Al Jazirah NewsPaper Wednesday  19/03/2008 G Issue 12956
الاربعاء 11 ربيع الأول 1429   العدد  12956
أنت
الكذب ملة واحدة
م. عبد المحسن بن عبد الله الماضي

حينما رجع ذلك الباحث عن النص الصحيح لحديث شريف دون أن يأخذه من راوٍ يعيش في العراق.. رغم أنه ضرب إليه آباط الإبل من المدينة المنورة.. بعد أن وجده يكذب على دابته بإيهامها من خلال رفع أطرا فثوبه كأن فيه علف حتى يمسك بها.. فإن ذلك الباحث عن الحقيقة يؤمن أن الكذب ملة واحدة تماماً كما أن الكفر ملة واحدة.. وأن الكذب كذب بأية صفة وبأي وضع وعلى من يكن.

واليوم هناك من يبرر الكذب إذا كان هدفه الوصول إلى غاية سامية.. وهو المنهج الميكيافيلي التقليدي الذي اتخذ من شرعية الغاية ونبلها مبرراً للوصول إليها مهما كانت الوسيلة لا أخلاقية.. أقول مقالتي هذه بعد أن استمعت إلى شريط من أربعة أجزاء للشيخ الدكتور خالد السبت وكان بعنوان (عبرة في التاريخ).

بداية فإن الشيخ الدكتور خالد من الدعاة لله.. كما أن صوته جميل وأداؤه جيد.. وحديثه سلس.. إلا أنه اجترأ على وقائع التاريخ التي يسردها سرداً فهو يلوي أعناق الحقائق التاريخية وصولاً إلى (الغاية النبيلة) وهي تبرير كل تصرف بالإيجاب إذا كان الفاعل مسلماً وبالسلب إذا كان الفاعل غير مسلم.

والحقبة التاريخية التي اختارها الشيخ الدكتور خالد لإيصال رسالته ودعم حجته هي تاريخ مصر منذ مطلع الألفية الثانية.. حينما تأرجح حكم مصر بين المماليك والأترك والفرنسيين ثم الإنجليز.. فحسّن وراح يثني على أفعال المماليك والأتراك الاستعمارية وتصرفاتهم التي آذت مصر وأهلها لمجرد أنهم مسلمون.. وشوّه وقبَّح أفعال الفرنسيين والإنجليز لأنهم كفرة.. وحتى الأعمال الجيدة التي اعترف بها للفرنسيين والإنجليز بررها بتبريرات تآمرية.. فمعهد الآثار الذي أسسه الفرنسيون وحافظ عليه الإنجليز من بعدهم اعتبر الشيخ الدكتور أن الهدف منه هو فك ارتباط مصر بالإسلام وربطها بالفرعوية.

والناظر إلى الأمور اليوم وبعد مرور أكثر من قرنين على تأسيس المعهد يجد أن تحليل الشيخ الدكتور يدل على سطحية الرؤية وغرضية الرأي.. فهل يرى مصر اليوم أكثر ارتباطاً بالفرعونية أم بالعروبة والإسلام؟

أما وصفه الشائن لرموز مصر الحضارية في العصر الحديث أمثال الشيخ محمد عبده والشيخ رفاعة الطهطاوي والشيخ جمال الدين الأفغاني وآخرين من الذين يراهم المجتمع المصري رموزاً له واتهامهم بالجاسوسية أو الفساد فهذا قذف يمكن أن يؤاخذ عليه شرعاً.

والسؤال الذي يثيره هذا الشريط وأشرطة أخرى غيره: هل الإسلام في حاجة إلى هذا التهافت في الدعوة والذي يبلغ حد الافتراء؟



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5913 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد