Al Jazirah NewsPaper Friday  14/03/2008 G Issue 12951
الجمعة 06 ربيع الأول 1429   العدد  12951
يا ليتني كنتُ عقيماً
عبيد بن عساف الطوياوي *

(ياليتني كنت عقيماً).. قالها والعَبْرة تخنقه والحسرة تحيط به من كل جانب، والسبب أبناؤه الذين مالوا مع شهواتهم واتبعوا ملذاتهم ولم يأبهوا به ولا بنصائحه وتوجيهاته، وقد بذل من أجل راحتهم، وفي سبيل سعادتهم الغالي والنفيس، ولكن - سبحان الله - تجري الرياح بما لم تشته السفن. سألته عن ماذا ينقم منهم؟ وبماذا ينتقدهم؟ قال: أمور كثيرة تكدر البال وتفسد المزاج، يسهرون الليل وينامون النهار، ويتكاسلون عن الصلاة، يتابعون القنوات، هواتفهم النقالة مملوءة بالمقاطع السيئة، تشم معهم روائح الدخان أحيانا، أنفق الأموال الطائلة على إصلاح سيارتهم، المخالفات المرورية بالآلاف، قطع إشارات، تفحيط، وقوف بأماكن ممنوعة، سرعة زائدة وغير ذلك. سألته عن موقف والدتهم، كنت أظن أنها تدافع عنهم كما يفعل بعض الأمهات، عندما يريد الآباء تربية وتأديب أبنائهم، قال: الله في عونها، أصيبت ببعض الأمراض بأسبابهم، فهي بين نارين، نار أب يتقطع ألما وحسرة على أبنائه، وبين نار أبناء لا يبالون في نصح ناصح، ولا يعملون بتوجيه مشفق.

ابتسمت في وجهه لأهون عليه وقلت له: أولا: أحمد الله جل وعلا أنهم لم يتورطوا بأعظم من ذلك، فما زالت أفكارهم وأعراضهم وعقولهم سليمة، ولكن أدركهم قبل فوات الأوان، تفقد نفسك أولاً أنت فإن الله عز وجل يقول: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (30) سورة الشورى.

ثم ادع الله عز وجل لهم، لأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها عز وجل كيف يشاء، وغير أسلوبك معهم، فالشدة تنفع أحيانا واللين ينفع أحيانا، والحكمة من شروط الدعوة وهي وضع الشيء في موضعه، وإياك والانشغال عنهم والترفع عليهم، انزل إلى مستواهم لتبلغ رسالتك، وتخلي مسؤوليتك، احرص على إيجاد البيئة المناسبة لهم، احرص على اختيار الرفقة الصالحة، حاول إشغالهم بما ينفعك وينفعهم، لأن الفراغ مع الشباب مفسدة كما قال الشاعر:

إن الفراغ والشباب والجده... مفسدة للمرء أي مفسدة.

قاطعني بزفرة تقطع نياط القلب وقال: والله إننا مقصرون، وقد يصدق علينا المثل القائل: يداك أوكتا وفوك نفخ. انشغلنا عنهم في صغرهم باستراحاتنا وفي سفراتنا وفي سهراتنا، وفرنا لهم ما يغذي أجسادهم ولكننا أهملنا غذاء أرواحهم، وها هي النتيجة، فاستغفر الله عز وجل عن أمنيتي للعقم وأسأل الله أن يعينني ما فات، وجزاك الله خيرا أخي. ودعته وأنا أسأل الله عز وجل أن يعينه على تأدية أمانته وإخلاء مسؤوليته.

حائل - ص.ب 3998



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد