Al Jazirah NewsPaper Wednesday  19/03/2008 G Issue 12956
الاربعاء 11 ربيع الأول 1429   العدد  12956
وقفات عند زيارة الأمير سلطان لدولة قطر
د. عبدالقادر بن عبدالرحمن الحيدر

كنت العام الماضي في رحلة برية لمنطقة خريص القريبة من الرياض، فوجدت الإبل والطبيعة الجيدة، وكان أهم من ذلك، ما لقيناه من حسن استقبال وكرم من أصحاب المواشي، كما وجدت أني بين إخوتي وأبناء عمومتي، فلم أر اختلافاً إلا في لوحات السيارات، وجدت الكثير من السيارات القطرية مع السعودية في بيت واحد. وأسعد ما رأيت توحد العادات ومواضيع النقاش، وهنا سألت نفسي: ما الفرق بين القطري والسعودي؟ فلم أجد شيئاً من ذلك، ولكن وجدت الجواب من شاب سألته من أين أنت؟ قال لي كلمة خالدة لن أنساها: أنا قطري وقلبي سعودي.

أردت بتلك التوطئة أن أعرج على الزيارة التاريخية التي قام بها ولي العهد سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى دولة قطر، وما شاهدناه من حسن الاستقبال لذلك الرجل الحكيم، الذي منحه الله دربة وحصافة ووجهاً مبتسماً، فقد كانت تلك الزيارة تاريخية، وتحمل معاني كثيرة، خصوصاً ونحن في وقت وظروف سياسية معقدة بامتياز، لا مجال فيها إلا للتوحد والتعاون ونبذ الخلاف.

من منطلق البحث العلمي، ومن واقع مراسيم الزيارة وما قرأته من تعقيبات صادقة من مواطني البلدين، فإنه لابد أن تكون هنالك وقفات وتأملات حول تلك الزيارة التاريخية:

1) استطاعت دول أوروبا على الرغم من عدم توحد لغاتهم واختلاف طبائعهم ومللهم، أن يتعاونوا في تأسيس اتحاد أوروبي يسمح باستقلال القرار السياسي لكل دولة، ولكن ضمن منظومة اقتصادية وسياسية مشتركة، فهنا نتساءل نحن دول الخليج العربي: لماذا لا يكون بيننا وحدة اقتصادية خصوصاً وأن الروابط الاجتماعية والقيم الدينية واحدة!!، وفي الوقت نفسه أن يكون هنالك سعة أفق لدى الجميع حيال أي خلاف في بعض القضايا حتى وإن كانت مصيرية، ذلك لأن الخلاف والتضاد سوف يؤديان إلى مزيد من الفرقة.

2) إن وجود حكام لهم سعة أفق وخبرة وشجاعة في حل المشاكل، كما رأيناه في سمو الأمير سلطان، له دور كبير جداً في امتصاص جميع الصدمات التي يخطط لها أعداء هذه الأمة، وبالتالي سوف يساعد على تشابه وجهات النظر وسهولة التنسيق بين دولهم، وهذا بالطبع سوف يعطي دول الخليج دوراً سياسياً فاعلاً ومؤثراً حيال أي مشروع يهم المنطقة.

3) إن المتتبع لأحداث المنطقة، يرى العجب العجاب، ففي الوقت الذي تدعي فيه الولايات المتحدة عداءها ومعارضتها للنظام الإيراني، نرى رئيس النظام الأخير يزور العراق وبحماية أمريكية!! فهذا يقودنا إلى أن الخلاف بين الدولتين من النوع الهوليودي، وهذا يؤكد لنا ضرورة توحد قيادة وشعوب دول الخليج، لأن في ذلك وقفاً لجميع مظاهر الابتزاز والتخويف الذي تتعرض له المنطقة.

4) إن من الخطوات البناءة لوحدة خليجية يحتاج إلى زيادة التعاون والارتباط بين دولها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، عبور أنابيب الغاز القطري إلى دول أوروبا وغيرها عن طريق المملكة، وربط دول الخليج في ما بينها كهربائياً، الشراكة والتنسيق في الصناعات البتروكيميائية، كل تلك الارتباطات تجعل من دول الخليج كتلة متماسكة ذات ثقل سياسي عالمي.

5) وقفة أخيرة، من واقع التعاون بين دول الخليج العربي في مجال الشراء الموحد للدواء (على سبيل المثال)، وجدنا الأسعار بمجرد ذلك التوحد وصلت إلى أقل من النصف!!، فهذا يقودنا إلى ضرورة تعاون دول الخليج في قضايا اقتصادية أخرى، مثل إيجاد آلية لمحاربة الغلاء، وشراء موحد لبعض السلع الغذائية التموينية، والتعاون العلمي بين المؤسسات الثقافية والأكاديمية والبحثية.

جامعة الملك سعود


aqahaider@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد