إعداد - فوزية الصويان
(رب ضارة نافعة) مثل ينطبق على حال بعض الموظفات ومعاناتهن مع المواصلات والتي خلقت مصدر رزق لكثير من السيدات حين استغللن هذه المعاناة وجعلها مصدر دخل لهن وبمثابة مرتب.
فعمدت بعض السيدات والموظفات من جعل هذه المعاناة منفعة لهن لدرجة أن الكثيرات ممن اتخذت هذه الوسيلة أصبحن ينافس مكاتب المواصلات باستقطاب أكبر قدر من الموظفات والطالبات وتقديم خدمات راقية وأسعار مناسبة لنقلهن لضمان التعاون معهن.
(المرأة والاقتصاد) سلطت الضوء على هذه الظاهرة التي تلاقي رواجاً كبيراً بين السيدات وكيفية بدايتها ومدة الفائدة المرجوة منها؟!
نقل الموظفات فرصة ذهبية:
بداية تبيّن خديجة محمد الوهيبي (مدرسة) بأنها عانت الكثير ولسنوات من مشكلة المواصلات التي جعلتها تقع في خلافات كثيرة ومستمرة مع المدرسة التي تعمل بها، بسبب غيابها المتكرر وعدم انضباطها في الحضور والانصراف، وذلك لعدم انضباط السائق الذي تتعاون معه لنقلها من وإلى مقر عملها.
وتضيف بعد مشورة من شقيقها ومساعدته استطاعت شراء سيارة بإقساط ميسرة واستقدام سائق لينقلها لمقر عملها، وحين علمت زميلاتها بالأمر طلبن منها أن تنقلهن معها مقابل مبلغ يدفع لها شهرياً، فما كان منها إلا الموافقة على هذه (الفرصة الذهبية) بحد قولها.
واستطاعت الوهيبي من خلال نقل المعلمات من دفع أقساط السيارة ومرتب السائق مما يدفع لها من قبل الموظفات والمتبقي يكون ادخار لها في البنك.
فكل معلمة تدفع 700 ريال شهرياً أي ما يقارب 4200 ريال شهرياً. وبذلك (ضربت عصفورين بحجر واحد) استطاعت أن تؤمن لها وسيلة مواصلات إلى جانب سيارة يدفع أقساطها من قبل أخريات والمتبقي يكون ادخاراً دون أن تخسر شيئاً من مرتبها.!
فيما تشير سارة المصقوع (موظفة) بأنها تعمل في شركة لا تتوفر بها مواصلات بالرغم من انه مذكور في العقد الذي بينها وبين الشركة ولكن هذا حال أكثر القطاعات الخاصة عقودها صورية فقط.!
الأمر الذي جعلها تتكبد مشاق المشاوير ما بين سيارات الأجرة ومكاتب التوصيل مع ارتفاع أسعارها، حيث إن غالبية المكاتب يكون نظامها بالساعات والساعة لا تقل عن 40 ريالاً مما يجعل ثلاث أرباع مرتبها يذهب للمواصلات. ومع تكرار المعاناة وعدم إيجاد حلول لها مع الشركة التي تعمل بها قررت ترك العمل. وحين بحثها في إحدى الصحف عن وظيفة مناسبة يكون بند المواصلات من أولويات العقد. وقعت على إعلان بيع سيارة مناسبة لنقل الموظفات وبسعر مناسب، فما كان منها إلا شراءها والتعاون مع زميلاتها في الشركة التي كانت تعمل بها لنقلهن مقابل 500 ريال تدفع لها شهريا وهذا أفضل سعر يقدم لهن على حد قولهن ومعاناتهن مع المواصلات.
وبذلك استطاعت أن تنقل ما بين 9 - 10 من الموظفات والحصول على مبلغ يتراوح بـ 5000 شهرياً أي أضعاف ما كانت تأخذه من الشركة التي كانت تعمل بها. إلى جانب المشاوير الأخرى في أوقات المساء التي يكون بنظام الساعات فتأخذ على الساعة 50 ريالاً وبذلك يكون دخلها الشهري من هذه المواصلات أكثر من 7000 ريال شهرياً. وتمتدح سارة الغيدان (موظفة) أفكار المرأة التي لا تتوقف عند حد معين.! مبينة بأن المرأة دائماً ما تنتج وتبتكر وتفكر بما يعود عليها بالنفع ولا تجعل الأمور العارضة نقطه تهشيم وإخفاق لها، وخير دليل ما نراه ونسمع به من لجوء بعض السيدات لكثير من المجالات والاستثمار بها. وبالرغم من أن الاستثمار في المواصلات ونقل الموظفات والطالبات يعدُّ استثماراً بسيطاً إلا أنه يلاقي رواجاً كبيراً من قبل السيدات بالأخص السيدات الكبيرات وأيضاً من قبل العاطلات عن العمل وبعض الموظفات اللاتي يبحثن عمّا يدر عليهن ويغنيهن ويحقق لهن مصادر دخل ورزق وفير.. مضيفة بأن شقيقتها موظفة في إحدى القطاعات الحكومية ودائماً ما تكون معاناة الموظفات مع المواصلات محور اهتمامها، الأمر الذي جعلها تدرس هذه المعاناة من جميع جوانبها بهدف تقديم ما يفيد وتستفيد هي من خلاله. إلى أن قادها تفكيرها بأن تجرب الاستثمار في هذا المجال مستعينة بزوجها (العاطل) وكانت بداية العمل على سيارتين فقط لقلة رأس المال ولكن الربح الكبير الذي كانا يجنيانه من وراء هذه المواصلات جعلهما يتوسعان شيئاً فشيئاً حتى استطاعا أن يكونا من بين الأسماء المعروفة بهذه المهنة.
فيما تذكر السيدة نورة (مستثمرة) بدايتها في هذا المجال وكيف استطاعت التوفيق بينها وبين وظيفتها الأساسية ومدى ما يدر عليها من دخل.. حيث تبيّن بأنها كانت تعمل هي وشقيقتها في قطاعين مختلفين وبدأتا عملهما في نفس الوقت وبسبب عدم توفر المواصلات ووسيلة نقل لهن كانتا تتعاملان مع سيارة أجرة املآ في إنهاء هذه المعاناة ولكن تكلفة الأجرة كانت كبيرة وتعادل مرتب واحدة منهن، حيث إنه يأخذ من كل واحدة منهن 8500 ريال شهرياً أي بما يقارب 1700 ريال شهرياً وهذا مبلغ كبير ولا يستحقه أمام مماطلته الدائمة وكثرة تأخيرة عن الحضور والتعامل معهن بعنجهية لمعرفته مدى حاجتهن الماسة له ولوسيلة تنقلهن. الأمر الذي جعلها تقترح على إحدى الصديقات ممن لهن اهتمام بالغ في المجالات الاستثمارية البسيطة أن تستثمر في هذا المجال بحيث على الصديقة رأس المال وتوفير وسائل النقل وعليها هي إحضار الموظفات والعاملات وان يكون لها 30% من صافي الأرباح، وبالفعل استطاعت في البداية أن تنقل ما يقارب 14 موظفة تدفع كل واحدة منهن 650 إلى800 ريال شهرياً وذلك على حسب المسافة والمكان، وشيئاً فشيئاً ومع وسائل الإعلانات ورغبة الكثيرات من الموظفات في القطاعات الأخرى من إيجاد وسيلة نقل مريحة ومناسبة لهن ولمرتباتهن استطاعت أن تتعاون مع 28 موظفة بمبالغ شهرية متفاوتة ولا تقل عن 21000 شهرياً إلى جانب بقيه المشاوير الأخرى والتي تكون بالساعات وبأسعار جداً مناسبة ومرغوبة.؟! وخلال سنتين استطاعت أن تعيد رأس المال والكثير من الأرباح من هذا المجال البسيط، وها هي الآن مستثمرة صغيرة بهذا المجال الذي عوضها الكثير وأزاح عنها وعن الكثيرات معاناة كبيرة مع المواصلات.
وعن المفاضلة في المواصلات بين ما تقدمه صاحبة المواصلات والمكاتب المختصة بهذا المجال تبيّن أم ركان (موظفة) بأن الخدمات التي تقدمها السيدة صاحبة المواصلات أفضل بكثير مما تقدمه المكاتب الخاصة، حيث إن الأسعار مناسبة جداً بخلاف الأسعار التي يضعها أصحاب المكاتب إلى جانب أن بعض السيدات تكون هي بنفسها مرافقة مع السائق مما يعطي الأمان والراحة للموظفة حين الذهاب والعودة إلى منزلها، والأفضل من ذلك كلّه أن التعاون والاتفاق يكون من قبل سيدة وليس رجلاً مما يعطي أريحية في الكلام والأخذ والعطاء والتجادل في الأسعار بخلاف إذا كان رجلاً.. الأمر الذي يسبب الاحراج للمرأة حين الاتفاق والمفاصلة بالسعر.
وعن مجال الاستثمار في النقل والمواصلات ومدى ضمان ربحيته والإقبال عليه يبين محمد السبيعي (صاحب مكتب مواصلات) بأن النقل والمواصلات يعدان من بين الاستثمارات البسيطة ولكنّ له أرباحاً كبيرة بالأخص أيام المدارس والعمل، حيث إنه يدر مبالغ كبيرة من نقل الموظفات والطالبات، مبيناً بأنه يعمل في هذا العمل أكثر من 8 سنوات ولديه أكثر من 12 سيارة وكل سيارة تنقل ما بين 6 إلى 10 من الموظفات والطالبات إلى جانب السيارات الخاصة بمبالغ تتراوح ما بين 400 إلى 1000 على حسب المكان العمل المسافة وعدد الركاب والأيام.
عن مدى منافسة السيدات والاستثمار في هذا المجال مع أصحاب مكاتب النقل والمواصلات يشير السبيعي إلى أن هناك الكثير من النساء العاملات ممن يعانين من مشكلة عدم توفر المواصلات التي تنقلهن لمقر أعمالهن، الأمر الذي جعل الكثير يأخذ هذا مصدر دخل له ومن بينهن السيدات اللاتي بدأن في تقديم خدمات التوصيل للموظفات والطالبات باستخدام سياراتهن الخاصة والتوسع بتأمين سيارات مناسبة للنقل حين الثابت على هذه المهنة، فالأمر لم يعد كالسابق والمجال لم يعد حكرا على الرجال فقط. على العكس تلاقي خدمه التوصيل رواجاً كبيراً بين الموظفات والطالبات لملاءمتها طبيعة المجتمع السعودي إضافة إلى أن بإمكان كل سيدة أن تتملك سيارة وتستقدم سواق وتعمل في النقل لصالحها والاستفادة ما يدر عليها من هذا المجال.
مبيناً بأنه كان ينقل مجموعة من الموظفات في أحد القطاعات لفترة طويلة ولكن لاحظ ترك هؤلاء الموظفات من معه واحدة تلو الأخرى بأعذار غير مقنعة مما جعله يقوم بتغيير السواق ظناً منه بأنهن يلاقين معاملة سيئة من السواق ولكن الإحراج يمنعهن عن الإفصاح ولكن تفاجأ بأن كل هذه المجموعة تركت السيارة ولم تعد ترغب بالتعاون معه وعند تقصي السبب تبيّن بأن إحدى السيدات استطاعت سحب هؤلاء الموظفات من عنده وتقديم أسعار مغرية وخدمات مميزة لهن من أجل التعاون معها، فالمسألة أصبحت (منافسة في منافسة).
الجدير بالذكر أن التحليلات الاقتصادية تشير إلى الدور الإيجابي للمرأة كمستهلكة في ارتفاع مؤشر العائد المالي من حجم المبيعات بدليل استثماراتها في سوق السيارات الذي أثبتت فيه نجاحاً باهراً كالشركات النسائية لتأجير السيارات، وشركات نقل الطالبات، حيث آخر إحصائية أن حجم مبيعات السيارات للسيدات في الوكالات في الرياض تمثل ما يقارب 20% من حجم المبيعات، ففي عام 2006م وصلت إلى 200 ألف سيارة تملكها نساء وهذا دليل على الدور الكبير الذي تقدمه المرأة لاقتصاد البلد.