لقد لاحظ السيكولوجي بروس ماكوين بجامعة بيل في بحث حول العلاقة بين التوتر والمرض، لاحظ مجموعة كبيرة من التأثيرات. ومن أكثر الشواهد إثارة للاهتمام على تأثير التوتر في الحالة الصحية، بحوث الأمراض المسببة للعدوى مثل نزلات البرد، والأنفلونزا. ومن المعروف أننا جميعاً نتعرض باستمرار لمثل هذه الفيروسات لكن جهازنا المناعي يقاومها.
أما إذا تعرضنا لتوتر انفعالي، فسنجده يفشل غالباً في مقاومتها. فقد بيّنت التجارب التي فحصت فيها مباشرة قوة الجهاز المناعي أن قوته تضعف نتيجة التوتر والقلق.
ومن ثم نجد أن أقوى الروابط العلمية بين التوتر والقلق وبين سرعة تأثر العلاج الطبي بهما، تأتي في الدراسات التي تابعت الحالات على مدى زمن معين. وتبدأ هذه الدراسات بالأصحاء ثم تراقب تصاعد التوتر وما يتبعه من ضعف الجهاز المناعي إلى أن يحدث المرض. وقد قام في هذا الشأن شيلدون كوهين السيكولوجي بجامعة كاربخي ميللون ويعمل مع علماء وحدات أبحاث أمراض (البرد) بإجراء دراسة من أهم الدراسات التي أثارت اهتماما علمياً كبيراً، قيّم حجم التوتر الذي يتعرض له الناس في حياتهم تقييماً دقيقاً، ثم عرضهم بطريقة نظامية لفيروس البرد.
فوجد سكوهين أن الفيروس لم يصب كل مَن تعرضوا له بنزلة برد، لأن جهاز المناعة القوي لدى أغلبهم استطاع مقاومة الفيروس، إلا أنه وجد أيضاً أنه بقدر حجم الضغوط والتوتر في حياة بعضهم، فإنه الاحتمال الأكبر لإصابتهم بنزلة البرد. إذ أصيب بنزلة البرد 27% فقط من الذين تعرضوا للفيروس، مما يدل مباشرة على أن التوتر ذاته يضعف جهاز المناعة. لقد كانت هذه النتيجة إحدى النتائج العلمية التي أكدت ما أشار إليه المختصون، وباتت تمثل نقطة تحول؛ لدقتها العلمية. كما أظهرت القوائم التي سجلها الأزواج للمشاحنات والأحداث المزعجة مثل المعارك الزوجية التي حدثت لهم خلال ثلاثة أشهر قبل إجراء هذه الدراسة مثالاً قوياً يؤكد هذه النتيجة العلمية.
فقد أصيب هؤلاء الأزواج بنزلة برد أو بعدوى في الحلق والأنف (الجهاز التنفسي العلوي)، بعد ثلاثة أو أربعة أيام من المضايقات المزعجة الشديدة التي حدثت بينهما.
كانت تلك الأيام الفاصلة على وجه التحديد هي فترة الحضانة لكثير من الفيروسات الشائعة الخاصة بالبرد والتي ظهرت أعراضها بعد توتر الزوجين وانزعاجهما الشديد فيما جعلهما عرضة للتأثر الشديد بالفيروس.
ختاماً أقول إن الاسترخاء وسيلة مهمة للحد من الإثارة الفسيولوجية الناتجة عن التوتر. وكذا فإن مساعدة المرضى على الاسترخاء وعلى معالجة مشاعرهم المضطربة يمكن أن يساعد المرضى على التخفيف من آلامهم في كثير من الأحيان.