الملك عبدالله بن عبدالعزيز رجل تجتمع في مكوناته الشخصية أصالة العربي النبيل، وشهامة الكريم المجتهد، ومع هذه الصفات تشترك صفات ومميزات ذاتية إن كان أولها تحمل المسئوليات الجسام للذود عن حياض الأمة العربية والإسلامية ومعالجة قضاياها الراهنة، فإن الصراحة والصدق والشفافية في الطرح والروئ ليس بآخرها، وخير دليل على ذلك ما تضمنه خطاب المليك لأعضاء مجلس الشورى أمس من حديث شفاف ورقيق، كان أبلغ الوصف له ما قاله خادم الحرمين الشريفين عنه، حينما وصفه بحديث من القلب إلى القلب.
هذا الخطاب التربوي والنهضوي الذي طرحه خادم الحرمين الشريفين، وتناول فيه عدة مفاهيم ومعطيات كان من ضمنها الحرية المسؤولة مع التأكيد على أنها حق لكل النفوس الطاهرة، والحديث عن النقد الهادف المسؤول والبناء، يعتبر بمثابة نبراس في مسيرة الأوطان، لكل المتشدقين في عالم اليوم عن مفهوم الحرية الذي أصبح بمثابة عصا الفوضى والانفلات، التي تضرب بها استقرار الشعوب وتشتت بها مشاريعهم التعايشية من خلال تجاهل تجاربهم الحضارية وخصوصياتهم الثقافية والمعرفية.
تظل المملكة العربية السعودية بقيادتها الرزينة والأمينة التي اعتمدت أسلوب المكاشفة والشفافية في الطرح أنموذجاً يحتذى به في عالم الارتباك الوطني كما أن التجربة الشورية الناجحة، التي تحاذيها في المسيرة الوطنية خطى الإصلاح المتدرج القائم على التفكير قبل التدبير، ومراعاة خصوصيات الظرف ومعطياته خير دليل على أصالة التنمية السعودية في كلا أصعدتها وعلى رأسها التنمية المؤسسية والعملية.
وهو ما يتضح بشكل جلي لكل مراقب لمسارات التنمية الداخلية التي استهدفت بشكل مباشر رفاهية المواطن وتأمين مستقبله والنهوض بمستواه الإنساني عن طريق رسم واعتماد الخطط التنموية الجبارة وسن القوانين والتشريعات الضرورية لذلك وفتح كل الملفات الضرورية للنقاش واعتماد أساليب علاجها والتعامل بها بأسلوب مهني إيجابي، ويضاف إلى ذلك وضوح الأهداف والروئ على المستوى الخارجي في تعامل المملكة مع ما يحيط بها من تفاعلات دولية وإشكالات أممية في محيطها الإقليمي والعالمي أيضاً والذي ضربت به السياسة السعودية الخارجية أروع الأمثلة في النجاح والإنتاج بشكل لا يقل إيجابية عن إنجازاتها على مستوى الداخل.