إن العرضة جاءت تطوراً لعادة عربية قديمة عرفها العرب منذ الجاهلية في حالة الحرب، وإن لم تُوجد نصوص في التراث العربي القديم يُمكن الربط بينها وبين واقع العرضة المعروفة اليوم.. لكن الملاحظ أن أركان العرضة الأساسية كانت ملازمة للحرب منذ الجاهلية، فالطبول تُقرع منذ القِدم في الحروب، والسيوف تُحمل، والشعر الحماسي، كل هذه تُعتبر عناصر أساسية للعرضة.

وفي نجد هي أيضاً تُعتبر رقصة الحرب، بل إنها أول نُذر الحرب امتداداً للموروث العربي الأصيل والتي يقوم بها المحاربون استعداداً للقاء الخصم، وتعبيراً عن عدم مبالاتهم بقتاله حيث يقومون بتخويف الخصم من الناحية النفسية.. وهذه تُعتبر خبرة وذكاء لدى جيش الملك الموحد الملك عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه -، وزيادة في حماسة جيشهم وجنودهم وقائدهم.

وشعر العرضة هو أهازيج الحرب، يصدحون به بصوت عالٍ معلنين التحدي، أو مفتخرين بالنصر، وقد تطول الفترة الزمنية للعرضة فتستمر ساعات عدة.. ويصف شعر العرضة الأديب الشيخ عبد الله بن خميس بقوله: والشعر الحربي هو اللكنة التي يفزعون إليها والمقالة التي يصدعون بها والمعوّل الذي يجتمعون حوله ويقفون وراءه.. فإذا حزب الأمر ودعا الداعي وبلغ السيل الزبى والحزام الطبيين، نادى المنادي بالبيشنة، أو صوت بالحوربة وهرع بأعلى صوته ليستجيب له من حوله.. ومن ثم يهزج بها تتفق والغرض وتتلاءم والداعي ليردها الفريق الأول في صفه المنتظم ثم يتلقاها الفريق الثاني في صفه كذلك.. وإذا طاب لهم الصوت وتناغم الهاتف قُرعت الطبول على نحو رتيب وتجاوب عجيب، تأخذ طائفة من أهل الطبول إيقاعاً واحداً، وتأخذ الطائفة الأخرى شكلاً من الإيقاع يُخالف الشكل الأول يُسمى (الإثلاث)، لكنه يعطيه نغمة وتوقيعاً مؤثراً تبدأ معه حركات الصفوف وهز السيوف على نحو يتفق والإيقاع، فتراهم كتلة واحدة متحركة في نبرات أصواتها وحركات أجسامها ونغمات طبولها آخذة حركة متسقة متلائمة طُبعت على قدر من التوازن والتّواؤم كأنما هي أُريدت هكذا طبعاً وأصالة.

ومن أبرز شعراء كثيرين في قصائد العرضة: أمير عنيزة زامل السليم، ومحمد العوني، وأمير شقراء عبد الرحمن البواردي، وأبو جراح السبيعي، وإبراهيم القاضي، وناصر العريني، وعبد الله الصبي (مبيلش)، والصغير، الحوطي، وعبد الرحمن بن صفيان.

وتُمثِّل العرضة السعودية التي يرعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أحد أهم نشاطات المهرجان الوطني للتراث والثقافة والتي تُعبّر عن وحدة الوطن واتحاد الشعب والقيادة.

وقد تقرّر إدخال العرضة النجدية ضمن المناهج الرياضية في المدارس قبل عامين، وعممت وزارة التربية والتعليم على كافة الإدارات التعليمية للحفاظ على هذا الإرث الثقافي الأصيل مع الأجيال القادمة..

والله الموفق.