Al Jazirah NewsPaper Friday  14/03/2008 G Issue 12951
الجمعة 06 ربيع الأول 1429   العدد  12951
بعد 5 سنوات من الحرب

بعد خمس سنوات من الحرب في العراق يمكن تقييم هذه المغامرة الخطيرة بأنها عملت على خلق بؤرة جذابة للإرهابيين، الذين أخذوا يتدفقون على العراق، لتصبح ساحة للقتال والتدريب وتنظيم الصفوف.. كما شهدت مدنٌ عربية وعالمية أعمالاً إرهابية اعتبرها الإرهابيون رداً على حرب العراق كما في لندن ومدريد وعمّان وشرم الشيخ وغيرها من المدن.. كما عملت على تأجيج الفتن بين مختلف الطوائف والمذاهب، وبخاصة بين السنَّة والشيعة.. هذا عدا الأعباء الأمنية التي فُرضت على دول الجوار، وبخاصة الدول التي تدفق إليها آلاف اللاجئين من العراقيين.

هذه النتائج لم تكن في حسبان الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي أعلن في الأول من مايو 2003 ومن على متن حاملة طائرات أمريكية انتهاء العمليات العسكرية الرئيسة في العراق.. مبشراً بعهد جديد من الحرية والديمقراطية والاستقرار والتقدم في عموم الشرق الأوسط.. وساد الإدارة الأمريكية شعور بالثقة والسعادة، حتى إن وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد قال إن الحرب يمكن أن تنتهي بعدد أقل من الجنود.. لكن الأحداث في العراق جاءت على غير ما تمنى بوش، وبخاصة بعد خمسة أشهر من إعلانه ذلك، عندما اعترفت الولايات المتحدة وبريطانيا بعدم العثور على أسلحة الدمار الشامل في العراق، وهي الذريعة الأولى وتكاد تكون الوحيدة لغزو العراق والإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين.. وبذلك الاعتراف يمكن القول إن الغطاء الشرعي للحرب نُزع، لينقلب السحر على الساحر، فأخذت المظاهرات داخل أمريكا تندلع مطالبة بإنهاء الحرب وإنقاذ أرواح الجنود الأمريكيين الذين قُتل منهم لحد الآن قرابة الأربعة آلاف جندي.

كذلك خسر الجمهوريون الذين ينتمي إليهم بوش الانتخابات التشريعية، كما أصبحت الحرب مادة دسمة للديمقراطيين لكسب معركة الانتخابات الرئاسية المقبلة، هذا عدا الاستقالات المتتالية في الإدارة الأمريكية الحالية، وآخرها استقالة الأميرال وليام فالون قائد العمليات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط الذي اعلن استقالته الثلاثاء الماضي.. ولم تقتصر آثار الحرب على الداخل الأمريكي، وإنما تعدته إلى حلفائه فأطاحت الحرب في العراق بالزعماء الكبار الذين دعموا المجهود الحربي مثل رؤساء وزراء كل من إسبانيا وإيطاليا وأستراليا.

قرار الحرب كان قراراً خاطئاً لأنها وترت المنطقة وعرّضتها لمخاطر أكبر بكثير من السابق.. والحرب لا يمكن أن تخلق أصدقاء بقدر ما تخلق أعداء.. وهذا أكده جندي أمريكي شاب عندما قال: (أنا لا أفهمها، لا أستطيع ببساطة استيعابها.. طوال التدريب الأساسي والتدريب المتقدم وقبل الانتشار علمونا كيف نقتل وطلبوا منا أن نقتل.. ثم جئنا إلى هنا وطُلب منا أن نكسب أصدقاء)!.








 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد