Al Jazirah NewsPaper Friday  14/03/2008 G Issue 12951
الجمعة 06 ربيع الأول 1429   العدد  12951
الشيخ ابن عثيمين يقول لن أسامحك
فهد بن سليمان التويجري *

في يوم من أيام الدوام (العمل) اتصل علي شخص على هاتف مكتبي لا أعرفه: وقال لي: فلان قلت: نعم. أنا فلان فقال لي: أرجوك سامحني! أو اجعلني في حل! فقلت من أنت فقال: لن أخبرك! فقلت: عن ماذا أسامحك؟ فقال: إني اغتبتك بمجلس ما، فقلت: سامحك الله وجعلك في حل. انتهت المكالمة.

: إن العفو والتجاوز عن الآخرين أفضل عند الله، وقد يظن البعض منا أن عدم التجاوز والعفو أحسن، حيث نأخذ من حسنات غيرنا، وهذا صحيح لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أننا نأخذ من حسنات غيرنا إذا ظلمونا. ولكن التجاوز والعفو أفضل وأجمل ذلك لأن الله سبحانه وتعالى تكفل بالحسنات، ويعطينا أفضل من حسنات من ظلمونا. ووقعوا في أعراضنا، أو أخذوا أموالنا، يقول تعالى: { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (22) سورة النور، ويقول: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (40) سورة الشورى.

والنبي صلى الله عليه وسلم عفا عن أناس كثيرين. وقعوا في عرضه، وسبوا ونالوا منه، واعتدوا عليه، بل وطردوه من وطنه، فعفا عن أبي سفيان بن حرب، والحارث بن هشام وغيرهما.

: فما أجمل وأحسن أن تعفوا كما عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما عفا أبو بكر عن مسطح بن أثاثة.

إن العفو من شيم الكرام، وصفات أهل الإيمان، وليس معنا ذلك أن نترك للناس أعراضنا ليقعوا فيها أو لحومنا ليأكلوا منها، وقد حدثني أحد الأخوة أن الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله- اتصل عليه شخص وقال له: يا شيخ محمد: حللني فقد وقعت في عرضك! (يعني اغتبتك) فقال ابن عثيمين - رحمه الله-: لن أسامحك فلما وضع الشيخ السماعة قال لمن حوله: اللهم اجعله في حل، ثم قال الشيخ: إني فعلت هذا لكي لا يستمر المتصل وأشباهه في غيبة الآخرين، إخواني القراء: ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟! قالها ربنا لأبي بكر الصديق، أيها القارئ: كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة في رمضان أن تقول: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)، اللهم اعف ربنا عمن ظلمونا أو وقعوا في أعراضنا أو أخذوا أموالنا فما عند الله خير وأبقى.

أخي القارئ: اذهب إلى من قاطعتهم فصلهم وإلى من أحزنتهم فأفرحهم وإلى من عاديتهم فسالمهم وإلى من اغتبتهم فتحللهم، وإن لم تفعل هذا الآن فإلى متى.. إلى متى.. إلى متى..!!

وإلى اللقاء.

*المجمعة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد