تشكل الثقافة بمفهومها الشامل عنواناً بارزاً لرقي الشعوب وتقدمها، ذلك أنها تسهم في رفع المستوى المعرفي، عبر سعة الاطلاع. وتعني السعة في هذا السياق التنوع في نهل العلوم والمعارف، سواء كان في المجال الاقتصادي، الاجتماعي، السياسي، الفني الرياضي وغير ذلك من المجالات المتعددة، والمرتبطة بالمعلومات المختلفة ما يشكل إثراء للفكر، وبالتالي تكوين الثقة المعنوية في تناغم جميل، مع القدرة، والتمكن من صقل الشخصية المستقلة التي تعتد بحضورها الذهني المتقد، عطفاً على الالتصاق |
بالأحداث والمستجدات على نحو يعكس المستوى الرفيع للأدب لدى الفرد. والفرد جزء من الجماعة، والجماعة يحتضنها الوطن. وهكذا ينعكس الإحساس بالرقي ليشكل إضاءة بارزة في مسيرة الأمة، ومحاكاة الشعوب. ولا ريب أن الداعم الفاعل والرئيس للثقافة هي القراءة بغض النظر عن وسائل القراءة المتعددة في ظل التطور التقني للاتصال مما عزز من تبادل المعلومات بين ثقافات الأمم بيسر وسهولة، فبات الكتاب يزاحم في التواجد، غير أن حقوقه الفكرية وبكل أسف تناثرت، وتوشك أن تضيع لاسيما وأن الطفرة التقنية المذهلة، في الاتصال رهنت حقوقه لدى الأجهزة المختلفة وضاع حقه بين (القبائل) فلا يدري يسائل من ويشتكي من ما بين (الإنترنت) والفضاء وفنونه المتعددة، مروراً بالجوال وانتهاء بسلبه عياناً بياناً، وتمرير محتوياته بين الأجهزة (بلا احم ولا دستور). غير أنه يظل القامة الباسقة، والثمرة اليانعة، والمعلم الحنون، الذي يكرم ضيفه بلا مشقة (شفرة الدخول) ولا عنت الفواتير التي تصاحب تلك الأجهزة بكلفتها الباهظة. ولعلي أشير هنا إلى أسباب العزوف عن قراءة الكتاب وأوجزها بنقاط: |
1- عنصر التشويق، ويشمل فن الكتابة، وأعني بذلك صياغة المحتوى بأساليب تجذب القارئ، ليعيش مع الكتاب وليس العكس، بمعنى أن يرتبط السياق بالذائقة في تسلسل فكري جذاب، ومحاكاة الإحساس والشعور بالرغبة في القراءة بعيداً عن السرد والإمعان في التشخيص والعلاج، من منظور تخصصي بحت أو بمعنى أدق أكاديمي، فهذه مراجع مرتبطة بأطرٍ محددة، وقياسات تسهم في إعانة الباحثين إلى الوصول إلى المعلومة، والاستفادة منها وتوظيفها في سياق خدمة البحث. ما أعنيه هي الكتب التي تعنى بالأدب تحديداً، فإذا ارتبط الكتاب بالأحداث بصيغة سلسة، وتجسيد الأحداث عبر شخصيات تقود الأدوار، ومخاطبة العقل من خلال الشخصيات، وكأنك تشاهد مسلسلاً تلفزيونياً تتمنى أن لا يتوقف. وحتماً يتطلب هذا الأمر مزيداً من الجهد من الكتاب، ولا أخال أفق الكاتب الواسع إلا عوناً له في هذه المهمة. هنا يبرز الخيال بخياراته المتعددة وتوظيفة بذكاء مهني وباحتراق أدبي يستلهم المشاعر، ويحاكي الأحاسيس، إلى حيث تصل الفكرة والهدف. |
2- حجم الكتاب، فكلما كان حجم الكتاب صغيراً أنيقاً، كلما كان اقتناؤه والانتفاع بمحتواه، مجدياً في الوقت الذي يسهل حمله في الحل والترحال. |
خلاصة الحديث أن قراءة الكتاب ثقافة، الاطلاع على الإنترنت ثقافة، مشاهدة التلفزيون وسماع البرامج ثقافة، رسائل الجوال ثقافة، قراءة الوصفة الدوائية ثقافة صحية، قراءة اللوحات الإرشادية للمرور والدفاع المدني وغيرها ثقافة وقائية. وتجدر الإشارة إلى كل ما ورد ذكره أن تضع نصب عينيك (مخافة الله). |
|
كن ابن من شئت واكتسب أدباً |
يغنيك محموده عن النسب |
|