أقول هذا الكلام بمناسبة تكريم فقيد التاريخ والأدب والمروءة الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري - رحمه الله - الذي عاش عزيزا مكرما بين مواطنيه لخصال يندر وجودها في مثل هذا الزمان، كان - رحمه الله - محبا للجميع يفتح صدره لكل من يلتقي به أو يعرض عليه مشكلة ولو لم تكن لديه سابق معرفة ويسمع منه ثم يطبق الحديث الشريف انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فإن كان صاحب المشكلة ظالما أي ليس صاحب حق حاول عدله عن توجهه وربما ساعده ببدائل، وإن كان مظلوما ساعده في حل مشكلته وهذا ما جعل الكثير يثني عليه حقا ويأسف ويترحم عليه ميتا، والدليل ما شهدته مقبرة العود حين رحيله من تزاحم الأكتاف حول نعشه وقبره وتباري الأقلام في الثناء عليه وتعديد محاسنه، كما قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: موعدنا وإياهم يوم المقابر وصح ذلك بعد حضور جنازته رحمه الله.
أما التويجري كمؤرخ فالشاهد على ذلك اهتمامه بمؤسس هذا الكيان جلالة الملك عبد العزيز - رحمه الله - حيث أصدر كتابا قيما يتضمن سيرة هذا الرجل العظيم.
أما كأديب فيشهد بذلك ما صدر من كتب سجلها بيراعه عن حياته ومعاصريه وهي من الكتب ذات الشواهد التي يحرص على اقتنائها.
وأما التويجري كإداري فإضافة إلى ما سبق له من مسؤوليات إدارية كأمين مال المجمعة وغيرها وضع يده في يد خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - في تأسيس هذا الصرح الشامخ الحرس الوطني الذي لم يقتصر على التجنيد والتدريب، بل أضيف له كل مستحدث وفتحت فيه المدارس والكليات العسكرية حتى أصبح ينافس الحرس الوطني في الدول المتقدمة، وقام على شؤونه شبابه متحمس في رفع مستواه أمثال هذا الشاب المتحمس صاحب السمو الملكي الفريق أول ركن متعب بن عبد الله بن عبد العزيز - وفقه الله - والذي يعرف الفقيد ويقترب منه يعجب بأسلوب إدارته، فقد كان - رحمه الله - يحضر إلى مكتبه في الساعة السابعة صباحا ويجتمع بكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين ويسمع ما لديهم ثم يتنقل بين المكاتب لرفع معنويات الموظفين ويتيح لهم عرض ما لديهم أيضاً، وكم من مرة زرته - رحمه الله - فكان يمسك بيدي ويتحدث معي وهو يمر على المكاتب ويقرأ معاملة ويوقع أخرى ويدبر مسؤولياته بأسلوب حديث ذي إنسانية واضحة فيسأل هذا عن صحة والديه وذاك عن صحته وآخر عن انتهاء مهمته. رحم الله عبد العزيز التويجري وأسكنه فسيح جناته وحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.. وما زال الرجل حيا بأعماله.