يقدر المجتمع بكافة أفراده ما يقوم به أعضاء هيئة التدريس في الجامعات من جهود واضحة وملموسة في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع، ومن هنا يطمح كثير من الشباب والشابات في إكمال دراستهم والحصول على المؤهل العلمي الذي يمكنهم من الوقوف في قاعات الجامعات والمشاركة بتلك المهمات الرئيسة. ومع ما يقوم به الأستاذ الجامعي من دور هام في العملية التعليمية داخل أروقة الجامعات، إلا أن هناك (بعض) الأساتذة الذين يقدمون أنموذجاً غير جيد ويتركون أثراً سلبياً في نفوس الطلاب والطالبات؛ حيث يتعامل هؤلاء مع طلابهم وطالباتهم بنوع من الفوقية، ولا يبالون بمشاعر طلابهم وطالباتهم، ولا يتيحون لهم فرصة التعبير عن وجهات نظرهم والتحاور معهم في القضايا العلمية والفكرية والاجتماعية.
إن هذه الفئة من الأساتذة يقدمون المعارف والأفكار لطلابهم وطالباتهم في صور غير قابلة للمناقشة والحوار أو طرح علامات الاستفهام حولها؛ مما يؤدي إلى إخماد روح الإبداع فيهم ويقود إلى إلغاء شخصيتهم العلمية والفكرية. ويظن بعض هؤلاء الأساتذة الذين يطبقون مع طلابهم المنهج التعسفي والرأي الأوحد بأنه من الضروري أن يكون بين المتحاورين اتفاق في وجهات النظر؛ وبالتالي فإنهم لا يتيحون الفرصة للطلاب للنقاش أو الحوار في موضوع المحاضرة أو أي موضوع آخر. إن المهم - من وجهة نظري - أن يسمع الأستاذ من طلابه ويحاورهم بعيداً عن ضرورة الاتفاق على النتيجة النهائية للحوار.
وفي جانب آخر فإن بعض الأساتذة يمتنع عن استقبال الطلاب في مكاتبهم وقت الساعات المكتبية المحددة، بل ويتجنب بعضهم الأحاديث مع طلابهم خارج القاعة بحجة حفظ الهيبة!!. وهنا أتساءل: كيف نأمل في نشوء جيل يقبل ثقافة الحوار وينشرها؟! إنه لا بد أن يعي هؤلاء الأساتذة دورهم في غرس هذه القيم لدى طلاب وطالبات الجامعة، وذلك من خلال طرح بعض الموضوعات التي يتم فيها تبادل وجهات النظر بأسلوب علمي؛ سعياً لتدريب هؤلاء على الحوار وتقبل الآراء والنقد.
ولم يكتف بعض أساتذة الجامعات بتغييب الرأي الآخر داخل القاعات، بل أهمل بعضهم الطلاب والطالبات من خلال قلة الاهتمام بإعداد المادة العلمية؛ حيث يقدمون معلومات هزيلة ومكرورة، ثم إن بعضهم قد يتأخر عن محاضراته أو يغيب دون مسوغ ويتجاهل طلابه ولا يخبرهم بذلك. إن هؤلاء الأساتذة - وهم يقومون بهذه الممارسات غير المهنية - يقدمون أنموذجاً غير جيد لطلاب وطالبات الجامعة الذين سيتولون قريباً مناصب قيادية تعليمية وإدارية، وستكون تلك الممارسات حاضرة في أذهانهم؛ لأن أساتذتهم، وهم القدوة العليا في المجتمع، قد رسّخت فيهم ذلك النوع من الممارسات المهنية الخاطئة.
إن على أساتذة الجامعات الذين يمارسون مثل هذه السلوكيات أن يتذكروا أنهم يظلمون أنفسهم ويظلمون غيرهم؛ لأنهم يقدمون أنموذجاً سيئاً ويرسمون صورة غير صحيحة في أذهان الطلاب والطالبات، وستبقى ممارساتهم محل أسئلة حائرة بين هؤلاء الطلاب الذين ينظرون إلى أستاذ الجامعة نظرة إعزاز وتقدير شوهتها تلك الممارسات. وأخيراً، فإني أؤكد أن هذه النوعية من الأساتذة قليلة، لكنها تعطي انطباعاً غير جيد لدى طلاب وطالبات الجامعات، وربما هي الصورة الباقية في أفكارهم!
alelayan@yahoo.com