يقول: كلما طرأ أمر خروج من بيتي أو مكتبي وتخيلت أن عليَّ أن ألج الطرق وأقتحم المسارات المرورية الطويلة.. وبأنني سأقابل ماركات السيارات بأجسادها الملونة وأحجامها المتفاوتة وطريقة سيرها التي غالباً ما تستفز صبري... أتمنى لحظتها أن لو تطورت منجزات الإنسان ليستغني عن هذه الحركة ذلك لأنني متأكد من أن نصف وقتي سيُهدر وأنا قد تشبعت من تقاطيع كل جزئيات الوجوه والألوان وتعرفت على يافطات المباني الفارهة بل تنبهت إلى أن المباني جميعها قد أصبحت مرقمة... فتذهب بي أحلامي إلى أن المشكلة التي تؤرقني قد لاح في سماء حلها لائح إذ بترقيم المباني سيكون هيناً على البريد توصيف المواقع والوصول للفرد في مستقره...
ما ألبث أن أعود لتذكر نعم الله عليَّ: فقدماي وعقلي بل تفكيري من هذه النعم الكبيرة فكيف تجعلني زحمة العربات وهمجية السائقين وامتداد الطرق أتمنى زوالها... ثم أي منجزات بشرية تمكننا من الخلاص بينما عقولنا هي التي زجتنا في المعمعات...؟
تداخلت الأصوات: الساخطة على وجوه التغيير التي طرأت...
المتذمرة من هدر الوقت بينما هو مكتظ بما لا يؤهل لفراغ...
المندهشة من مسوحات الوجوه التي مست دواخل أصحابها...
البنات في كل مكان صور متحركة لنماذج مستجدة...
الأولاد دمى تتراكض مفرغة من المضامين...
الرجال كل يغني على أعلى مستويات عقيرته نشداناً للتطاول والاندماج...
النساء هه هه سمعتهم يقولون فقلت...
وكل أمر يطرأ لي يحرضني للخروج عن مكاني والانتقال لغيره يكبدني وقتاً إضافياً للتفكير...
وينهش في جسد أحلامي.. ويمزق في خارطة أهدافي...
...
بقول: ليتهم لا ينامون فلا يحلمون فيعملون...
...
يقول: هل أحلم فقط أن أكون في مدينتي الصغيرة أتنقل على حماري وأسمع نداء جاري وأستيقظ على هدير الماء يصب من دلوي في إنائي...
يقول: أزيحوا العربات عن بابي... قلصوا الطرقات في مساري...
أغلقوا الفضاء الذي تاه في خضمه أبنائي...
دعوني أستخدم قدمي في غير هدر لتفكيري...
أريد مساحة حرية أركض فيها ولا أشعر بالرهق...
فنهايتي الموت لا الخلود...
التوقيع: واحد من خلق الله
***
وأقول: هاكم اقرؤوا كتابه...
******
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة «5852» ثم أرسلها إلى الكود 82244