ها أنت الآن لست بيننا، ولسنا معك، هي أيام قلائل تلك التي فصلتنا عنك، هي أيام قلائل تلك التي قربت ملك الموت منا ومنك، وأعادت روحك الطاهرة إلى بارئها الغفّار لتطوي صفحة مشرقة لشيخ الأدباء وأديب الشيوخ حمد الحقيل.
لكم سنفتقدك يا شيخي وجدي ومعلمي في هذه الفانية الزائلة..
لكم سنفتقد ذلك الشيخ المهيب في ابتسامته، والجم بتواضعه، والغزير بعلمه، والذي كان يقضي جل وقته في مكتبته العامرة.
لكم سنفتقد ذلك الأب الحاني الذي طالما رأيناه أمام مدخل بيته وأمام مكتبته الصغيرة في حجمها والكبيرة بمحتوياتها يتعرض للقليل من ضوء الشمس في أواخر عمره المحتوم وهو يقرأ أمهات الكتب بلا كلل ولا ملل.
لكم سيفتقدك الكتاب يا جدي.. ولكم سيبكي القلم.
ها أنت ذا انتقلت إلى أولئك الذين تشربت بعلومهم وأدبهم وارتديت خُلُقهم وترحمت دوماً عليهم.
ها أنت ذا تغادر أراضينا بلا رجعة، مخلفاً وراءك كماً هائلاً من العلوم والمعارف والأصدقاء والأحبة.
أولئك المخلصين والذين تمنيت أن تراهم يتوافدون من مشارق المملكة ومغاربها طمعاً في تشييع جثمانك الطاهر وتأدية واجب العزاء.
أولئك الرجال الأشاوس الصادقين مع أنفسهم ومعك يا جدي حياً كنت أم ميتاً.
لكم تمنيت أن تلقي عليهم نظرة يا جدي لترى إلى أي مدى أوصلك خلقك الرفيع وصدقك مع نفسك وبساطتك الصارخة ومحبتك للخلق.
لن أطيل يا جدي.. فالموت علينا حق، وسيطالنا جميعاً، شاء من شاء وأبى من أبى، ولن أوفيك حقك ما حييت، فأنت بحر ونحن قطرات ولكن نعدك بالدعاء والدعاء والدعاء ما حيينا يا أبا عبدالكريم، طيب الله ثراك واغمد روحك الطاهرة في جنات الفردوس وتقبلها مع الأبرار إنه سميع مجيب الدعاء.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7387 ثم أرسلها إلى الكود 82244
almamlaka@hotmail.com