في يوم الوداع حيث كان يوماً ليس كبقية الأيام اجتمعنا فيه، وقد خالط الحزن الفرح وتعانق الأحبة وتبودلت التحايا والتهاني وقبلات الوداع للمفارق وقبلات اللقاء للزملاء الذين اجتمعوا في بيتهم الكبير. كان يوماً ودعنا فيه صديقاً وزميلاً وأخاً تعاملنا معه لعدة أعوام مضت وكأنها ساعات طواها الزمن وملئت صفحاتها بالحب والاحترام المتبادل بين الجميع تحت سقف واحد يجمعهم حب الجزيرة والعمل من أجل أن تبقى مميزة كعادتها, إنه زميلنا وصديق الجميع (الأمين العوض) رئيس قسم الملاحق الصحفية ب«الجزيرة» كنت ممن عايش التعامل معه لأكثر من 20 عاماً كان مثالاً في الخلق وحسن التعامل والثقة المتبادلة، فيما بيننا لا ننظر إلى التواقيع أو الأوراق الروتينية التي قد تعيق العمل ولكن كانت النظرة الوحيدة هي لصالح العمل فقط وكانت بيننا الثقة بالكلمة وحسن النية والصدق الذي لم يحصل منه أي اختلاف على مدى الأعوام الماضية.
ابتسامته لا تفارق شفتيه حتى عندما يغضب فإن غضبه يخالطه الضحك في النهاية وبسبب حرصه على إنجاز العمل في حينه، أكثر ما أعجبني فيه أنه لا ينظر إلى الساعة، بل ينظر إلى العمل الموكل إليه متى ينتهي وبعدها ينظر إلى الساعة ليغادر العمل.
افتقده الجميع من رئيس ومرؤوس وكعادة «الجزيرة» في التكريم والتقدير للعاملين بها تحولت في يوم الاحتفال إلى بيت كبير وموظفيه إخوة يسكنون فيه يجمعهم قبل الزمالة الإخوة التي شاهدوا في مسئوليها القدوة في حسن الخلق والتواضع وتقدير الآخرين.
لن أتحدث عن الحفل بما فيه من كلمات أو هدايا ولكن انظر إليه من زاوية أخرى عندما يجتمع الموظفون بالمحررين ورؤساء الأقسام والإداريين وكلهم يجمعهم الحب والاحترام المتبادل والابتسامة التي تعلو الوجوه شاركهم سعادة المدير العام وسعادة رئيس التحرير رغم مشاغلهم وأوراق تركوها على مكاتبهم ليعودوا بعد التكريم لإكمال أعمالهم حيث اعتبروا تكريم زميل عمل لسنوات شيء مهم عودونا عليه مما يجعل الموظف يعتبر نفسه بين إخوة له يفرحون لفرحه ويألمون لألمه يسمعون همومه ويشاركونه حلها حسب الاستطاعة.
عندما تحدث مساعد المدير العام لشؤون التسويق عبدالوهاب القحطاني، وأشاد بالمحتفى به وعمله وتفانيه على مدى أكثر من 20 عاماً مضت والجميع من زملائه يحاولون منع دمعة تأبى إلا أن تخرج من حزن الوداع وفراق زميل عزيز. مع أن بعضهم لم يحتمل رؤية الوداع ومظاهر الحفل وذلك عندما ساءت عن زميله بالمكتب صديق عمره (صديق) الذي كنت أعتقد أن ظرفاً صحياً منعه إلا أنه قال (ماقدرت) وبسؤاله للإيضاح قال لم أحتمل الوداع وقد بدا عليه الحزن الشديد على فراق زميله. مظاهر قلما تجدها في بعض البيوت فكيف وقد حصلت بمبنى«الجزيرة»الذي حوله مسئولوه إلى بيت كبير يفرح به الجميع ويحزنوا إذا أصاب أحدهم حاجة. لقد كسبت الكثير من ذلك اللقاء وتعلمت أكثر من ذلك التكريم الذي لا يعرف معناه إلا من يقدر أهل التكريم ومعنى التكريم الحقيقي النابع من القلب.