«الجزيرة» - نواف الفقير
كشفت مصلحة الإحصاءات العامة أمس أن التضخم السنوي بالمملكة ارتفع إلى 8.67% في فبراير بدلا من 6.99% في الشهر السابق وكان معدل التضخم في يناير الأعلى بالفعل على مدى 25 عاما.
وفقا لتقرير حديث أصدره صندوق النقد الدولي توقع انخفاض معدلات التضخم في معظم دول الخليج عام 2008 إلا أن التضخم لا يزال يشكل هاجسا لدول الخليج إضافة إلى التحدي الذي يرسمه التضخم خاصة مع ارتفاع أسعار النفط وانخفاض قيمة عملاتها الوطنية مع تراجع سعر الدولار.
وتستضيف البحرين اليوم منتدى لوضع آلية واضحة للحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار في دول للمجلس بعد أن سجلت بعض منها ارتفاعات عالية في نسب التضخم.
وأوضح أمين عام اتحاد غرف دول المجلس عبدالرحيم نقي أن المنتدى يقام في وقت شهدت فيه الأسعار ارتفاعا ملحوظا مما دفع دول المجلس إلى استصدار قرارات وقتية بزيادة رواتب الموظفين أو صرف بدل غلاء معيشة بسبب موجة ارتفاع الأسعار يشارك فيه عدد من الخبراء والمسؤولين وممثلو الدول والغرف الخليجية والمجموعات الاقتصادية الدولية الذين سيركزون على بحث عدة قضايا أساسية منها الأسباب والتوجهات المستقبلية لارتفاع الأسعار تتضمن دراسة واقع ارتفاع الأسعار عالميا وارتفاع الأسعار بوصفها ظاهرة اقتصادية.
وبين نقي أنه ستتم خلال المنتدى مناقشة دور السوق الخليجية المشتركة في مواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار وعرض الدور الذي قامت به الأجهزة الرسمية والأهلية في الحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار إلى جانب تجارب بعض الهيئات والدول العربية والدولية في مكافحة التضخم واستعراض عدة تجارب دولية في هذا المجال كالتجربة الماليزية وتجربة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.
وقال نقي :(إن تزايد حجم استهلاك السلع الاستهلاكية في الخليج يعود للنمو السكاني في دول المجلس وتنامي الأعمال والاستثمارات في المنطقة خصوصاً مع دخول قطاعات وشركات عالمية للمنطقة للعمل فيها).
ودعا دول المجلس إلى إقامة مشاريع صناعية تعمل على توفير منتجات عالية الجودة والعمل على فتح أسواق جديدة خليجيا وعربيا.. مشيرا إلى أن ذلك يتطلب تبني سياسات وأنظمة تطويرية في قطاع الصناعات الغذائية يتمثل في إقامة مناطق خاصة بهذه الصناعات وتوفير خدمات الكهرباء المياه وغيرها بأسعار تفضيلية وإتاحة الفرصة للمستثمرين الأجانب والعرب للدخول في هذه المشاريع والاستمرار في تقديم الدعم والإعفاءات والامتيازات الجمركية للصناعات الخاصة بالسلع الاستهلاكية وبشروط أفضل بالمقارنة مع المشاريع والصناعات الكبيرة وتسهيل الإجراءات الروتينية أمام هذه الصناعات سواء في مرحلة الإنشاء والتأسيس أو مرحلة الحصول على الإعفاءات والامتيازات.
وفي تعليقه على منتدى المنامة اليوم قال الاقتصادي البحريني أحمد اليوشع إن جزءا غير قليل من أسباب التضخم تعود إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية بسبب تراجع الدولار.
وأشار في حديثه أن أحد الأسباب الواضحة للتضخم في البحرين تعود لانخفاض قيمة الدينار البحريني بسبب تراجع الدولار.
ورأى اليوشع أن الادعاء بان أسعار النفط هي السبب وراء التضخم سبب غريب وعجيب مؤكدا أنه لم يثبت حتى الآن وجود صلة بين ارتفاع أسعار النفط والتضخم.
وأشار الاقتصادي اليوشع إلى أن تقليل حجم السيولة وخفض الإنفاق الحكومي ورفع سعر الفائدة وجملة من السياسات المالية والسياسات النقدية توفر الوسائل الممكنة للحد من إجراءات التضخم.
مؤكدا في الوقت نفسه أن هذه الحلول محفوفة بالمحاذير ونجاحها مرتبط بقرار جماعي لدول الخليج ككل.
وقال إن رفع سعر الفائدة أحد الحلول لكن ارتباط عملات دول الخليج بالدولار يجعل السلطات النقدية غير قادرة على اتخاذ هذه الخطوة لأنها تريد خفض أسعار الفائدة بعد تراجع قيمة عملاتها.
لكن لا يعني هذا أن نصل لفك الارتباط بالدولار ولكن نرفع قيمة العملة الوطنية في قرار جماعي لدول الخليج.
من جهته أوضح المحلل الاقتصادي والمالي فضل البوعينين أنه لا يمكن أن تختزل العوامل المؤثرة في التضخم بسبب واحد ولكن فهناك عدة عوامل اجتمعت وأدت إلى رفع نسب التضخم إلى مستويات عالي وأضاف: لا يمكن أن نقول إن ضعف الدولار مقابل العملات الأجنبية وبالتالي ضعف العملات الخليجية بالتبعية كان السبب الرئيسي للتضخم بل هو أحد عدة أسباب ساهمت بارتفاع معدلات التضخم منها زيادة معدلات الإنفاق الحكومي عن مقدرة الاقتصاد على تحملها إضافة إلى ارتفاع معدلات السيولة في السوق وأيضا انخفاض قيمة العملات الخليجية مقابل العملات الأجنبية نتيجة ارتباطها بالدولار أو ما يمكن أن نشير له بالتضخم المستورد إضافة إلى سبب آخر وهو التضخم العالمي.
ويضيف البوعينين هناك سبب آخر وهو الضعف في الرقابة على الأسواق وكذلك لأسعار النفط المرتفعة.
وذلك على اعتبار أن النفط مادة أساسية في الطاقة والتي تقوم عليها المصانع الإنتاجية وبذلك من الطبيعي أن ترتفع أسعار السلع العالمية كنتيجة مباشرة لارتفاع تكلفة الإنتاج.
وأشار البوعينين أن الحلول ترتكز على ضبط السياستين المالية والنقدية والعمل على رفع قيمة العملات الخليجية مقابل الدولار ومن الأفضل أن تكون بصورة جماعية إضافة إلى تشديد الرقابة على الأسواق واستمرار الحكومات الخليجية في دعم السلع الأساسية والبحث في إمكانية استيرادها بأحجام ضخمة وعرضها بأسعار التكلفة لتحقيق عامل الإغراق الذي يؤدي بالتبعية إلى خفض الأسعار يذكر أن دراسة نشرتها الأمانة العامة لاتحاد الغرف الخليجية أوضحت أن توفر السيولة الذي يصاحبه عرض ثابت من السلع والخدمات وانخفاض قيمة العملات الوطنية جراء تراجع الدولار سببان رئيسيان للتضخم.
وأشارت إلى أن إجمالي واردات دول الخليج قفز من 154.5 مليار دولار عام 2003 إلى نحو 376 مليار دولار في 2007 بنسبة زيادة قدرها 143%.