كم نسعد حين نطالع في صحفنا المحلية أخبار التطور في مناطق المملكة المترامية والإنجازات الحاصلة، فمثل هذه الأخبار تريحنا كمحبين لهذه البلاد المقدسة التي يجب أن يكون ديدن كل مسؤول بها هو العطاء بإخلاص، ومن المؤكد أن العطاء المخلص يدفع الى المتابعة الصادقة التي تدفع للتقدم والتطوير، وعلى ذلك فأمير المنطقة هو خلف النجاح ومحرك دفته، وسعادتنا تكون عارمة حين نعايش هذا النجاح ونلمسه فليس من سمع كمن رأى، ولقد قرأت في صحيفة الجزيرة مقالات متوالية عن منطقة القصيم بقلم رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد المالك، كما قرأت مقالات أخرى بأقلام لآخرين حملت من الإعجاب بالقصيم وما وصلت إليه وما تسعى لتحقيقه الكثير فتساوى الفخر والإعجاب ليشكل أنشودة وطنية يحق للقصيم أن تشدو بها.
وكنت عند كل قراءة أتوقف لتحية القصيم ولمن كتب عنها وأقول تستاهل القصيم كل هذا!! وفعلاً كما ذكر الأستاذ خالد المالك في مقال له عن القصيم. كلما زرنا منطقة من مناطق المملكة حمدنا الله على روعة بلادنا وقلنا هذه أجمل حتى ندور في دائرة من الأجمل للأجمل وهذا من فضل الله علينا.
فقد تشرفت بزيارة القصيم خلال اللقاء الثالث للتعليم الأهلي والأجنبي وسعدت كثيراً بما لمسناه وعايشناه في هذه المنطقة الرائعة بأميرها وأميرتها وأهلها الكرام. إن ما رأيته خلال لقائنا في منطقة القصيم أجبرني على إبداء إعجابي وتسجيل فخري بهذه المنطقة وبصاحبة السمو الأميرة (نورة بنت محمد بن سعود) حرم صاحب السمو الملكي أمير القصيم وبالاخوة والأخوات منسوبي ومنسوبات إدارة التربية والتعليم هناك، وعلى رأسهم مدير عام التربية والتعليم الدكتور (عبد الله بن إبراهيم الركيان)، الذي كان متابعاً لكل دقائق اللقاء ولم يفته الاهتمام بحالة ابن أختي الذي كان بصحبتي الذي حين تعرض للوعكة الصحية المفاجئة انتابني خوف عليه وحيرة على الرغم من أنني في وطني، لكن في لحظات الخوف على الأبناء يتوه المرء داخل نفسه ويبحث عن أقرب الناس له - بعد الله - فكيف اتصرف وماذا علي عمله وما الذي أقوله لأختي؟؟ أسئلة دارت في ذهني ودارت بي حتى أفقت من غيبوبتها على رعاية منقطعة النظير من الاخوان والأخوات في التربية والتعليم ومن المستشفى وتولوا الأمر تماماً كما لو كان ابن كل واحد منهم؛ مما أراحني وطمأنني وذكرني أنني في السعودية وبالقدر الذي ظل ابن أختي في المستشفى كان معي بعض الاخوة والأخوات وتم إجراء الفحوصات واعطي العلاج اللازم، وعلى الرغم من أن الأمر واجب إلا أنه تم بتعامل وبايجابية مريحة جداً، وكم سعدت بهذا الاعتناء الذي يدل على منتهى الكرم والحرص. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل حين علمت الأميرة (نورة بنت محمد) أصرت على عودته للمستشفى للاطمئنان أكثر ولو تطلبت حالته النقل للرياض فسيكون، ومثل هذا الكرم وتلك العناية كفيلة بأن تنسي المرء مرضه وخوفه بل كثيراً ما تقضي عليهما وصدق الرسول الكريم الذي أكد لنا كمسلمين أن (الدين حسن الخلق) كما أن (الدين المعاملة). والحقيقة كل ذلك لم استغربه على أهل القصيم وأميرتها الرائعة بل استعذبته جداً وفرحت به كثيراً فكيف لا نفرح بكنوز الوطن الأخلاقية وبالذات حين تأتي من مسؤولين ومسؤولات!!
ولم يكن لقاء القصيم محدود المعالم إنما تعددت قراءاته ومعالمه فكان لقاء ثرياً ودسماً جداً، فمن حيث صميم اللقاء كانت التهيئة والاستعدادات للضيوف على مستوى رفيع جداً منذ هبوطنا أرض المطار وحتى إقلاعنا، فقد خصص لكل منطقة مرافقات مسؤوليتهن تتركز على ضمان راحة الضيوف ومتابعة احتياجاتهن ومصاحبتهن من الفندق حتى مقر اللقاء.
كما كان نفس الأمر مع مرافقي الضيفات وتمتع الجميع بحسن خلق وذوق أكد لنا أننا بين أهلنا وعلى أرضنا، ناهيكم عن البرامج التي صاحبت اللقاء للمسؤولات ومرافقهن، ودعوني أتوقف عند أوراق العمل والمداخلات التي تمت وقد تكون شهادتي مجروحة إن قلت إنها أكثر من رائعة وطموحة وقد صبت في صميم هموم التعليم الأهلي والأجنبي بمشاركة ملاك مدارس القصيم الأهلية متمثلة في السيد (سعد بن محمد العبيدان) الذي أشاد كثيراً بتعليم القصيم وأكد أن التعليم الأهلي والأجنبي في القصيم لا يعاني نهائياً من أية عقبات أو مشكلات، فهنيئاً للتعليم الأهلي في القصيم فقد كانت شهادته تلك محط غبطة من الجميع.
والحقيقة أن القائمين على التعليم الأهلي في الوزارة وفي مختلف الإدارات يبذلون جهوداً جبارة للارتقاء بهذا القطاع المهم جداً إلا أنه على ما يبدو ما كل يتمنى التعليم الأهلي يدركه، إذ تجري القوانين والتعاميم بما لا تشتهي السفن وعلى أية حال ما دمنا نعمل ونخطط فسوف نصل - بعون الله - ثم بعون الصادقين والمخلصين من المسؤولين والملاك إلى ما نتمناه، وكلنا صفقنا بقوة لأوراق العمل وللآراء التي طرحت والتوصيات، والرائع جداً أن اللقاء حظي بمشاركة سعادة الدكتور (محمد بن منصور العمران) وكيل الوزارة، حيث لمسنا تفاعله الجميل مع شؤون التعليم الأهلي والأجنبي وحرصه على تحقيق الأفضل وسعيه لذلك وأعتقد أن من أهم القضايا التي نوقشت وطرحت ووجدت صدى واسعاً وتأييداً كبيراً:
* استقلالية التعليم الأهلي والأجنبي بمشرفاته الفنيات وتوفير الكوادر الإدارية اللازمة وقد كانت تجربة القصيم في ذلك تجربة مميزة.
* أهمية السماح لأبنائنا وبناتنا بالالتحاق بالمدارس الأجنبية التي يملكها سعوديون ولا سيما حين تكون دروس العربية والدين أساسية.
* ضرورة دعم ملاك المدارس ذلك الدعم الذي يتيح تحسين مستوى الخدمات وتقديم أفضل المستويات لمحاور العملية التعليمية وهي الطالبات والمعلمات والبيئة المدرسية.
* أهمية النظر في وضع رواتب معلمات ومعلمي المدارس الأهلية ومساهمة الوزارة في ذلك.
ومما ميز اللقاء تلك الدعوة الكريمة من صاحبة السمو الأميرة (نورة بنت محمد) حرم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير القصيم، من خلالها سبرت أغوار (الأميرة نورة) أكثر بكثير مما سمعت عنها.
فبعد مجالستي لها لم استغرب الحب الكبير الذي تحمله لها نساء القصيم، لم استغرب ما قالته عنها إحدى صديقاتي حين عرفت بذهابي للقصيم قالت (ستقابلين إنسانة غير) وفعلاً هذا ما حدث!! فهنيئاً للقصيم بك أيتها الأميرة الرائعة وهنيئاً لنا بمعرفتك التي كسبناها.
الأميرة نورة حرصت على طرح محور مهم للنقاش في مجلسها هذا المحور هو (العمل الخيري التطوعي)، لقد أدركت هذه الأميرة الإنسانة أن العمل الخيري للأسف لا يحظى كما يجب باهتمام سيدات بلادنا ليس كرهاً منهن في عمل الخير بل تراخياً فكان أن نبهت الحضور إلى ذلك.
وحين تحدثت عن ذلك لامست وترا حساسا في نفسي وحلقت بنا بعيدا حين ذكرت ان الجمعيات الخيرية بالقصيم بموظفاتها ومتطوعاتها يعملن جاهدات للقضاء على الحاجة والعوز في الأحياء، يشاركنهن في ذلك الطالبات اللواتي أحببن العمل الخيري وصرن يبحثن عن كل محتاجة لقضاء حاجتها قدر الإمكان، وتركت (الأميرة نورة) المسؤولات في الجمعية ليتحدثن عن إنجازات الجمعية وما قدمته لمجتمع القصيم وما تخطط لتقديمه، وكانت سعادتها غامرة حين كانت زميلاتها في ميدان العمل الخيري يتحدثن، وفي مملكتنا نماذج رائعة من معلمات وطالبات وسيدات مجتمع ورجال أعمال محبين ومحبات للخير، لكن قد تكون جهودنا مبعثرة هنا وهناك، وكم نتمنى ان تتوحد الجهود في العمل الخيري وكم نتمنى ان تدعم وزارة التربية والتعليم العمل الخيري وتسمح بالتعريف بالجمعيات الخيرية المعتمدة رسمياً التي تخضع لإشراف الجهات المسؤولة في المدارس أثناء البرامج والمناسبات، وكم سعدنا بالإضافة الرائعة والإنسانية جدا التي طالبت بها الأميرة نورة وأيدها الجميع وهي ان يفعل العمل الخيري التطوعي في مدارسنا وبين طالباتنا وان تكون هذه النقطة من ضمن توصيات اللقاء، وفعلا تمت إضافتها كتوصية كيف لا والعمل الخيري التطوعي واجب ديني ويحقق التكافل والتآلف والمحبة لنرتقي بمجتمعنا الذي يستحق منا كل تضحية. إذ ليس هناك أعظم من قضاء حاجات المحتاجين ومساعدتهم على تجاوز همومهم!!