لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مكانة خاصة في الشريعة الإسلامية فهي مما افترضه الله على هذه الأمة وجعله شعارها الذي تعرف به، ووسامها الذي تفخر به، وسبباً من أسباب خيريتها، فقال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} بل هذه الصفة العظيمة والعبادة الرفيعة هي مما مدح به سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم- وعرف حتى في الديانات السابقة المبشرة به، قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ }فأمة هذا شعارها وهذه صفة أفرادها وهذا الوسام الذي عرف به نبيها أكرم بها من أمة وأكرم به من مجتمع.
وقد اختار الله لنا هذا الطريق فلا منة لنا أن عملنا به ولا راد لعقوبة الله عنا إن نحن تخلينا عنه، بل ليس لأحد أن يتقبل من هذا الواجب كل بحسبه، قال -عليه الصلاة والسلام-: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.. الحديث).
ولهذه الشعيرة دور عظيم لأمن المجتمع، فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نجاة المجتمع كله وأمنه منوطة بقيام هذه الشعيرة العظيمة فعندما يؤخذ على أيدي السفهاء والمفسدين من الفساد لا شك أن لذلك انعكاسته الواضحة على أمن المجتمع، أضف إلى ذلك الجانب المهم من هذه الشعيرة وهو جانب التوجيه والتوعية مما سيكون له الأثر والتحصين الواضح في رد وعودة من كان له نية فساد ومعصية، وقد أثبتت كثير من الدراسات أن استقامة أفراد المجتمع وارتفاع نسبة الوعي الديني والأخلاقي عندهم يتناسب طردياً مع نسبة الأمن واستقراره، كذلك أثبتت هذه الدراسات أن ترك أفراد المجتمع يتصرفون خارج إطار الحرية الدينية والأخلاقية التي يسمح بها الشرع فإن ذلك يكون باباً عظيماً للجريمة والإفساد وتنامي مظاهر الانحراف ومنع ذلك كله بالأمر بالمعروف الذي هو البوابة الأولى لأمن المجتمع، بل وإزاحة كثير من العناء عن باقي الأجهزة الأمنية.
*مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف
والدعوة والإرشاد بمنطقة نجران