منذ أن بدأت أزمة المفاعل النووي الإيراني بين إيران ودول الغرب بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة الشرق الأوسط تعيش في توتر وقلق.
فإيران تقول إن مفاعلها النووي سلمي يهدف إلى إنتاج الطاقة، في حين أن دول الغرب لديها شكوك من أن المفاعل النووي
الإيراني ليس سلمياً بل إنه عسكري ويهدف إلى صنع السلاح النووي، بدليل أن إيران من الدول الكبرى في إنتاج النفط الذي يعتبر أحد مصادر الطاقة المهمة فهي ليست حسب ما تراه دول الغرب في حاجة إلى توليد الطاقة عن طريق المفاعل النووي.
وهذه الشكوك الغربية حول المفاعل النووي الإيراني أدت إلى قيام الوكالة الدولية للطاقة بتفتيش دوري على المنشآت النووية الإيرانية، كما أدت إلى قيام مجلس الأمن الدولي بفرض ثلاث حزم من العقوبات على إيران بعد شروعها في تخصيب اليورانيوم الذي يعتبر من المكونات الأساسية في صنع القنبلة النووية، بل إن التهديد باستعمال القوة العسكرية ضد إيران يرتفع تارة وينخفض تارة أخرى، وإذا لم تجد هذه العقوبات واستمرت إيران في عملية التخصيب فقد تحصل الكارثة وهي الحرب مع إيران وما يترتب على ذلك من مآس على المنطقة وربما على العالم.
ولتفادي هذا الخيار الصعب فقد حاول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إقناع إيران بأن تحصر طموحاتها النووية في المجالات السلمية وان تبدي للمجتمع الدولي ما يثبت ذلك كأن تتوقف عن تخصيب اليورانيوم مثلاً.
ان دول الخليج العربية وفي مقدمتها بلادنا سبق أن أعلنت بأنه ليس لديها تحفظ على المفاعل النووي الإيراني إذا كان مخصصاً للاستخدامات السلمية، ومن أجل ذلك طرحت بلادنا عن طريق سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل مبادرة حول حل مشكلة هذا المفاعل وتتمثل بأن تقوم دول الخليج بإنشاء كيان لتزويد إيران باليورانيوم المخصب، أو إقامة (كونسورتيوم) لكل مستخدمي اليورانيوم المخصب في الشرق الأوسط بحيث يتم توزيعه طبقاً للاحتياجات وتعطى كل محطة نووية الكمية اللازمة لها مع ضمان عدم استخدام هذا اليورانيوم المخصب لصنع السلاح الذري.
إن هدف بلادنا من هذه المبادرة يتمثل في عدد من الجوانب وهي:
* حماية المنطقة وشعوبها من الكوارث فيما لو حصلت حرب بين إيران ودول الغرب.
* المحافظة على سلامة مادة النفط الحيوية وضمان استمرار إنتاجها وتصديرها باعتبار أن منطقة الخليج هي المصدر الرئيسي لإنتاج وتصدير واحتياطي هذه المادة الحيوية.
* المحافظة على مقدرات الشعب الإيراني من بنية تحتية ونحوها من التدمير.
* حماية الاقتصاد العالمي من الاهتزاز فيما لو وقعت الحرب التي قد تستمر مدة طويلة.
* استفادة جميع دول منطقة الخليج سلمياً من المفاعل النووي في مجال الطاقة ونحوها، بما فيها إيران إذا كان هدفها من مفاعلها النووي هو الاستخدام للأغراض السلمية.
إذاً فإنها مبادرة صادقة ومخلصة ومتكاملة وذكية كما هو الشأن في مبادرة بلادنا تجاه إحلال السلام في الشرق الأوسط.
والمؤمل - إن شاء الله - استجابة إيران وتفاعلها مع هذه المبادرة وغيرها من المبادرات التي تحول دون زعزعة الاستقرار في المنطقة لكونها ستحقق أهدافها في الاستفادة من المفاعل النووي لأغراض توليد الطاقة، إضافة إلى أن جاراتها الدول العربية الخليجية سوف تستفيد أيضاً من ذلك مما يعني أن هذه المبادرة في حالة تفعيلها سوف تجمع بين الحسنيين وهما مصلحة إيران ودول الخليج العربية، وحفظ أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية خاصة بعد أن أعلنت وكالة الاستخبارات الأمريكية أن إيران قد أوقفت الجانب العسكري في برنامجها النووي سنة (2003م).
كما أن مما يساعد إيران على المسارعة في التفاعل مع هذه المبادرات الإيجابية استقالة قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الأدميرال (وليم فالون) التي فسرت على أنها بسبب اعتراضه على عزم الإدارة الأمريكية استخدام القوة ضد إيران لإيقاف تقدمها نحو الوصول إلى صنع السلاح النووي.
إذاً فإن الفترة القادمة من السنة الحالية مهمة ومصيرية باعتبار أن هذه السنة هي آخر سنة للإدارة الأمريكية في الحكم وعلى إيران المسلمة أن تنظر للأمر بجدية وأن تستجيب لنداءات السلام.
فاكس 4032285