تسأل حكام كرة القدم عن سبب الأخطاء التي تتكرر وبشكل ملفت للنظر، والتبرير الذي تسمعه يختلف من حكم إلى آخر لكنهم كلهم يتفقون على أنهم محاربون من بعض الفئات المؤثرة، وتسأل لاعبين عن سبب تدني مستواهم وتسمع أجوبة تتباين وتختلف لكنها تتفق على أن هناك من يحاربهم ويسعى لتدميرهم، وتكرر السؤال على رؤساء أندية أخفقت فرقهم أو خسرت مباراة أو لم تحقق للجماهير ما كانت تأمله منهم، وترى أن العامل المشترك الأعظم في كل الأجوبة التي تسمعها وجود أناس يحاربون النادي ويتمنون خرابه، تترك المجال الرياضي وتسأل في المجال العلمي مدير إدارة أو مسؤولا في أي قطاع عن سبب القصور في الأداء أو الخدمات وكثرة الأخطاء، وإن كان هؤلاء يتميزون باحترافية التبرير لكنك مع هذا ستجد أن الأمر الذين يتفقون عليه أنهم محاربون، وأن في الخفاء أيدي تسعى لإرباك العمل وتعطيله وتضع العراقيل حتى لا يتحقق النجاح، وتنتقل للمجال السياسي لتسمع من المعنيين في هذا المجال ما يدل على وجود من يحاربهم في الخفاء ويسعى لعرقلة مسيرة التنمية التي يحرصون عليها. تضعك الظروف أمام تاجر وتسأله عن سبب ما يحدث من غلاء وقصور في مراعاة الجانب الإنساني والوطني، وتسمع منه الجواب نفسه.. في الخفاء أيد تحاربهم وتحاول التضييق عليهم. اسأل من شئت عن سبب علة أو مشكلة تراها في تعاملاتهم أو أدائهم أو قراراتهم وما تسببت فيه من كوارث وسترى أنهم على الرغم من تباين واختلاف ما سيقولونه لك، يتفقون على أن هناك من يحاربهم ويسعى لعرقلة جهودهم ويحول بينهم وبين ما يريدونه من خير وأهداف نبيلة، حتى لو سألت ولدا مراهقا عن سبب هروبه من البيت أو سهره الدائم سيقول لك مبررات لكنه سينتهي إلى أنه محارب من أبيه أو أمه أو أخيه الكبير، حتى الفنانين والمطربين في مقابلاتهم وحديثهم في الفاضي والمليان يتفقون على أن في الخفاء من يحاربهم ويحرص على عدم انتشارهم ونجاحهم.
وضع غريب، الكل يشعر أنه محارب، فالحكم واللاعب والتاجر والسياسي والمواطن والصغير والكبير كلهم محاربون، والكل يشعر أن حجم الحقد المخفي الذي يسعى لتدميره كبير جدا، بعبارة أخرى كلنا نحارب كلنا، فإن كانت هذه هي الحقيقة فنحن في قلب مشكلة لا حل لها غير أن نموت ويبعث غيرنا قلوبهم أصفى من قلوبنا وحرصهم على التكامل أكبر من حرصنا، وإن كان ما نقوله كلنا عن وجود من يحاربنا في الخفاء ويسعى لتدميرنا مجرد وهم نسند إليه ضعف هممنا ونعلق عليه أخطاءنا، فنحن أيضا في قلب مشكلة لا حل لها غير أن نموت ويبعث غيرنا لا يعانون من مرض الوهم ولا تسمح عزائمهم أن يعلقوا تخلفهم على مجهول لا وجود له يحاربهم في الخفاء.. والله المستعان.
naderalkalbani@hotmail.com