بحضور نخبة من الباحثين والمفكرين وعدد من الشخصيات العامة المعنية بالشأن الثقافي والفكري يحتفل اليوم في العاصمة السعودية الرياض بتدشين النسخة العربية من مشروع الكتب العالمية عن الإسلام والمملكة الذي شارك في إعداد مادته العلمية (77) باحثاً ومفكراً وسياسياً من داخل المملكة وخارجها بثلاث لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية. وذلك في احتفال يقام خصيصاً بهذه المناسبة بفندق شيراتون الرياض.
وأكد المشرف العام على المشروع عضو مجلس الشورى السابق د. بدر بن أحمد كريم أن جهود التعريف بالإسلام والمملكة ينبغي أن تتواصل، وتتواصل معها إيصال المعلومة الموثقة إلى الآخر، وقال إن هذا المشروع العملاق فكرة وهدفاً ورسالة يقدم للعالم الصورة الحقيقية للمملكة العربية السعودية ودورها الفاعل على المستوى العربي والإسلامي والدولي والذي يتأكد كل يوم.
وأضاف د. بدر كريم هذا الجهد يجب أن يكون الشغل الشاغل للمفكرين والمبدعين الذين يؤمنون بضرورة تلاقي المفكرين والمثقفين والإعلاميين على كلمة سواء.
وقال د. بدر كريم - نحن نأمل أن يكون هذا المشروع نقطة انطلاق لمؤسساتنا الفكرية والثقافية لتقوم بدور أكثر فاعلية في خدمة رسالتنا الثقافية والحضارية.
من جهته أكد الأستاذ الدكتور محمد بن سعود البشر رئيس الفريق العلمي أن مشروع الكتب العالمية يحاول تقديم رؤية موضوعية ومنصفة عن المملكة العربية السعودية وعن الإسلام في إطار عالمي يعتمد المعلومة الدقيقة والموثقة والتعريف بمنجزنا الحضاري وإسهامنا الإنساني على الأصعدة كافة.
وأضاف الدكتور البشر أن الانفتاح الثقافي العالمي يتطلب أن نقدم أنفسنا إلى الآخر، لا أن ينوب عنا أحد في تعريف الآخر المختلف ثقافياً وحضارياً بنا، وهذا يتطلب جهداً علمياً وبحثياً تنهض به مؤسسات مختصة قادرة على أن تقدم الحقيقة المتجردة والمعرفة الموضوعية للباحثين والمنصفين.
وأوضح رئيس الفريق العلمي أن العالم في الشرق والغرب متعطش للمعلومة المتزنة، وقد ازداد اهتمامه بالمملكة العربية السعودية بوصفها مهد الإسلام ومنطلق دعوته، ولحضورها الفاعل على الصعيد الدولي سياسياً واقتصادياً وهذا مدعاة لبذل مزيد من الجهد المنظم والواعي المنضبط في التعريف بنا. وهذا ما يهدف إليه مشروع الكتب العالمية عن المملكة والإسلام وما تؤسس له وما يستند إليه نهجها العلمي.
من جانبه قال الأستاذ عبد العزيز بن زيد آل داود المدير العام لدار غيناء للدراسات والإعلام الناشرة للكتب العالمية: كان قدرنا في المملكة مهد الإسلام. أن يلصق بنا النصيب الأكبر من الصفات وهو ما اتضح بقوة بعد أحداث 11 سبتمبر. حيث تعرض الإسلام والمملكة لحملة غير مسبوقة، كانت غطاء لما سمي بالحرب على الإرهاب.. وترسيخاً للصور الشائهه المستقرة في أذهان أبناء الغرب.. وسبق ذلك دعاوى (صدام الحضارات) ومحاولة تقديم الإسلام (كعدو) للحضارة الغربية.
وأضاف الداود: من هنا تأتي أهمية مشروع الكتب العالمية عن الإسلام والمملكة كخطوة على طريق تقديم صورة صحيحة موضوعية قادرة أن تحل بديلاً عن الصورة الشائهة التي تمكنت من أذهان أبناء الغرب، بفعل التقادم، والإلحاح الإعلامي الغربي لتثبيتها من جهة - وتقصيرنا في مواجهة هذا الأمر في حينه من جهة أخرى.
وأردف عبدالعزيز آل داود قائلاً: نحن مطالبون بخطاب عالمي يقدمنا للآخرين، مؤسس على الشراكة في هذا الكوكب الذي نعيش فيه ونتفاعل في ظله، ومن ثم فإن مشروع الكتب العالمية عن الإسلام والمملكة العربية السعودية هو جهد يصب في مصلحة التعريف بنا، وتأكيد صورة حقيقية جادة عن حضارتنا وأننا ننشد التفاهم والتقارب والحوار الرشيد لخير الإنسانية ومستقبل أفضل للأجيال الجديدة.
المرتكزات الفكرية للمشروع
يؤسس مشروع الكتب العالمية عن الإسلام والمملكة العربية السعودية لعدة منطلقات يمكن إجمالها في المرتكزات التالية:
- توجهه إلى الآخر الغربي بأسلوبه ونهجه ومنطقه عن الأشياء، ومخاطبة العقل الغربي الذي يبحث عن الحقيقة المنصفة والحوار الموضوعي المقنع.
- الحديث عن المرأة المسلمة والسعودية وتقديمها بصورة موضوعية ورؤية هادئة هدفها بيان الواقع المعاش.
- بيان دور الإسلام في التعريف بالديانات السماوية الأخرى واحترامه لكافة الأنبياء والرسل.
- إيضاح الموقف من الإرهاب من الناحية الشرعية والسياسية والثقافية وإبراز الجهود السعودية والإسلامية في مكافحة الإرهاب كظاهرة عالمية.
- الوفاء بالمعلومة عن المملكة (دولة وكياناً) من خلال الإجابة على كثير من التساؤلات في السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع مما يساعد على التواصل المعلوماتي بين الشعوب.
ثمانية كتب أهم نتاج المشروع
ويضم مشروع الكتب العالمية المحتفى بتدشينه إصدارات تغطي جميع جوانب هذه الرسالة الثقافية والحضارية منها كتاب (المرأة في السعودية.. رؤى عالمية) والذي يضم شهادات لسيدات من خارج المملكة وداخلها حول واقع المرأة وما تنعم به في كنف الإسلام من صيانة واحترام لحقوقها.
ويشارك المفكر الإسلامي الكبير زين العابدين الركابي في هذا المشروع العالمي بكتاب بعنوان (علاقات الكبار... النبي محمد يقدم أخاه المسيح للبشرية...) والذي يقدم دفاعاً عقلانياً موضوعياً عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحملات المغرضة والمشوهة التي استهدفت النيل من مقامه الكريم في ظل اختلال موازين المعرفة عند بعض أبناء المجتمعات الغربية، ويقدم الكتاب براهين في القرآن الكريم والسنة على احتفاء نبي الإسلام بإخوانه الرسل والأنبياء عامة والمسيح عليه السلام بخاصة.
ويتضمن مشروع الكتب العالمية أيضاً كتاب بعنوان (النظام السياسي للسعودية.. رؤية شرعية) من تأليف الأستاذ الدكتور عبدالله بن إبراهيم الطريقي، والذي يتوجه إلى النخب السياسية والفكرية والثقافية في الغرب مستعرضاً أهم القضايا المرتبطة بالنظام السياسي للمملكة من وجهة النظر الإسلامية والأنظمة المعمول بها.
أما كتاب المملكة (بعيون زوجة دبلوماسي) فيعد توثيقاً مهماً لعدة سنوات قضتها الكاتبة أيلفيرا أراسلي في المملكة، ورصدت خلالها جميع مظاهر الحياة السياسية والاجتماعية. (خطاب إلى الغرب.. رؤية من السعودية)، من إعداد نخبة من العلماء والمفكرين والأكاديمين السعوديين يقدم رؤية وسطية في الرد على القضايا والشبهات التي تثار ضد المملكة والإسلام في وسائل الإعلام الغربي.
ومن إصدارات المشروع أيضاً كتاب (السعوديون والإرهاب.. رؤى عالمية) والذي شارك فيه كوكبة من أبرز العلماء والمفكرين والسياسين والإعلاميين من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا والدول العربية.. وكتاب (الإصلاح المجتمعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية)، والذي يتضمن رؤية شمولية للقضايا المحورية في موضوع الأمر بالمعروف النهي عن المنكر ومؤسسته الرسمية بالسعودية، وهي رؤية موجهة إلى الغرب بمصادره السياسية والفكرية والإعلامية ابتغاء تجلية الحقائق المغيبة.
ويقدم كتاب (مائة سؤال عن السعودية) صورة شاملة ومختصرة لأوجه الحياة العامة بالمملكة من خلال الإجابة على كثير من التساؤلات التي قد تتبادر إلى ذهن الآخر في صياغة بسيطة وواقعية، تجعل من الكتاب مرجعاً مفيداً للتواصل المعلوماتي والتفاعل الثقافي بين المملكة والدول الأخرى وشعوبها.
رسالة المشروع للآخر الغربي
يستهدف المشروع مخاطبة العقل الغربي بالدرجة الأولى في محاولة لتأسيس وبناء مرتكزات للحوار الموضوعي القائم على احترام متبادل بين الإسلام والغرب من خلال تعريف الآخر بموقف الإسلام من قضايا مثل (الإرهاب) بوصفه ظاهرة لا دين لها ولا وطن، والتعريف بالإسلام بوصفه ديناً لا إكراه فيه، من خلال خطاب هادئ وعلمي، وأدلة واقعية ملموسة تتزايد فرص قبولها لدى الغرب، بعيداً عن دعاوى الهيمنة أو الصراع الحضاري أو تبادل الاتهامات، وبما يغلق الباب أمام أي ممارسات ناتجة عن نقص معرفة المجتمعات الغربية بالإسلام والمملكة، وباللغات التي يجيدها الغرب وخاصة الإنجليزية والفرنسية.
يتضمن حفل التدشين الذي دُعي له أكثر من (300) عالم ومفكر وأكاديمي وإعلامي عرض فيلم وثائقي عن المشروع وكلمات لعدد من المشاركين لتقديم إيجاز عن إطروحاتهم الفكرية الخاصة بالمشروع. كما خصصت قاعة للنساء دعي لها عدد من المعنيات بالفكر والثقافة والمشاركات في المشروع والإعلاميات وسيدات المجتمع، وسيتم نقل الحفل لهن عبر الدائرة التلفزيونية التي أعدت خصيصاً لهذه المناسبة.