بيروت - منير الحافي
أما وقد انتهت قمة داكار الإسلامية، إلى بيان وسطي، وافق عليه لبنان، يدعم المبادرة العربية ويشدد على ضرورة قيام المحكمة الدولية، فالأنظار تتجه الآن إلى قمة دمشق العربية. وما يهم لبنان قبل الحديث عن مقررات القمة، التي يبدو أنها معروفة النتائج سلفاً لأسباب عدة، هو هل سيتمثل في القمة؟ وما هو مستوى التمثيل، وذلك بعد تسلمه الدعوة رسمياً من سوريا، المستضيفة للقمة.
إلا أن الدعوة بحد ذاتها عدَّها بعض لبنان ملتبسة، ورأى فيها بعضه الآخر (أمراً طبيعياً) ومخرجاً متفقاً عليه مع الجامعة العربية، لحل مشكلة عدم وجود رئيس جمهورية، يفترض بالعادة أن توجه الدعوة إليه. الحكومة بطبيعة الحال، تنظر إلى الدعوة السورية بكثير من الشك. فدمشق بحسب الموالاة انتظرت غياب الرئيس فؤاد السنيورة عن بيروت (كان في داكار ممثلاً لبنان إلى القمة الإسلامية) لترسل إلى بيروت وفداً مؤلفاً من شخصين أعلاهما رتبةً، هو مساعد وزير الخارجية السورية. وقد قام معاون الوزير بتسليم الدعوة الخطية إلى وزير الخارجية اللبناني المستقيل فوزي صلوخ، كي يسلمها بدوره إلى الرئيس السنيورة، عبر البريد! وذلك بسبب انقطاع التواصل بين الوزراء المستقيلين (الذين يستمرون انتقائياً في تسيير شؤون وزارتهم) ورئيسهم!
مستوى الوفد هذا، أثار انتقاداً واسعاً من طرف الموالاة، وقد رأى فيه وزراء أنه (أهان) لبنان لأن كل الدول العربية تسلمت الدعوة من وزير الخارجية السوري أو من ينوب عنه من الوزراء، وكان لبنان الوحيد الذي تسلم الدعوة من معاون للوزير، وكان البلد العربي (الأخير) الذي تلقى دعوة من جارته.
سلبية أخرى تراها الموالاة في الدعوة السورية، وهي أن الدعوة إلى لبنان، وإن كانت موجهة إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، إلا أنها لم تصدر عن الرئيس السوري كما في كل الدعوات الموجهة إلى الدول العربية، بل إنها مرسلة من رئيس الحكومة السوري.
أما الإيجابية الوحيدة التي رأى فيها وزراء في الحكومة للدعوة السورية، فهي (اعترافها بشرعية ودستورية حكومة الرئيس السنيورة).
انطلاقاً من ذلك، تؤكد مصادر حكومية أن قبول لبنان بالدعوة ينتظر عودة رئيس مجلس الوزراء من الخارج. إذ ذاك ينعقد مجلس الوزراء ويقرر مجتمعاً موضوع قبول الدعوة من رفضها. وهنا يبرز رأيان داخل الصف الحكومي، واحد يرى إمكانية تمثيل لبنان في القمة العربية عبر وزير مسيحي، لتكون رسالة إلى من يعنيهم الأمر بأن مقعد لبنان في القمم العربية يجب أن يمثل برئيس الجمهورية، وهو (الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي). وفي هذا الحضور، حث ربما للمجتمعين، خصوصاً من (لا يسهلون انتخاب رئيس للبنان) على العمل على تسهيل انتخاب الرئيس. وفي هذا المجال، قيل سابقاً إن مجلس الوزراء قد يقرر إيفاد قائد الجيش العماد ميشال سليمان، ليمثل لبنان. إلا أن الحديث عن هذا الأمر لم يعد مطروحاً أقله في الإعلام.
والرأي الآخر، وهو الغالب ربما، يقول بضرورة مقاطعة لبنان للقمة العربية، للأسباب الآنفة الذكر المتعلقة بالدعوة أولاً، وثانياً لأن المقاطعة بنظر أصحاب هذا الرأي، أقوى تأثيراً من الحضور. وفي ذلك تذكير محسوس للقادة العرب، بأن لبنان ببساطة: بلا رئيس.
المعارضة بدورها، بدت غير معنية باختلاف الرأي من حضور لبنان الرسمي (أي الحكومة) من عدم الحضور. ورأى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن (القمة بألف خير، وستكون سوريا رئيستها بشكل عادي وطبيعي). لكنه قال إن الموالاة (فشلت) في موقفها من المشاركة في قمة دمشق بسبب تعدد الآراء عندها.
وتوجه للغالبية: (اتفقوا أولاً على ما ستفعلون).