كما توقعنا وتوقع متابعو الملف العراقي، فشل مؤتمر نوري المالكي للمصالحة الوطنية في العراق، إذ اختتم المؤتمر الذي غابت عنه أهم الكتل السياسية التي (غسلت) يديها من المالكي والمتحالفين معه، إذ إن الذين يديرون الأوضاع في العراق من جماعة المالكي هدفهم الأول هو الانتقام من جزء كبير من العراقيين، ولذلك فقد غادر حكومته كل الوزراء العرب السنة، وتبعهم وزراء القائمة العراقية من الليبراليين، وقبلهم وزراء التيار الصدري، والمالكي يخوض صراع (نفوذ) مع مجلس الرئاسة العراقية، من خلال محاولته فرض هيمنته على مجلس الرئاسة، وتفسير بنود الدستور لصالحه الذي فصله الأمريكيون لصالح طائفة ومعاقبة طائفة أخرى.
وهكذا وكما هو متوقع، فقد فشل المؤتمر ليضاف إلى سلسلة المؤتمرات الفاشلة، فالمؤتمر عقد دون أن يتخلى الداعون له عن ثقافة الانتقام والإقصاء، ودون وضع برنامج سياسي واضح ينصف ويعالج مقاطعة الكتل السياسية والطوائف التي تقاطع حكومة المالكي والذين يأخذون على المؤتمر والداعين له بأنهم أصلاً غير مؤمنين بما تتضمنه شعارات المؤتمر، وإنما جرى عقده لإرضاء (السيد المحتل) الذي يضغط لإشراك العرب السنة في العملية السياسية للحد من تغلغل النفوذ الإيراني الذي ركب موجة الطائفية واستغلال العرب الشيعة.
أما الهدف الثاني الذي تنبه إليه المعنيون هو محاولة شق صفوف العرب السنة من خلال الدفع برموز صحوة العشائر لإضعاف موقف جبهة التوافق والحوار الوطني المقاطعتين لحكومة المالكي.
ويظهر فشل المؤتمر عجز المالكي عن تحقيق هدفه بشق صفوف العرب السنة وعجزه عن تحقيق رغبة (السيد المحتل) بإشراك حقيقي للعرب السنة في العملية السلمية.
الحدث الثاني الذي تزامن مع دخول الاحتلال للعراق سنته السادسة، هو قدوم ديك تشيني مهندس الغزو للعراق والداعم الأقوى لاستمراره لأكبر فترة ممكنة، ويلاحظ أن تشيني وزع زيارته للعراق على بغداد وأربيل وتكريت، ففي بغداد أجرى مباحثات مع المالكي وهو ما يمثل الحكومة المركزية من جهة، ويمثل طائفة الشيعة، أما في أربيل فكانت مباحثاته مع رئيس الإقليم الكردي مسعود البرزاني تمثل الشق الكردي في التركيبة العراقية، أما زيارته إلى تكريت وقضاؤه الليل والمنام في بلد وهو قضاء تابع لمحافظة تكريت ومعقل للعرب السنة -ورغم عدم الإعلان عن عدم لقائه بشخصيات سنية- إلا أن الكثير من (الصفقات) تعقد من قبل تشيني أثناء زياراته للمناطق التي تشهد أزمات.
وتشيني هدف من زيارته تمهيد الأرض لقبول عراقي من الكتل الطائفية والسياسية والعرقية العراقية، الشيعة والسنّة والأكراد، ببقاء طويل للقوات الأمريكية من خلال إقامة قواعد عسكرية دائمة، إضافة إلى إعطاء الشركات الأمريكية النفطية حصصاً كبيرة في العقود النفطية وإبعاد العراق عن أي تجمع عربي يعادي إسرائيل.
jaser@al-jazirah.com.sa