عقد في رحاب جامعة الملك سعود المؤتمر الدولي الرابع للتنمية والبيئة في الفترة 10-11-3-1429هـ وقد نوقش في المؤتمر أكثر من أربعين بحثا وورقة عمل بالاضافة إلى المحاضرات العامة وحلقات النقاش نظم المؤتمر الجمعية السعودية للعلوم الزراعية وقد بذل فيه المنظمون جهداً واضحاً وكبيراً أدى إلى نجاح هذا المؤتمر وكانت لي فرصة سريعة للحديث مع الدكتور حمزة أبوطربوش رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر الذي كان منشغلاً بشكل كبير بترتيب أمور المؤتمر هو وزملاؤه بحيث لم تسنح لي فرصة أن أذكر له ملاحظتي حول أن موضوعات المؤتمر خلت من موضوع التربية البيئية ولذلك سأتحدث بشكل مختصر عن التربية البيئية من واقع الدراسات، فالتربية البيئية من الموضوعات التي لها امتداد في التاريخ الانساني والاهتمامات البشرية كما حظيت باهتمام الإسلام وهناك من يرجع نشأة الاهتمام بالتربية البيئية إلى القرن التاسع عشر مع بداية محاولات ربط التربية بنوعية الحياة ويمكن القول إن التربية البيئية أخذت طوراً متميزاً في هذه المرحلة لما اكتسبته من أهمية ارتبطت بمشكلات البيئة المتزايدة وضرورة الوعي بأبعاد هذه المشكلات التي تمثل تهديداً للبيئة. ومع أواخر القرن العشرين حظيت التربية البيئية باهتمام دولي غير مسبوق تحت رعاية اليونسكو والأمم المتحدة وعقدت من أجلها المؤتمرات وورش العمل والندوات بهدف تنمية الوعي البيئي بين جميع سكان العالم وذلك من خلال البرامج التي تجمع بين عدة فروع علمية للتربية البيئية في المدرسة وخارج المدرسة.
تذكر الدراسات أن التربية البيئية عملية تهدف إلى تهيئة الأفراد لتحمل مسؤولياتهم نحو الحفاظ على البيئة وتبديل سلوكهم ليصبح متفقاً متناغماً مع كل ما من شأنه ضمان بيئة صحيحة بما يتطلب مساهمة الأفراد بشكل ايجابي في كافة الأعمال الهادفة إلى حماية البيئة والارتقاء بالجهود المبذولة في حل المشكلات على المستويات الوطنية والاقليمية والدولية وهي عملية تستهدف توضيح المفاهيم واكتساب وتنمية المهارات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات التي تربط بين الإنسان وثقافته وبيئته الطبيعية الحيوية إلى جانب التمرس على عملية اتخاذ القرارات البيئية وكذلك فإن التربية البيئية عملية تهدف إلى دراسة النظام الطبيعي والنظام الاجتماعي دراسة شاملة ومعالجة الواقع البيئي ككل وتدعيم المواد الدراسية المختلفة بحيث تكون علماً بيئياً واحداً يمكن الطلاب من النظر إلى العالم نظرة موحدة وهناك بعض المبادئ والمنطلقات الرئيسة التي تقوم عليها التربية البيئية منها التوجه بالتربية البيئية نحو تحقيق الغايات الانسانية العليا، والأخذ بنظرة جديدة وسلوك أكثر ملاءمة لمطالب الفرد والطبيعة معاً، واعتبار التربية البيئية كفاحاً جماعياً ومسؤولية مشتركة من أجل البشرية جمعاء ومن أجل حياة أفضل وهناك بعض التوجهات تجمع بين الغاية من التربية البيئية ووسيلتها معاً منها العقلانية أي أن تناول المشكلات البيئية يجب أن يقوم على العقل والمنطق واحترام الرأي والنظرة الكلية والتي يجب توافرها لدى متخذ القرار وبحيث يأخذ في الاعتبار طبيعة العلاقات المعقدة بين الأنظمة البشرية والطبيعة وما لمشكلات البيئة من أبعاد زراعية واقتصادية واجتماعية وسياسية والتفاعل المتبادل فالبيئة ذات بنية معقدة مما يقتضي التركيز على التفاعلات المتبادلة بين الجوانب الفيزيائية والبيولوجية والاجتماعية والثقافية وما يتطلبه ذلك من تنمية القدر على فهم عمليات التغير البيئية والمستقبلية حيث ضرورة تجاوز الأوضاع البيئية الراهنة نحو الاهتمام بالمستقبل وكذلك توظيف الماضي من أجل الحاضر وهناك أيضاً الأساس الاجتماعي حيث ضرورة تنمية الوعي لدى الأفراد تجاه مشكلة البيئة وتنمية الشعور بالمسؤولية نحو البيئة المحلية والعالمية، والمشاركة النشطة وذلك من قبيل التعليم الإيجابي والفعال الذي يقوم على مشاركة المتعلم والممارسة العملية وتلمس عوامل التغيير الفعالة والاهتمام باتخاذ القرار حيث ضرورة فهم كيفية استجابة الناس في حياتهم الواقعية للقرارات البيئية واهتمام رجال التربية والبيئة بكيفية توصيل رسالتهم إلى متخذ القرار بحيث تكون هذه الرسالة محدودة ومفهومة، وعلى رب العالمين الاتكال.
كلية التربية - جامعة الملك سعود