الأبناء هم زهرة الحياة الدنيا، وغالباً ما يكون في وجودهم المسرات، لما يملأون البيت من حركة، ونشاط، ويشيعون بين جنباته من البهجة والسرور، ومن حقهم على أبنائهم تربيتهم التربية الصالحة، وتوجيههم ورعايتهم. وانعدام التوجيه، أو التوجيه الخاطئ، وانعدام مقومات التربية لدى الآباء يؤدي إلى مشاكل لا تحمد عقباها، سواء أكان ذلك للآباء أو للأبناء.
والأب والأم هما القدوة لأولادهما في كل شيء، فإذا اعتنيا بهم صغاراً سُرَّا بهم، وجنيا ثمارهم كباراً، وما دام كذلك فإن على الوالدين أن يربوا أولادهم التربية الصحيحة، ويرشدوهم إلى مكارم الأخلاق، وعظيم الخلال، ويحسنوا أدبهم، ويهذبوا طباعهم، ليشبوا رجالاً صالحين ينفعون أنفسهم وأهليهم، بسواعدهم الفتية، وعقولهم النيرة، وعزائمهم القوية.
ومن الآباء من عُدم الرحمة، وكان فظاً غليظ القلب، وسيلته الوحيدة للتفاهم مع أبنائه صغيرهم وكبيرهم، إناثهم وذكورهم، اليد فقط، تربيته أوامر ونواهٍ وزواجر، يضرب ويلعن وربما كسر أو جرح لم يدع للرحمة سبيلا، وتناسى وصية الله سبحانه وتعالى، ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم، بالتراحم بين الخلق، فكيف بالأبناء؟ وهذا الأنموذج السيِّئُ من الآباء هم أصحاب القلوب الشديدة القاسية، بل هي أشد قسوة من الحجر الأصم، لا يتعظ بآية أو حديث، ولا يتأثر بمنظر حزين أو مؤلم، ولا يستجيب لدعاء الخير، ولا ينفطر على بكاء ولد صغير، لا يملك فيض الحنان والرقة والشفقة والإحسان والرحمة، فقد حُرم منها، بل حُرم الفطرة التي فطر الله الخلق عليها، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق يوم خلق السماء والأرض مائة رحمة كل رحمة طباقاً ما بين السماء والأرض فجعل منها في الأرض رحمة تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضهما على بعض فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة) رواه مسلم.
فإذا كانت الحيوانات والطيور جميعها تتراحم مع صغارها، فكيف بصاحب العقل الذي ميزه الله سبحانه وتعالى على سائر المخلوقات.
ومع أننا والحمد لله نعيش في مجتمع مسلم يعي أفراد المجتمع فيه مسؤولياتهم التربوية والإنسانية، وتغلفها تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، لكن بدأنا نقرأ ونسمع عن أخبار وأحداث لم نكن نعهدها في مجتمعنا، وإن كانت منتشرة وظاهرة في المجتمعات الأخرى، ألا وهي مسألة العنف الأسري، ولهذه المسألة جوانب متعددة كالعنف بين الزوج وزوجته، والعنف بين الأب والأبناء أو العكس، وكلها مؤذية منكورة، ولكنني أتحدث عن الاعتداء على الأبناء، مما أدى إلى حوادث قتل والعياذ بالله.
نعم هذه الأحداث غير المعهودة، والمألوفة في مجتمعنا، التي قوبلت بعض أخبارها بالاشمئزاز، لا تشكل -ولله الحمد- لدينا ظاهرة، ولكي نحد من انتشار هذه الأعمال السلبية، حتى لا تشكل ظاهرة، هناك مجموعة من المقترحات، ومنها:
أولاً: اختيار الزوج والزوجة الصالحة.
ثانياً: التعاون بين الزوجين في تربية الأبناء، وعدم التصادم بينهما، وبخاصة أمام الأبناء.
ثالثاً: بما أن معظم العنف الأسري مصدره الرجل، فيجب على الزوجة امتصاص غضب الرجل قدر الاستطاعة، ومحاولة معالجة مشاكل الأبناء بطريقتها، واللجوء للأب في الحالات المستعصية، وتذكير الأبناء باحترام الآباء، والصبر على انفعالاتهم، وعدم إثارتهم.
رابعاً: قيام عناصر تكوين الرأي العام من وسائل الإعلام، والخطباء، والأئمة، والمربين، والمربيات، من رجال التربية والتعليم، بتذكير الوالدين بمسؤولياتهم تجاه أبنائهم، وتربيتهم التربية الصالحة البعيدة عن العنف والقسوة، لأن العنف والقسوة لا يولدان عنصراً صالحاً في المجتمع، بقدر ما ينميان فرداً حاقداً على المجتمع، لأنه فقد العطف والحنان من أقرب الناس إليه، إن لم يكن والده بهذا السلوك قد هيأه ووضعه في أول الطريق للانحراف.
alomari1420@yahoo.com