* فريق المتابعة -أنور العنزي - ماجد العنزي
استهل المهرجان عروضه بحالة من القلق أثارها عرض ورشة الطائف (حالة قلق) عن نص للكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي ومن إخراج أحمد الأحمري، وجسد شخوصها الأحمري نفسه وبمشاركة مساعد الزهراني، محمد العصيمي، صقر القرني، ممدوح الغشمري، حسين سوادي.
والمسرحية تناولت حالة القلق التي يعيشها الإنسان المحاط بقضايا تؤدي به إلى التلاشي والاضمحلال، عبر ست شخصيات مربوطين بحبال وكراسي، يتقاربون ويتباعدون، يتشابهون ويختلفون، شخصيات تربطهم وحدة واحدة لكن تشتتهم المواقف، يتراجعون خوفاً وحذراً من مد يد المساعدة لمن يقع منهم في مشكلة، فيتركونه لمصيره المحتم، الغياب، الذي هو مصيرهم كلهم.
تتميز أعمال ورشة الطائف باشتغالها على السينوغرافيا والتكوينات البصرية، وهذا ما تحقق في عرض (حالة قلق)، فقد ركز المخرج على هذا الجانب ليخلق رؤية إخراجية توازي جماليات اللغة الشعرية في نص الحارثي المنحازة إلى الفكري والفلسفي والإيغال عميقاً في تناول قضايا الإنسان. فالمنصة فارغة سوى من أدوات اللعبة المسرحية، الكراسي والحبال وأجساد الممثلين الذين كونوا البعد البصري للمسرحية، والذي رفعت من سويته الإضاءة المدروسة والتي نفذها جميل عسيري وأشرف حسن موسى، والمؤثرات الصوتية التي تناغمت مع حركة الممثلين على الخشبة ومع تكويناتهم، المؤثرات نفذها جمعان الذويبي.
وقد أعقب العرض ندوة تطبيقية أدارها الكاتب المسرحي فهد الحوشاني، وحفلت بمداخلات ضيوف المهرجان من النقاد والمسرحيين العرب ومسرحيين سعوديين، وكان أول المتداخلين الناقد الدكتور نادر القنة، الذي أعلن عن دهشته بالعرض، الذي تميز ببنيته النصية الفكرية والفلسفية، فالمسرحية تنتمي لمسرح المناقشة الفكرية وتطرح أزمات مجتمع، وأشار إلى أن العرض يحمل فرجة مسرحية عكستها مفردات الإخراج، واختلف القنة مع المخرج في استخدامه للأزياء والإضاءة والتي لم تتسق مع المستوى التعبيري. بينما وصف المسرحي الأردني غنام غنام نصوص الحارثي بالمشاكسة، ووصفه بأن من جيل الاستئناف على البنى التقليدية. واستشكل على العرض الكشف المبكر لنهايته، ما أنهى البناء الدرامي منذ غياب الممثل الأول، وما أعقبه من أحداث ليس سوى تكرار. ورأى الناقد الدكتور عمر نقرش أن النص يحمل مضامين تدور حول الذات الإنسانية، ولم يكن واضحاً منذ البدء من هو المسيطر الذات، أم الكراسي والحبال.
الدكتور شادي عاشور لم ير أن حالة القلق تمت بصلة لحالة القلق كتشخيص نفسي وتمنى على كاتب النص الإطلاع على كتب نفسية تختص بهذه الحالة، وعاب على الممثلين أخطاءهم النحوية. بينما وجد سامي الجمعان أن النص قائم على ثلاثة مستويات، بنية النص، أثر اللغة على البناء الدرامي، وإشكالية الحل، فبينة النص وضعت العرض في رتابة السرد عبر تراتب المجموعة في سرد حكاياتهم، مما جعل المتفرج ينتظر القصة والتلاشي ويتوقعه، وتساءل هل من الضروري إحالة كل كلمة تلفظ إلى حركة جسد. وشبه الكاتب المسرحي محمد السحيمي لغة الحارثي بأنها توت طائفي في ثغر عذراء مدنية، لما تحمله لغته الشعرية من فخامة، وقرأ الناقد التونسي يوسف البحري العرض بداية بالمقترح السينوغرافي، وفسر دلالاته محيلاً إياه إلى مسلخ يعلق فيه البشر بالمشاجب التي وزعت في فضاء العرض.
َِندوة مصير المسرح
وبوابل من التساؤلات حول مصير أبو الفنون وخاصة مسرحنا العربي تساءل مدير الندوة الأستاذ سامي الجمعان في بداية ندوة مصير المسرح في عالم الديجتال التي أقيمت الاثنين حيال مسرحنا العربي في عصر الرقمنة وهل سيبقى ممثله اعزلا يحارب بصوته وجسده فقط بعيداً عن تقنيات المسرح التي باتت أمراً ملحاً من أجل إعادة بعث المسرح من جديد.
حيث تحدث الدكتور عبدالكريم برشيد عن اطمئنانه على المسرح العربي وأن هناك مؤشرات إيجابية تجاه عودته بصورة أقوى عن السابق موضحاً أن التساؤل عن مصير المسرح ليس وليد اليوم وأنه سؤال ظل يطارد المسرحيين في كل الأجيال السابقة على المستولى التكنولوجي والعلمي والتنافسي ، وقال الدكتور غلوم أن خطاب المسرح العربي يعيبه غياب التيارات الأمر الذي جعله مسرحاً واحداً في حين تنوع المسرح الغربي إلى تجريدي وعبثي وملحمي وكوميدي وغيره من المدارس والتيارات التي تدخلت فيه.
وأضاف برشيد إن المسرح رغم الهجمة التكنولوجية الشرسة سوف يبقى نبضاً حيوياً لا يمكن الاستغناء عنه وسوف يكتب قوة حضوره من قوة التلاقي وليس التلقي.
ثم انتقل الحديث إلى الدكتور حبيب غلوم الذي أوضح في البداية أن التقنية الرقمية فتحت آفاقاً من الصعب على الإنسان السابق التعرف عليها وأن لكل شيء في المستقبل سيكون بديلاً رقمياً، منوهاً بتأثر الفنون بالتغيرات الاقتصادية شأنها شأن أي نشاط إنساني آخر وأن المسرح العربي ظل يقتات على فتات الطفرة التقنية الغربية في ظل تحول المسرح الغربي من شكله الدرامي المعروف إلى مسرح متطور قابل للتشكل والتحول .
ثم تحدث الدكتور العطاس عن بقاء المسرح رغم كل التغيرات وأن تحول العمل المسرحي إلى عمل تقني جعله أشبه ما يكون إلى عمل تلفزيوني.. موضحاً إلى أهمية استخدام التقنيات في خدمة العمل المسرحي لابرازه وترك الانشغال بملاحقة التقنية لآخرين مختصين في هذا المجال حتى يوظفوها على خشبة المسرح.
ثم أعطى المجال للحضور للإدلاء بمداخلاتهم حيث أشار الدكتور نادر القنه.. إلى إشكالية تعويم عنوان الندوة وتركه مفتوحاً وأن العنوان خلق فوبيا تجاه مستقبل ومصير المسرح باعتبار أن عنوان مصير المسرح في عالم الديجتال ليس مطروحاً عند الذين صنعوا المسرح وليس مطروحاً عند الذين صنعوا الدجتال في حين أن المسرح مر بحقب تاريخية استوعبت كل التحولات التقنية والاختراعات.
و قال الأستاذ نايف خلف في مداخلته: أن انهزامية عنوان الندوة أوقعنا في إشكالية تجريد المسرح من عالميته وجعله تحت عالمية الديجتال.
بدء فعاليات ورشة العمل المسرحي
وانطلقت صباح الاثنين فعاليات ورشة العمل المسرحي (تقنيات إعداد الممثل) والتي تقام ضمن أنشطة مهرجان المسرح السعودي الرابع بالقاعة الثقافية بمركز الملك فهد الثقافي.. والتي يحاضر فيها الدكتور مدحت الكاشف أستاذ الإخراج والتمثيل بمعهد الفنون المسرحية بالقاهرة ويشرف عليها الأستاذ رجاء العتيبي رئيس اللجنة الفنية بالمهرجان بمتابعة وتنسيق وليد الشهري وفيصل العمري.
وقد بدأت الورشة بكلمة لرئيس اللجنة الفنية للمهرجان المشرف على الورشة رجاء العتيبي رحب فيها بالمتدربين في هذه الورشة مؤكداً أهمية الورشة في حفل مهارات الممثلين من جمع مناطق المملكة وتدريبهم ودعمهم بما يتناسب مع طموحات وآمال الممثل السعودي.. مشيراً إلى أن الورشة سوف تستمر لمدة ثمانية أيام ويتخللها عدداً من المحاضرات والجلسات التطبيقية في مجال تقنيات إعداد الممثل.
أوضح منسق ورشة العمل المسرحي بمهرجان المسرح السعودي الرابع الأستاذ وليد الشهري أن فعاليات الورشة تستمر حتى الخميس حيث تبدأ الورشة عند التاسعة صباحاً وحتى الثانية ظهراً مؤكداً أن اليوم الأربعاء هو آخر موعد للتسجيل في الورشة وحث جميع المتدربين في الدورة على أهمية الانضباط والالتزام بالوقت المحدد لمحاضرات الورشة لتعم الفائدة على الجميع وبما يتواكب مع أهداف مهرجان المسرح السعودي الرابع.