Al Jazirah NewsPaper Friday  21/03/2008 G Issue 12958
الجمعة 13 ربيع الأول 1429   العدد  12958
هل عدم انتخاب الرئيس سيعطل القرارات الدولية المتعلقة بلبنان؟
عبد الله بن راشد السنيدي

منذ مقتل رئيس وزراء لبنان الأسبق (رفيق الحريري) ولبنان يعيش في دوامة من الشد السياسي وعدم الاستقرار، فقد قتل بعد الحريري آخرون من أبرزهم النائب اللبناني (جبران تويني) والوزير اللبناني بيار الجميل والنائب اللبناني (أنطون غانم) والنائب وليد

عيدو والصحفي سمير قصير وهؤلاء جميعهم محسوبون على الموالاة، ثم قتل بعد ذلك نائب قائد الجيش فرانسوا الحاج ثم ضابط الأمن وسام عيد المسؤول عن ملف قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

ثم تبع ذلك انسحاب الوزراء الذين يمثلون حزب الله وحركة أمل من الحكومة لكي تبني المعارضة على هذا الانسحاب موقفاً بأن الحكومة أصبحت غير شرعية بالرغم من أن رئيس الوزراء (فؤاد السنيورة) لم يقبل استقالتهم وحتى لو قبل استقالتهم فإن الانسحاب جاء من تلقاء أنفسهم بل على الأصح بأمر من أحزابهم وهو أمر في رأي الكثير من الدستوريين لا يؤثر على شرعية الحكومة إذ بإمكان رئيس الحكومة أن يستبدلهم بغيرهم أو أن يعهد بحقائبهم إلى وزراء آخرين في الحكومة باعتبار أن رئيس الحكومة ينتمي إلى الأغلبية في البرلمان اللبناني التي يحق لها في العرف الدستوري أن تنفرد بتشكيل الحكومة كما هو موجود في دول أوروبا وغيرها.

ففي بريطانيا مثلاً ينفرد حزب العمال بتشكيل الحكومة منذ حوالي ثماني سنوات بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية واكتفى حزب المحافظين المنافس بحكومة الظل فقط، وفي فرنسا يهيمن حزب الرئيس (ساركوزي) اليميني على تشكيلة الحكومة الفرنسية باستثناء وزير الخارجية (روكار) الذي ينتمي للحزب الاشتراكي وقد تم اختياره كبادرة حسن نية من الرئيس ساركوزي من أجل الانفتاح ناحية الحزب المنافس.

وفي الولايات المتحدة فإن معظم أعضاء الحكومة الأمريكية ممن ينتمون للحزب الجمهوري الحاكم بالرغم من قوة الحزب الديمقراطي المنافس ونسبة تمثيله في الكونجرس الأمريكي.

ففي هذه الدول قام الحزب الفائز بالأغلبية في الانتخابات بتشكيل الحكومة بمفرده ولم يشرك فيها أحدا من الأحزاب المعارضة إلا برغبته واختياره بالرغم من أنه يوجد في هذه الدول قوميات وطوائف متعددة.

إذاً فما بال لبنان؟ فبالرغم من أن الأغلبية التي فازت في الانتخابات والتي يحق لها بموجب العرف الدستوري الانفراد بتشكيل الحكومة، فإنها قامت بإشراك المعارضة حيث منحتها ست حقائب وزارية، إلا أن هذه المعارضة لم تقتنع بذلك فتارة تعلق عضوية ممثليها في الحكومة وتارة تأمرهم بالاستقالة لكي تصل إلى التشكيك في شرعية الحكومة مع أن الحكومة كما ذكرنا آنفاً شرعية في نظر الدستور اللبناني والمجتمع الدولي ولا يؤثر على هذه الشرعية انسحاب ستة من أعضائها يمثلون المعارضة وليس الأغلبية.

وبعد ذلك مر لبنان بإشكالية فراغ منصب رئيس الجمهورية بعد أن انتهت مدة رئاسة (إيميل لحود) في (24-11-2007م) حيث لم يتم انتخاب أي من الأسماء المطروحة لشغل المنصب وهم: روبير غانم وبطرس حرب ونسيم لحود وميشيل سليمان وهم مرشحو الموالاة وميشيل عون وهو مرشح المعارضة، مما دعا دولاً عربية وأجنبية للتدخل لمساعدة لبنان للوصول إلى حل حول ذلك إلا أن تلك المساعي لم تحقق نتائج ملموسة ثم تدخلت مبادرة للحل وثم تكليف الأمين العام للجامعة عمرو موسى بنقلها للبنانيين إلا أن هذه المبادرة لم تنجح بسبب تمسك المعارضة بأن يتزامن انتخاب الرئيس مع تشكيل حكومة تشارك فيها بثلث أعضائها والذي يعرف بالثلث الضامن أو المعطل وهو الأمر الذي سيعطي المعارضة حق تعطيل القرارات التي تتعارض مع مصالحها ومن ذلك ما يتعلق بالقرارات الدولية التي صدرت من مجلس الأمن الدولي حول الوضع اللبناني ومنها القرار المتعلق بالمحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري والقرار الخاص بنزع سلاح حزب الله.

ولذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تعطيل انتخاب رئيس للبنان أو مسلسل الاغتيالات أو تحريك المسيرات أو إحراق الإطارات أو نصب الخيام في شوارع لبنان سيؤدي إلى إعاقة تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ومنها القرار الخاص بالمحكمة الدولية؟

والإجابة بديهية وهي أن ذلك لن يؤثر على تنفيذ القرارات الدولية ومنها القرار الخاص بإنشاء المحكمة الدولية وذلك للأسباب التالية:

* أن المحكمة الدولية تم إنشاؤها وتحديد مكانها وقضاتها فهي تستعد الآن لبداية عملها ولن يؤثر عليها ما يجري في لبنان من مجادلات سياسية، أو مسيرات أو حرق إطارات أو اعتصامات ونحو ذلك.

* إن الحكومة الحالية في لبنان تقوم بصلاحيات رئيس الجمهورية بموجب الدستور اللبناني إلى أن يتم انتخاب الرئيس مما يعني عدم وجود فراغ كامل في هذا المنصب.

* إن هذه الاغتيالات والمظاهرات والاعتصامات التي تحدث في لبنان والمتعلقة بالوضع السياسي الراهن تمت إدانتها من قبل المجتمع الدولي.

وأخيراً نتمنى ما يتمناه جميع العرب بأن يصل اللبنانيون في هذا الأمر إلى حل يخدم مصلحة لبنان وليس مصلحة أي طرف آخر.

فاكس (4032285)



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد