Al Jazirah NewsPaper Monday  24/03/2008 G Issue 12961
الأثنين 16 ربيع الأول 1429   العدد  12961
الملتقى الدعوي الأول جنوب الرياض يعلن حاجة فتياتنا لمثل هذه الملتقيات
عائشة السعد: المدرسة شريك في المشكلة والحل لكل ما يعترض الطالبات

الرياض - مندوبة «الجزيرة»

على مدار ثلاثة أيام كان لطالبات المدارس التابعة لمركز التربية والتعليم جنوب الرياض الحظوة في جعل قضاياهن واهتماماتهن ومشكلاتهن نصب أعين الإشراف التربوي وأهالي الطالبات من قريب ومن بعيد، من خلال تنفيذ ملتقى دعوي توعوي موجه للمجتمع التربوي في عامه الأول حضره عدد من المهتمات بمناشط التربية من مديرات مدارس ومعلمات وأمهات وهو من إعداد وتنفيذ مركز التربية والتعليم جنوب الرياض مما أوجد تفاعلا لتحقيق أهداف هذا الملتقى القائمة على مبدأ بناء الاتصال الإنساني بين الأسرة والمدرسة وتكامل أدوار الإشراف التربوي معهم في القيام بالتوعية البيئية كنواة أساسية لبناء التعاون والشورى والتعاضد في العمل وجميع ذلك ينصب في محك واحد ألا وهو تربية الطالبات تربية سليمة قويمة.

بدأت فعاليات الملتقى بعدد من الفعاليات افتتحتها مديرة مركز التربية والتعليم جنوب الرياض أ. عائشة عبدالله السعد بكلمة تناولت عددا من الأمور التي تمس الطالبات وسبل التعاون مع المدرسة وطرق تربيتهن، وأكدت للأمهات الحاضرات أن من المهم أن يكون لديهن قناعة تامة بأن مهمة المدرسة ليست توصيل الأحكام والابلاغ عن أمور الطالبات لأولياء أمورهن أو أن يقتصر دورها على الإخبار والابلاغ عن المشكلات وإصدار الأحكام بل المدرسة شريك في المشكلة والحل لكل ما يعترض الطالبات، تعرض المشكلة بأسبابها، وتوجه وترشد الى الحلول وعلى الأهل أن تتسع صدورهم لسماع الحقيقة وتقبلها، من خلال حوار هادف بين الشريكين المدرسة والأهل، كل منهما يصغي للآخر، ويستمع لمرئياته وتوصياته باهتمام واحترام لرصد الأسباب وبناء الحلول فالأسرة شقيقة المدرسة، وتشكل معها شراكة تكاملية فإذا قامت الجهود بينهما على الوجه الأكمل أنتجت فتيات ذوات تربية وتعليم أكثر فاعلية.

وتناولت في عرض كلمتها مواصفات الأنموذج المثالي لفتاة اليوم الذي تصبو وتسعى إليه المدرسة ويوافقها الرأي فيه مركز الإشراف كجهة إشرافية وهو الأنموذج الذي يعد فخرا لكل أم.

وفي المحاضرة الأولى التي حملت عنوان (تربية الأبناء)، وألقتها الأستاذة ماجدة العصلاني المشرفة التربوية في وحدة التوعية الاسلامية في المركز تم العناية بحل اشكالية تخصيص تربية الأبناء على جهة معينة واهتمت بمحاولة تحديد مفهوم التربية الإسلامية بشكل دقيق يقوم على مناشط مشتركة بين الآباء والأبناء وتطرقت للهدي النبوي للمصطفى عليه الصلاة والسلام في التربية الذي يعد مدرسة متكاملة المناهج، راسخة الأصول، يانعة الثمار، وافرة الظلال في التربية والتنشئة الصالحة، حيث اعتنى صلى الله عليه وسلم بالأبناء بنفسه، وأوصى بهم خيراً في العناية والرعاية.

في حين أن الأستاذة زينة العمري المشرفة في وحدة التوجيه والارشاد في محاضرتين ألقتهما خلال الملتقى لخصت جوانب مهمة في حياة كل أسرة تقوم على ترسيخ مكامن التربية والتعامل مع الطالبات وأهمية الترابط الأسري عليهن، لا سيما أن هناك تفاوتا ظاهرا في فهم بعض الأسر لطبيعة المشكلات الأسرية وأن التفكك الأسري حين يعم الأسرة لا شك سيؤدي الى ظهور تجاه سلبي واضح في حياة الطالبات وهو تفاقم مشكلاتهن وتشعبها، ولا مندوحة ها هنا من فتح باب الحوار المعمق معهن، والخروج بحلول علمية تساعد في المستقبل المنظور في تلافي هذا التفكك الأسري وتجاوزه.

وختمت ذلك بأن أساليب التعامل جزء من الإسهام، في ترصين البناء العام لمجتمع أسري مثالي، يشاد على لبنات صحيحة. منها احترام شخصية الطالبة وإشعارها بمكانتها مما يزيد ثقتها بنفسها وينعكس على استقرارها النفسي أثناء الحصص الدراسية وخارجها.

وفي اليوم الثاني للملتقى توجهت الأستاذة فوزية المطلق المشرفة الإدارية في المركز بكلمة من السهل الممتنع حول الملتقى وأهميته وأن من أسسه تنسيق مواقف أسرة الفتاة والبيت والمدرسة لتوحيد كلمتهما في الجوانب المرتبطة بالطالبات وحياتهن ومن ثم تصحيح المفاهيم وتوحيد الرؤى والمواقف بما يمكن أن يطلق على هذا الملتقى (ملتقى التربية والتوعية الإسلامية).

تلى ذلك مشاركة للمشرفة التربوية نجلاء العبيدي من وحدة التوجيه والإرشاد تناولت فيها الخصائص العمرية وكيفية التعامل معها، حيث لفتت الانتباه إلى ضرورة فهم المراحل العمرية التي تتعامل معها الأم، وذلك من خلال تأكيد بعض المفاهيم المتعلقة بالموضوع، وإبراز بعض الأمثلة الدالة على الخصائص التي تميز مرحلتي الطفولة والمراهقة وكيفية التعامل مع طالبات كل مرحلة من المراحل وتصحيح الصور الخاطئة التي يحملها كثير من الناس عن بعض المراحل ولا سيما المراهقة وأن مراعاة سيكولوجية النمو وخصائصه لكل مرحلة من المراحل المدرسية يتطلب العناية بالاستعداد النفسي للمتعاملات مع الأطفال والمراهقين والمراهقات وهذا بحد ذاته مجال لتحقيق الثبات السلوكي والبعد عن التناقض في التربية والجمع بين الأسلوب النظري والعملي والابتعاد عن التربية السلبية والأساليب العقيمة في التوجيه والإرشاد لكل مرحلة عمرية.

كما كان للحاضرات للملتقى موعد مع ورقة عمل طرحت من قبل الأستاذة فريال الحقباني من وحدة النشاط بعنوان (أثر النشاط في تعديل السلوك) حيث دعت إلى مجالات عدة أهمها التطلع إلى آفاق جديدة تتسم بالتقارب بين أفراد الأسرة بعضهم ببعض حيث تتخذ النشاط (من مسابقات علمية ودينية وغيرها) باعتبارها نشاطا اتصاليا، شأنها في ذلك شأن كثير من المناشط التفاعلية، التي تقوم على الاتصال بين المُلقين والمتلقين وأنها وسيلة من وسائل الضبط الاجتماعي وجعل هذه المناشط محور التجديد في الأسرة ويمكن تطبيقها ضمن البرنامج الأسري اليومي الذي معه سيكون الترفيه دافعا للأبناء نحو الرغبة برضا الوالدين ومن ثم السير القويم إضافة لكونها عاملاً مساعداً للطالبة على إحراز تكيف داخل المدرسة وخارجها.

وختمت فعاليات الملتقى يوم الأربعاء بمحاضرة ألقتها المشرفة الجوهرة الزيد من وحدة التوعية الإسلامية تناولت أهمية الصلاة في حياة الفرد وكونها سببا في السعادة في الدارين وأنها من أهم الركائز التربوية في العمل التربوي والإرشادي ولها تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا والآخرة، خاصة إذا أعطيت حقها من التكميل ظاهراً وباطناً، فما استدفعت شرور الدنيا والآخرة بمثل الصلاة، ولا استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصلاة، لأنها صلة بين العبد وربه، وعلى قدر صلة العبد بربه تنفتح له الخيرات، وتنقطع أو تقل عنه الشرور والآفات، وهي سبب لاستسهلال الصعاب، وتحمل المشاق، فحينما تتأزم الأمور وتضيق، وتبلغ القلوب الحناجر يجد الصادقون قيمة الصلاة الخاشعة، وحسن تأثيرها وبركة نتائجها.

وأتيح المجال خلال الملتقى لتقديم مشاركة من قطب وحجر الزاوية في العملية التربوية وهي المعلمة حيث شاركت المعلمة مشاعل المبدل من الثانوية السادسة بمحاضرة عن تربية النفس بدأتها بتوضيح أن المنهج التربوي في الإسلام يحثنا على الانطلاق من قاعدة تحبيب الناس في تربية النفس وأن من واجب المسلمة أن تقود معركة تطهر بها ذاتها وتحسن شخصيتها فيما يساندها على تحمل النتائج وعدم الانخراط فيما لا تحمد عقباه.

ونوهت الأستاذة صالحة عسيري المساعدة لشؤون الطالبات خلال فعاليات اللقاء إلى أن النهج القرآني الكريم والهدي النبوي يعد نموذجاً فريداً لتحقيق تكامل مفهوم التربية السليمة وأسسها كما أنه يحقق التوافق النفسي والتربوي لحياة الطالبات الذي يساعدهن على إشباع حاجاتهن المختلفة بشكل سليم ووقايتها وعلاجها من المشكلات الاجتماعية والنفسية، ويساعدهن على الشعور بالأمان تجاه المجتمع المدرسي، الأمر الذي يؤهلهن لتحمل مسؤولياتهن في المراحل المختلفة من حياتهن وهذا يجعل من المهم أن يكون لدى الأسرة والأم على وجه الخصوص المقصد من التربية والتوجيه من منظوره الإسلامي القويم بحيث تربي أبناءها وبناتها على الوصول إلى درجة من الكمال في شخصياتهم التي هيأهم الله لها، مع مراعاة فطرتهم ومواهبهم وقدراتهم، وأوضحت أنه لا شك أن الأم الصالحة ينبغي عليها أن تعد ابنتها وتحرص على بناء شخصيتها المتزنة، لتكون مثالا للصورة المشرفة للأسرة المسلمة وهذا يجعل من المهم الاستفادة من تجاربها وأساليبها في تربية بناتها الأكبر سناً مع اللواتي ما زلن في نعومة أظفارهن.

وحيث تابعت الجزيرة فعاليات هذا الملتقى الذي تصدرت الأمهات أعلى نسبة من الحضور فبلغ عددهن الإجمالي خلال الثلاثة أيام أكثر من300 أم، فكان لها وقفة معهن حول آرائهن وانطباعاتهن عن الملتقى تقول والدة الطالبة ريم: (الملتقى والمكان رائع جداً وأشكر القائمات عليه، وأتمنى أن أكون من الأمهات المساهمات في هذه التربية السليمة ذات الأهداف النبيلة ويا ليت لو تنتشر هذه المحاضرات في كل مكان بدلا مما ينشغل النساء والأمهات بأمور أخرى تافهة وسخيفة).

وتشاطرها الرأي والدة الطالبة منال: (أشكر مركز جنوب وما أولاه من اهتمام للتواصل معنا كأمهات وأقدر هذا الاهتمام كثيراً، وأتساءل إن كان هناك من اهتمام في مدارس البنين بمثل هذه الدعوات والطرح للمواضيع أم لا. ودامت جهودكم الخيرة).

وفاجأتني السيدة أم فيصل من السعودية بتأثرها وبقولها: (هذا الملتقى فتح شجونا في النفس فمن المبكي والمفرح أنني سابقاً عندما أدخل غرفة نوم بناتي أبقى مدة طويلة أبتسم فيها وأنا أشاهد منظرهن وهن نائمات وكل واحدة عند رأسها كتابها المدرسي على ما وصلت إليه من مراجعة أو حفظ لدرجة أن ابنتي الصغيرة أطلقت يوماً عتاباً بقولها: يا ليتك يا أمي تحرصين علينا في القرآن والواجب الذي ندرسه في دار حفظ القرآن الكريم كحرصك علينا للكتب المدرسية وهذا جعلني أغير طريقتي في تربية أبنائي وبناتي حتى يكون أثر نور كتاب الله على وجوههم وأشعر معه بأن هذا الملتقى خطوة في طريق تصحيح أساليب الكثير من الأمهات في تربية بناتهن) حيث إن مركز جنوب الرياض يشرف على المدارس التي تقع في الأحياء المكتظة بالمقيمين من الأخوة والأشقاء العرب والمسلمين التقينا ببعض السيدات من الوطن العربي حيث تقول السيدة ميمونة من السودان الشقيق: (سعدت كثيراً بفتح مجال أتحاور فيه مع المشرفات واطلع على وجهة نظرهن في بناتنا وكل الذي حضرته مفيد لنا جميعاً كأمهات ويساعدنا في تربية البنات لما يصلن للمرحلة الثانوية ونحن في هذه البلد الطيب بحاجة الى المحاضرات لأن فيهن الخير والبركة والدعوة النبوية).

تقول السيدة ظلال الخالدي من الأردن: (عملت سابقاً في التعليم وأجد أن خطة مكتب جنوب الرياض هي إتاحة الفرصة للطالبات وأولياء أمورهن لوضع البرامج والخطط لتوجيه وإرشاد الطالبات والكفيلة بتلمس احتياجاتهن عن طريق تفعيل اللجان الإرشادية في المدارس. وهو ما أشعر معه بالثقة والأمان بتواجد بناتي في المدرسة).

وباركت السيدة فدوى أحمد درويش من مصر اللقاء بقولها: (أنقل لكم تحياتي وإعجابي اللا محدود بالملتقى المميز، فحقيقة أجاد هذا اللقاء الجميل والرصين في المواضيع وأنتج وأبدع وكان مجالا للتحاور والحديث والعطاء بدون حدود لدي مقترح بسيط بشأنه أقترح وضع صندوق في كل مدرسة لمكتب الإشراف لنقل آراء ومساهمات الأمهات وهذا يسهم في تطوير مثل هذا اللقاء).

بينما أدلت السيدة ابتهال من سوريا برأيها حول بعض المواضيع المطروحة: (صدقوني الأخطاء في التربية والتفكك الأسري الذي تتحدثون عنه لا يستطيع محاربته سوى الله، لأنه للأسف منتشر بسبب البعد عن الله ويحتاج أن ندرك أنفسنا حتى لا يضيع أبناؤنا وبناتنا).

وتحدثت السيدة أم وئام من تشاد بقولها: (أود في البداية أن أتقدم بالشكر لكل اللاتي شاركن ووضعن اللقاء، إذ إنه فعلاً تناول موضوعا في صميم الواقع الذي نعيشه، حيث إن الخطأ في التربية أو غياب الأم عن بناتها يؤدي إلى كوارث ومآس كبيرة).

وتعرضت السيدة أم صابرين من السودان لجوانب خاصة أثرت في السلوك للمجتمع وهي الفضائيات وقالت: (مؤسف أن نجد هناك قنوات فضائية أثرت في الطالبات والمجتمع مما جعل التلفزيون يسير بالطفل حيث يشاء دون الاكتراث إلى مصير هذا الطفل وما الذي ستؤول إليه حال هذا الطفل في المستقبل والتذكير بالمحاضرات يساعد في توعية الأهل دائماً).

وختمت هذه الآراء أم عهد من اليمن الشقيق بقولها: (كنت بحاجة لإعادة نظر في تعاملي مع بناتي وهذا اللقاء ساعدني في معرفة الطرق المناسبة للتعامل معهن، أشكر الأستاذات والعلمات والمديرة المهتمات ببناتنا وجزاهن الله كل خير).

في الجانب الآخر تحدث بعض الطالبات عن انطباعاتهن:

الطالبة سارة تقول: (حضور والدتي هذا الملتقى حل مشكلة قائمة لدي هي رغبتي في الحديث والتحاور معها ومنذ الأمس ونحن في حوار طويل تجددت به علاقتي معها وتوطدت أكثر).

الطالبة مودة تقول: (أخاف في أحيان كثيرة من مصارحة أمي في أمور خاصة وألجأ لمعلماتي اللاتي ينصحنني ويرشدنني وأتمنى أن تكون أمي مثلهن).

وتقول الطالبة بشرى: (عندنا في المنزل اهتمام كبير من أمي وحرص شديد وزائد وتلزمني وأخواتي بأمور كنت أحسبها مخطئة فيها ولكن يوم حضرت أمي وتناقشنا فيها شعرت أن أمي صارت أقرب لي من قبل وفهمت وجهة نظرها السابقة).

الطالبة شمائل تقول: (كلما رأيت أمي في مدرستي شعرت بالسعادة وأنها إلى جانبي خاصة أنني في آخر المرحلة الثانوية وأشكر من دعوا أمي الحبيبة هنا).

الجدير بالذكر أنه تم توزيع عدد من الاستبيانات من قبل مركز جنوب الرياض بهدف إيجاد نوع من دراسة الحالة قائم على تقييم النفس من قبل كل من الطالبات وأمهاتهن من حيث علاقة الطالبة بوالدتها والخطوات التي تتعامل بها معها، وأجرى حوارا داخليا مع النفس خلال استبانة الأمهات حول تقييمها تربيتها أبنائها.

ونظراً للإقبال وما حظي به الملتقى من إقبال الأمهات فقد قرر مركز جنوب الرياض تنظيمه الأسبوع المقبل في كل من المتوسطة 188 في حي الفيصلية والمتوسطة 124 في حي غبيرة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد