Al Jazirah NewsPaper Friday  21/03/2008 G Issue 12958
الجمعة 13 ربيع الأول 1429   العدد  12958
معرض الكتاب 2008م مؤثراً ومتأثراً
قراءة توافقية مع الحلم

« الجزيرة» منى العصيمي

الشماعة مازالت فارغة في بعض جوانبها ولأنها ليست قصراً على أهل الاختصاص الذين مراراً وتكراراً أشبعونا اتهاماً بالعزوف عن القراءة لتكون هذه التهمة هي المتلازمة السببية التي يعولون عليها في إخفاقاتهم وضمن معوقات نجاحاتهم في صنع القارئ وهلم جرا مما تكرر على أسماعنا على هامش فعاليات النشاط الثقافي لهذا العام.

دعاني لهذا القول هذا الزحام الذي يعتبر علامة مشتركة لمعارض الكتاب المقامة هنا بالرياض من المواطن والمقيم ومن النساء والرجال والأطفال أطياف وأجناس مختلفة. فورة تتلقفها أرض المعرض من تحتهم وتتصف بالإيجابية وبالشغف للمعرفة والتطلع نحو الجمال غير أن شيئاً من حتى يعتمل في خاطري إذ إن هذا الجمال غير مكتمل حتى إشعار آخر يكون فيه معرضنا عيداً متجدداً بحلة مختلفة في كل عام مختلفة شكلاً ومضموناً نحو الأجمل طبعاً ونحو الأمام.

المرأة ومعرض الكتاب

ما فتئت المرأة منذ وعى الرجل ذكوريته وهي موضع تهمة مؤجلة الإدانة قطعياً وهذه الغلالة الصفيقة بين حقيقة معترف لها من قبل الإسلام وواقع محكوم بسلطة ذكورية تتجلى فيها صور شتى من معاني الاتهام.

قنبلة الفتة الموقوتة

أي دلالة وتفسير منطقي وراء الذبذبات الاهتزازية التي يصدرها البعض معترضاً وممتعضاً حال مصادفته يد نسائية تمد كتاب ما لمؤلفه (الرجل) ليوقع لها إلا أن تكون صدمة الانفتاح أفقدت البعض القدرة على موازنة الأمور ووضعها في نصابها الصحيح. وأما حصيلة المرأة الكاتبة من فرصة التوقيع لكتابها فهي توقيعان مقابل ثمانية وعشرين توقيعاً!

المرأة الكاتبة مقصاة بين الطفولة

أعربت الكاتبة حنان أبو حيمد عن استيائها من إقصائها بعيداً عن زملائها الكتاب الموجودين للتوقيع على كتبهم بين زوار المعرض واعتبرت أن هذا الخلل التنظيمي إجحاف في حق الكاتبات وتمييز ضدهن ولم تحاول صاحبة كتاب (أنا هي كل النساء) أن تبخس المعرض حقه بالاعتراف بفضل دعمه للكاتبات السعوديات كونه أوجد لهن مساحة للتوقيع على كتبهن وأكدت أن ما أزعجها فقط هو وجودها بين مرتادي جناح الطفل من الأطفال وممن هم بصدد البحث عن إصدارات الطفل. ولا مبرر لمثل ذلك سوى أنها حملت جينات الأنثى لا الذكر.

الزحام أم ماذا؟

آسية العماري طالبة ماجستير جمعني بها رصيف انتظار سياراتنا ونحن نهم بحمل حصيلتنا المشتراة أخذت منها رأيها لتقول في الحقيقة الجهد المبذول في المعرض والأنشطة المصاحبة له مما يستحق الإشادة والشكر.

كما أن العزل بين النساء والرجال انحسر مقارنة بالأعوام السابقة، لكن استمراره -في تصوري- لا يخدم مظهر الثقافة لدينا أمام الآخرين ويؤكد إصرارنا على تقاليدنا حتى غير المبرر منها دينياً، ولعل الأحرى تجاوز علة الزحام في هذا إلى حلول كإيجاد مكان أوسع، أو تمديد فترة المعرض مثلاً. كذلك بدا لي أن الرقابة هذا العام مارست سلطتها بشكلٍ أكبر من العام السابق وهذا مما يؤسف حقاً، وإذا كانت شراً لا بد منه فلماذا لا نخفف منها على الأقل أياماً معدودة خصوصاً أنها تحول دون الجديد المختلف الذي ينشده القارئ. وثمة أمر يسير لكنه مزعج لاحظته وهو ملاحقة عيون المرتادات لتغطيتها بإلحاح من قبل بعض، دون تقدير لخصوصية الحال، والوضع.

وقد كنت أتطلع إلى أن يتجاوز المعرض هذا العام أعوامه السابقة وألا يقنع بالسلامة، وأرجو أن يفعل مستقبلاً.

فعاليات وأزمنة متداخلة

جميل أن تدب الحياة في أوصال الرياض ومن كل مفصل من مفاصلها تنبعث طاقة التجديد ونهر العطاء غير أن تنظيم هذا الجريان وتحديد أزمنته المناسبة مهم وضروري والمتتبع الجيد للساحة المحلية يرى فعاليات جميلة قد زامنت هذه الفترة فمعرض الاختراع يضخ نهره ومهرجان الجنادرية يضخ نهره والجوائز تضخ نهرها وربما هذا هو السبب الذي لأجله بطل العجب حين تبادر لذهني ضعف مهنية الإعلاميين لدينا عندما لم أجد ما يروي شغفي لمعرفة المزيد بين طيات مشاركاتهم في الصحف ربما أن الأنهار المتدفقة من كل صوب شتت شيئاً من تركيزهم وأضف لذلك الاستعدادات في هذه الفترة لفعاليات أخرى كمهرجان المسرح السعودي.

زد على ذلك عدم التنظيم في إقامة المعرض نفسه على مستوى الدول حيث فوجئت دور النشر بإقامة معرض أبوظبي بينما ما زال معرض الرياض قائماً!

الطفل والأنشطة والتداخل في التنفيذ

هالة معجل مثقفة من الوجوه التي تكررت في الخيمة النسائية كثيرة الوجود في مكتبة الملك عبدالعزيز فاعلة ومتفاعلة للأنشطة المقامة وتحمل روحاً ذات ألق يصعب تجاوزه دون أن ينحني القلب حباً واحتراماً.

تقول الفاضلة هالة أنه في أحد الفعاليات تنازعتني رغبتين رغبة بأن أتوجه لمكتبة الملك عبدالعزيز التي أواظب على حضورها ورغبة بأن أحضر النشاط الثقافي لمعرض الكتاب غير أن الثاني غلب.

أم ريناد تقول بناء على الجدول الموزع عن أنشطة الطفل قدمت مع أطفالي بتاريخ 4-3 ليستمتعوا بالنشاط المسرحي وفوجئت بأنه قد غير حتى يتوافق مع أيام العوائل فعرضت الجدول الذي معي على الموظفة المنظمة لكنها أعطتني آخر تساءلت عن السبب وعن الميزانية الضخمة التي طبعت بطاقات أخرى بفترة قياسية ومتى وما زال الموضوع غير واضح لدي كل ما هنالك أني تمنيت أن يكون لدي متسع أيضاً لأكون مع أولادي ولأحضر الفعاليات أيضاً ربما طمع مني ولكن ألن تسمح الإمكانات والميزانية لتحقيق مطلبي؟

توثيق الفعاليات

لست ممن يملكن زمام الفهم السريع خصوصاً حين يكون في الحديث عمق وبعد لا يحتاج أذناً فقط لاستيعابه بل جوارح عدة مصغية أيضاً. لذا أكثرت على منظمات الخيمة النسائية سؤالي وطلبي عن نسخة لما أسمعه ليكون لي معه وقفة ولما لم أجد صدى غير الذوق واللطف في التعامل دون ورق قرأت كماً من الصحف في ذلك اليوم وساءني أن أجد قصوراً في تناول الفعاليات قصوراً شديداً ينبئ عن ضعف المهنية وحتى لا أجانب الصواب فقد قارب البعض محاكاة الكاميرا كما وجدت في تغطيات الزميلة جواهر الدهيم ولاشك أن المتلقي الراغب في الوجود ولم يتسنَ له ذلك سيجد في تغطياتها عوضاً. ولأن القارئ العادي حين يبحث شيئاً ما في الصحف وتخذله فإن لديه نافذة بحث أخرى وهي النت ولكم أعجبني الموقع تنقلت بين أروقته وبحثت عن مادة المحاضرات نفسها فكانت النتيجة صفر فلماذا لا توثق هذه المشاركات التي تعد أوراق عمل بالغة الأهمية كونها تحمل حقائق وجهوداً فكرية تستحق من المعرض توثيقها وجود الموقع على الشبكة العنكبوتية يتيح لهذا المطلب التحقيق وستكون خطوة أكثر من رائعة فيما لو تكامل دور الموقع ولم يتوقف عند الاستعراص فقط غير الجميل بالموضوع هو اختفاء مشاركاتي المنشورة وعدم وجودها في الموقع الإلكتروني لمعرض الكتاب هل انتقلت عدوى الزحام من أرض الواقع في المعرض إلى أرض النت وبذا لم تجد مشاركاتي لها موطأ حرف ويدعوني ذلك للاستنتاج أنه ليس أنا وحدي من همشت مشاركته بل أغفلوا الكثير مما تناولته الصحف وإن لم أطلع على أي منها لكنه استنتاج مبني على ضخامة هذا الحدث الثقافي إلا أن تكون تظاهرة بهذا الحجم مادياً ومعنوياً قد استحقت منا هذا الكم القليل من التفاعل والذي في جوهره قد عانى انيميا حادة نوعاً ما في موضوعه.

ضيوفنا والتوثيق وأشياء أخرى

ضيوفنا الموفورين معرفة قدموا إلينا فأكرمنا وفادتهم واحتفينا بهم لكن ثم ماذا البعض ممن يحسبون على الإعلام تراكضوا لجلب سبق صحفي يتسم بالإثارة وبحسب علمي فشلوا وفشلنا في منح ضيوفنا صورة أكثر جمالاً من كرم الضيافة هذا الأمر شاهدته في مناسبات عدة وأكثر من مكان يجعلني أتبنى مقولتي الأثيرة ابحث عن السبب قد يكون ضعف المهنية أحدها وقد حاولت بنفسي قراءة الفعاليات بعمق أكثر فتمسكت بتلابيب لحظة مؤرقة بالمعرفة حين جلست إلى الدكتورة ملكة لكن ضعف المهنية لدي خذلني وخرجت من عندها وفي يقيني أن ما لديها من عمق وحديث مثري أكثر مما حصلت عليه اليابان ذلك الصرح المهول بكل الخبرات كان هنا ملك ذائقتنا نراوح حوله ليصنع أطفالنا طائراتهم الورقية محلقين في فضاء الطفولة والحلم ونحن أين طائراتنا ومتى تحلق في فضاء المعرفة. ما نصيب اليابان ذلك الضيف من إعلامنا ومن معرفتنا التراكمية سؤال فقط فرضته فكرة التوثيق وما أدراك ما التوثيق ذلك الذي أفردت له جلسة على هامش الفعاليات المقامة لكن حصيلته من التنفيذ من قبل نفس الجهة المنظمة للمعرض صفر وسؤال كيف تفرض على المتلقي موضوع بهذا الأهمية عن الوثائق وتغفل جانب التطبيق. هل نحن فعلن ظاهرة صوتية.

الرقابة والخوف من المعرفة وصاية على عقول الناس أم صدمة بالانفتاح

كتب تزال من أماكنها برغم التصريح لها ووجود البعض منها في مكتباتنا.

في الحديث أنك حين تستطيع فغير المنكر فإن لم تستطع فعليك بأضعف الإيمان ولا شك أن في ذلك حكمة تربوية غاية في السمو وتحقيق مقولة العلي القدير (إنك لا تهدي من أحببت)

وبرأي منكر العقول لا يزيلها نفس الأسلوب المتخذ لمنكر الأجساد، على افتراض أن ثمة منكراً في الأمر فالعقل لا يحارب إلا بالعقل ولن يتأتى ذلك حين نغلق المنافذ في وجه العقول زاعمين أن الرياح الآتية فيها ما ينزع الأخلاق، محمد فارس ذكر أنه شاهد الحراس يتناوبون على كتاب معينين لا ذنب لهم إلا هندام مرتب وهيئة لا عوج فيها؟؟؟ (صاحب كتاب كشكول طالب ثانوي) والموجود في مكتباتنا طرد من المعرض ومنع كتابه من العرض وأسعار كتب الطفل والوسائل التعليمية غير مناسبة.

عائشة باوزير باحثة في مجال التربية تقول قدمت من الشرقية للحصول على مراجع لبحثي ولم يكن لدي أسماء كتب معينة بقدر ما كان لدي محاور أبحث عن كتب تتناولها وحصلت على الكثير منها رغم شح المراجع في بعض الجوانب التي أردتها وقد كنت متابعة لموقع المعرض بالنت وبرغم ما سمعنا أن الكتب المعروضة قد كان لدى المنظمين علم مسبق بها قبل أسبوعين من الافتتاح لكن خدمة البحث عن كتاب في الموقع لم تفعل إلا قبل يومين من الافتتاح مما أتعبني في عملية البحث وحين سألناها عن الأسعار قالت من يتعشم عناء القدوم من خارج الرياض ليستفيد من الأسعار سيجد أن دخوله لدور النشر السعودية ممن لديها مكتبات وفروع من قبيل تضييع الوقت ليس إلا. فالفروع موجودة والأسعار هي نفسها لم يطرأ عليها تغير ملموس وبالنسبة للكتب الجديدة فلم أرى سوى الكتب المعروضة سابقاً باستثناء عدد محدود من الجديد.

هذه بضاعتنا ردت إلينا

وفي نفس السياق يقول الأديب (غازي الأسمري): إن مشاركة تسعين دار نشر سعودية بادرة فخر ودلالة صحية في الوعي الثقافي غير أن يد الرقيب التي تصيدت الدور الأخرى وحرمتنا الكثير مما رصدناه في وريقاتنا من الجديد لنقتنيه والذي برأيي أننا قادرون على تحديد مدى موائمة محتواه للهدف الذي وضعناه أمامنا حين اخترناه وحددنا شراءه وانتظرنا بفارغ الصبر أن يفتح المعرض أبوابه لكن خيبتنا ودهشتنا كانت بالانتظار، لا جديد فوق الأرفف فالجديد مصادر والقديم موجود بين ظهراني مكتباتنا ودور نشرنا بيننا والأجدر تغيير مسمى المعرض وجعله معرض الكتاب السعودي المتنقل وتعميم انتشاره بين مدننا ليخف هذا الزحام وتنتشر القراءة ويجد كل ليلاه التي سيغني عليها فيما نحن لن يمنعنا ذلك من أن نجد ليلانا في أروقة ودهاليز النت وسنجد مبتغانا وسيجد الآخرون مبتغاهم بطرق أخرى غير الكتاب فعلاما ولماذا كل هذا؟




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد