئة.. وكلنا يحب رجالها وان حصل ما حصل.. وكلنا.. ندعو لهم بالتوفيق والسداد.. وكلنا نريد مجتمعاً مسلماً نظيفاً.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5076 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد