«الجزيرة» - نواف الفقير
كشف علي الحمزة رئيس لجنة المجمعات الطبية بغرفة الرياض، أنّ المرافق الطبية الحكومية باتت لا تمتنع من التعاقد مع من هم على رأس العمل بالقطاع الخاص، وقال إنها أصبحت تحفزهم على تقديم الاستقالة من جهات عملهم للالتحاق بها، مهمشة حق صاحب العمل الخاص الذي قام باستقدام العمالة في منعهم من العمل بالمملكة في حالة إنهاء تعاقدهم وفقاً لنظام العمل، كما أنها لا تهتم بعدم وجود شهادات خبرة من القطاع الخاص، ولا يعنيها حصول الكوادر الطبية التي تتعاقد معها على شهادة تأهيل من قِبل هيئة التخصصات الصحية.
وأضاف: المستثمرون بالقطاع الصحي الخاص، يواجهون ضغطاً لا يستهان من خلال المنافسة غير المتكافئة التي تضطر القطاع إلى تحمل زيادة كبيرة في تكلفة مشاريعه الصحية، في محاولة منه لتقليل الفارق الكبير بين ما تقدمه المرافق الطبية الحكومية من مزايا للعاملين لديها، وبين ما يقدمه القطاع الخاص سواء لمن هم على رأس العمل لضمان استمراريتهم أو المستقدمين الجدد للعمل، وقال ل (الجزيرة): لو استمر الوضع على ما هو عليه الآن، فسيأتي وقت لا يجد القطاع الطبي الخاص بمن يرضي بالعمل لديه، إلا من غير ذوي الكفاءات .. ويضيف: يمثل هذا تدميراً صريحاً للقطاع الطبي الخاص، وإهداراً لرؤوس أموال طائلة مستثمرة في هذا المجال .. مشيراً إلى أن الخيار الوحيد والمتاح هو رفع رواتب العاملين فيه، مما ينعكس بقوة على ارتفاع أسعار الخدمات الطبية مع توقف المنشآت الطبية الخاصة في المناطق النائية، باعتبار أنها لا تستطيع منح مثل هذه الرواتب والمزايا للعاملين لديها.
وكشف الحمزة عن تكرار فشل الكوادر الطبية في اجتياز تقييم هيئة التخصصات الصحية لمرات عديدة، وبالتالي فسخ تعاقداتهم مع القطاع الصحي الخاص لعدم حصولهم على ترخيص مزاولة المهنة من وزارة الصحة، لعدم اجتيازهم امتحان التقييم، مستغرباً من أن هذه الكوادر الطبية نفسها سبق وأن عملت بالقطاع الحكومي لسنوات طويلة ولديها شهادات خبرة منه.
ونوّه رئيس لجنة المجمعات الطبية بأن تلك الظاهرة لم تكن موجودة من قبل، عندما كانت الرواتب والمزايا بالقطاع الحكومي ليست بأفضل منها بالقطاع الخاص، بل كان الأخير يتميز بوجود وسائل تحفيز تجعل بعض العاملين في المجال الطبي يميلون للعمل لديه، ولكن ارتفاع الرواتب بالقطاع الحكومي طغى على كل ذلك، ولم يعد ذوو الكفاءات متحمسين للقطاع الخاص، ما دام القطاع الحكومي يشبعهم مادياً دون أن يطالبهم بأي جهد زائد، فهم موظفون يتقاضون رواتبهم المرتفعة بأقل جهد ممكن.
وأشار الحمزة إلى أن معظم الحاصلين على المؤهلات في المجال الطبي (سعوديين وأجانب) يميلون للعمل لدى القطاع الحكومي، نظراً لأنه من وجهة نظرهم أكثر استقراراً وأمناً، بالإضافة إلى أن المزايا المادية به أفضل من القطاع الخاص، مما يشير إلى أن هنالك جهتين، الأولى حكومية تمتلك كل مقومات الجذب التي لا تقاوم وتدعمها جميع أجهزة الدولة، وفي المقابل جهة ثانية أهلية محدودة القدرات ومكبلة بنظم وقوانين تطبق عليها دون سواها، وهذا ما يجعل العاملين بالقطاع الطبي الخاص يهجرونه للعمل بالقطاع الحكومي للتمتع بمزاياه.
ويبلغ عدد المرافق الطبية الحكومية بالمملكة التابعة لوزارة الصحة، حوالي 250 مستشفى و2000 مركز صحي، في حين يبلغ عدد المرافق الطبية الخاصة حوالي 105 مستشفيات و1059 مستوصفاً و 795 عيادة طبية، وتشكل مستشفيات القطاع الخاص نسبة 19% تقريباً من إجمالي عدد الأسرّة بالمستشفيات السعودية، كما يضم القطاع الخاص 30% من الكوادر الطبية العاملة بالمملكة .. ويتضح من تلك الأرقام قدرة القطاع الحكومي على استيعاب أكثر من ضعفين ونصف حجم العمالة الموجود بالقطاع الخاص.