من المسلمات في مجال السياسة أن العلاقات التي تربط بلادنا المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية علاقات قوية وتاريخية منذ ما يزيد عن (60) عاماً.
وذلك لأن هذه العلاقات قامت على أسس قوية ومبادىء راسخة ومن أهمها ما يلي:
* أن الدولتين مؤمنتين بالقيم والأديان السماوية وقد ساعدهما ذلك في التصدي لدعوات المادية والإلحاد التي صاحبت انتشار الشيوعية والمد الاشتراكي في حقبة زمنية مضت.
* أن الدولتين مؤمنتين بالأخوة الإنسانية وإحلال السلام في العالم ولذلك تعتبر الدولتين من أوائل الدول التي وقعت على ميثاق (سان فرانسسكو) سنة (1945م) التي أنشئت بموجبه هيئة الأمم المتحدة.
* أن الدولتين تربطهما مصالح مشتركة كبيرة ومن ذلك أن السوق الأمريكية من أهم الأسواق المستهلكة للبترول السعودي، كما أن الكثير من الشباب السعودي تلقوا تعليمهم العالي في مجال الإدارة والمجالات العلمية في الولايات المتحدة، كما أن السوق السعودي تعتبر مجالاً مهماً لاستيراد المواد الغذائية والصناعات المدنية الأمريكية مثل السيارات والتقنيات ونحوها.
* أن الدولتين تقران بحق الإنسان في التملك وتكوين ثروة مالية خاصة به وإن اختلفت نظرة كل منهما في كيفية التطبيق وإن اختلف الأساس والمصدر لذلك فالمملكة تستند في ذلك لما أوردته الشريعة الإسلامية في هذا الصدد فالشريعة الغراء لم تمانع من قيام المسلم بتكوين ثروة مالية خاصة به إن هو راعى متطلبات الدين الحنيف في ذلك ومن تلك المتطلبات القيام بأداء الزكاة وهو ركن مهم في الإسلام. أما الولايات المتحدة فإنها تستند في سماحها للأفراد بحق التملك لمبادىء الرأسمالية التي تسير عليها دول الغرب. وهذه النظرة تخالف ما تسير عليه المذاهب الاشتراكية التي ترى أن سائر وسائل الإنتاج ملكاً للدولة وأن الفرد إنما هو مجرد عامل أو موظف من حقه الحصول على الطعام والملبس والسكن فقط.
وقد بدأت هذه العلاقة بين البلدين باللقاء التاريخي الذي جمع المؤسس الملك عبد العزيز يرحمه الله والرئيس الأمريكي (روزفلت) ثم تطورت بعد ذلك في عهد الملوك من أبناء الملك المؤسس الذين خلفوه في الحكم بالزيارات المتبادلة مع الرؤساء الأمريكيين فقد قام الملك سعود يرحمه الله بزيارة للولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي الأسبق (جون كندي) كما أن الملك فيصل يرحمه الله زار الولايات المتحدة أيضاً في عهد الرئيس (جونسون) واستقبل في بلادنا الرئيس الأمريكي (نيكسون) والملك خالد يرحمه الله زار الولايات المتحدة واستقبل في بلادنا (جيمي كارتر) والملك فهد يرحمه الله زار الولايات المتحدة في عهد الرئيس (ريجان) واستقبل في بلادنا الرئيس الأمريكي (بيل كلينتون) كما تم في عهد الملك فهد وخلال أزمة الخليج الأولى والتي قام فيها العراق بغزو الكويت واحتلاله حصول أثر إيجابي للصداقة الأمريكية السعودية في إزالة هذا الظلم وتحرير دولة الكويت عندما اتفقت المملكة مع الولايات المتحدة على القيام بذلك.
أما خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله فقد زار الولايات المتحدة عندما كان ولياً للعهد في عهد الرئيس الأمريكي الحالي (جورج دبليو بوش) وحظي باستقبال لا يقام إلا للقلائل من زعماء العالم، كما زار الرئيس الأمريكي الحالي (جورج بوش) المملكة مؤخراً ولقي حفاوة واستقبالاً يتناسب مع مكانة بلاده ومع متانة العلاقات السعودية الأمريكية.
وقد شاهد الرئيس الأمريكي بلادنا وما وصلت إليه من تقدم وحضارة كما اجتمع مع كبار المسؤولين وأتيحت له الفرصة للقاء مع العديد من المواطنين ورجال الأعمال وخرج بانطباع بأن بلادنا دولة تسير على طريق التحديث والتطور وأنه لا علاقة لها بالإرهاب أو الإرهابيين كما تدعي بعض الدوائر الغربية غير الرسمية متناسين بأن بلادنا من الدول التي عانت من الإرهاب ولا تزال تحاربه وتكافحه.
وقد كان من نتائج زيارة الرئيس الأمريكي موافقته على إمداد المملكة بدفعة جديدة من الأسلحة المتطورة وقد يكون من نتائجها إن شاء الله تسهيل إجراءات دخول السعوديين للولايات المتحدة سواء للدراسة أو العمل أو السياحة على إثر السلبيات التي صاحبت ذلك بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
وقد عبر الرئيس الأمريكي جورج بوش بعد عودته للولايات المتحدة عن نجاح زيارته لبلادنا.
إذاً، فإن زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة لبلادنا واجتماعه مع خادم الحرمين الشريفين أيده الله قد أعطت دفعاً جديداً للعلاقات بين البلدين وأعادت الثقة لها.
أما زيارة نائب الرئيس الأمريكي (ديك شيني) للمنطقة في الوقت الحاضر والتي تهدف إلى دفع عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل وبحث سبل تعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة فسوف تشمل أيضاً المملكة.
كما أن وزيرة الخارجية الأمريكية (كونداليزا رايس) كلما أتت في زيارة لمنطقة الشرق الأوسط فإن بلادنا تكون من أولويات الدول المشمولة بزياراتها وهذا يدل على تقدير الإدارة الأمريكية لأهمية المملكة وثقلها السياسي ودورها في معالجة قضايا المنطقة والوصول إلى حلول مناسبة لها.
فالإدارة الأمريكية التي تقود أكبر دولة في العالم لديها الحس الذي يساعدها على إدراك ومعرفة الدول ذات الأهمية في العالم والتي يمكن الاعتماد عليها في حماية أمن واستقرار المجتمع الدولي.