داكار - الوكالات
دعا صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية سوريا إلى المساعدة على التوصل إلى حل للأزمة الرئاسية في لبنان، وقال الأمير سعود الفيصل الذي يرأس وفد المملكة في القمة الإسلامية 11 في العاصمة السنغالية دكار. نتطلع إلى دور سوري فاعل لتحقيق وفاق وطني في لبنان استنادا إلى المبادرة العربية التي تدعو إلى انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، كما أعرب سموه عن قلق المنطقة حيال الملف النووي الإيراني داعيا إلى حل الملف بالطرق السلمية، وفيما يتصل بالعراق أعرب الأمير سعود الفيصل عن أمله في أن تتحقق المصالحة الوطنية لكي يتواكب التقدم السياسي
والدستوري مع التحسن الأمني.
جاء ذلك في كلمة المملكة الذي ألقاها سموه في افتتاح القمة.
وفيما يلي نص كلمة سمو الأمير سعود الفيصل أمام المؤتمر:
إن المملكة العربية السعودية تنظر إلى قمة داكار باعتبارها محطة هامة كونها تأتي بعد اعتماد قادة الأمة الإسلامية في قمة مكة الاستثنائية برنامج العمل العشري الذي يهدف إلى التعامل مع التحديات التي تواجهها الأمة الإسلامية وفق رؤية إستراتيجية تخطط لمستقبلها وتواكب المتغيرات الدولية وتطوراتها.
إن المنتظر والمأمول من الاجتماع الراهن أن يراجع الخطط التي تضمنها البرنامج العشري من زاوية ما تم إنجازه منها وما يتعين علينا استكماله وقد أنشأت حكومة المملكة العربية السعودية بموجب ذلك لجنة وطنية لتنفيذ ومتابعة وتنسيق برامج مع العالم الإسلامي في إطار العمل المشترك.
وعلى الرغم من الفترة الزمنية القصيرة نسبيا على إقرار برنامج العمل العشري إلا أننا بدأنا نلمس بعض ثمرات تطبيقه المتمثلة في تعزيز دور مجمع الفقه الإسلامي بغية جعله مرجعا للتشريع والفتوى ووضع حد لحالة الفوضى السائدة في مجال الإفتاء وتطوير مهام المجمع لتشمل تشجيع الحوار بين المذاهب الإسلامية وكسب احترام الآخرين والتعبير عن وسطية الإسلام وسماحته.
كما شهدت الفترة الماضية إطلاق الجهود الجادة نحو تطوير ميثاق منظمتنا لتمكينها من استيعاب المتغيرات ومواجهة متطلبات المرحلة الراهنة المنصوص عليها في برنامج العمل العشري.
ومع أهمية هذه الخطوات وما ترمز إليه من توجه جاد للارتقاء بنوعية العمل الإسلامي المشترك إلا أنه ما زال يتعين علينا بذل الكثير من الجهود والمساعي على الصعيد الداخلي لكل دولة وعلى المستوى الجماعي في العمل بكل عزم وجدية لتنفيذ كل جوانب البرنامج في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
إن منهج العقلانية وأسلوب الاعتدال وروح التسامح والانفتاح على الآخر يجب أن تشكل أداة نتسلح بها في مواجهة التحديات الراهنة وستظل قضايانا المصيرية على حالها ما لم يتغير أسلوبنا في التعامل معها، كما أن المجتمع الدولي لا يمكن أن يتعامل معنا بالجدية المطلوبة ما لم يلمس مصداقيتنا وتضامننا في الدفاع عن هذه القضايا والتزامنا بالوفاء بمتطلبات السعي لنيل حقوقنا المسلوبة.
وفي سياق مراجعتنا للمبادئ التي احتوى عليها البرنامج العشري لا بد من التنويه إلى أن الدعوة إلى الاعتدال والتسامح والانفتاح نحو الحضارات والثقافات الأخرى ليس المقصود منها تجاهل الإساءات الموجهة ضد الإسلام والمسلمين وتجاوز موجات الحقد والكراهية الصادرة عن قوى التطرف والتعصب الأعمى المنتشرة في بعض الأوساط الغربية والتي جرى التعبير عنها مؤخرا بمختلف الوسائل المرئية والمسموعة إن دعوتنا للتسامح بين الحضارات والثقافات لن تتحقق إلا من خلال تأسيس الاحترام فيما بينها لضمان التكافؤ في الحوار، وفي هذا الصدد فإننا نطالب المجتمع الدولي وكل مؤسساته الرسمية والمدنية ووسائل إعلامية إلى احترام الإسلام بالشكل الذي يليق بمكانته كأحد الديانات السماوية وأوسعها انتشارا.
وإذا ما كفلت المواثيق الدولية حق الإنسان في حرية التعبير فإنها أيضا لم تعفه من مسؤولياته والتزاماته في مقابل التمتع بهذا الحق وذلك وفق ما قضى به ميثاق الأمم المتحدة والصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي نصت على تشجيع الحوار والتفاهم والتعاون بين الأديان والثقافات من أجل السلام ومنع حالات التعصب والتمييز والتحريض على كراهية أفراد أي من الطوائف أو أتباع الديانات والمعتقدات، كما طالبت المواثيق وسائل الإعلام بتهيئة بيئة تفضي إلى تفاهم أفضل بين جميع الأديان والمعتقدات والثقافات والشعوب ولذلك فلا يمكن بأي حال من الأحوال قبول أن تأخذ حرية الرأي المدى الذي يجعلها تتعدى على حقوق وحريات المعتقدات الدينية للأفراد.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو نعلم جميعا أن نشوء منظمة المؤتمر الإسلامي إنما جاء استجابة لتحد سافر جوبهت به أمتنا حيث تعرض المسجد الأقصى في القدس الشريف إلى اعتداء إجرامي من قبل متطرف حاقد ساعده في ذلك وقوع القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي فإن القدس الشريف يشكل جوهر ومحور هذه القضية لذلك فإن موضوع القدس يجب أن يحتل أولوية في أي محادثات أو مفاوضات لحل النزاع العربي الإسرائيلي وتأسيسا على هذا المبدأ وبناء على الاجتماع العربي جاءت مشاركة المملكة في مؤتمر أنابوليس للسلام وذلك في ضوء التأكيدات بأن المؤتمر سيدشن مرحلة جديدة يتم بموجبها التعامل مع عملية السلام من منطلق تناول القضايا الأساسية للنزاع بما في ذلك قضية القدس وضمن إطار زمني محدد وكان يحدونا أمل بأن توضع الالتزامات التي جرى التعبير عنها في أنابوليس موضع التنفيذ غير أن الوقت يداهمنا ولم نشهد حتى الآن سوى استمرار الحكومة الإسرائيلية في ارتكاب المجازر ضد الشعب الفلسطيني في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية ضد الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل وانتهاجها لسياسة الحصار والعقوبات الجماعية المناهضة لكل القوانين الدولية والإنسانية واتفاقيات جنيف الخاصة بمعاملة السكان المدنيين تحت الاحتلال.
إن المجتمع الدولي مطالب بالقيام بمسؤولياته تجاه هذه الممارسات الإسرائيلية اللاإنسانية وفي هذا الصدد طالب المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية الأخير بتوفير الحماية الدولية المطلوبة للفلسطينيين في مواجهة هذه الهجمة الإسرائيلية الشرسة كما ربط الالتزام العربي بالسلام كخيار إستراتيجي بمدى وفاء إسرائيل بالتزاماتها تجاه العملية السلمية واحترامها للمواثيق وسائر مرجعيات السلام المعتمدة بما في ذلك المبادرة العربية للسلام أن المتوقع من المجتمع الدولي وبالذات الأطراف الفاعلة فيه ليس فقط رعاية عملية السلام بل والسعي الحثيث للسير بهذه العملية وفق أسسها ومرجعياتها.
على الرغم من التحسن النسبي على الصعيد الأمني في العراق إلا أن ذلك التحسن لم يواكبه حتى الآن التقدم المنشود على صعيد الترتيبات السياسية والدستورية التي من شأنها أن تحقق الدفعة المطلوبة العملية المصالحة الوطنية على العدل والمساواة لكافة أطياف الشعب العراقي الأمر الذي يحمل الحكومة العراقية مسؤولية مضاعفة نحو تحقيق الوفاق الوطني بما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات وفقا لاعتبارات وطنية بحتة وبمنأى عن أي تدخلات خارجية ونأمل للحكومة العراقية التوفيق في ذلك.
وفيما يتعلق بلبنان فإن الجامعة العربية مستمرة في جهودها الحثيثة لحل أزمة الفراغ في رئاسة الجمهورية، وقد كلف مجلس الجامعة مؤخرا الأمين العام السيد عمر موسى مواصلة اتصالاته مع الأطراف اللبنانية في إطار هذه المبادرة مع إيلاء موضوع العلاقات اللبنانية - السورية اهتماما خاصا بالنظر لعلاقة هذا الأمر الوثيقة بالمشكلة اللبنانية ونتطلع إلى دور سوري فاعل لتحقيق وفاق وطني لبناني استنادا إلى المبادرة العربية، وذلك في إطار الالتزام العربي الشامل ببذل الجهود الحثيثة لحل الأزمة اللبنانية.
إن تكريس الأمن والاستقرار في منطقة الخليج الحساسة من العالم يتطلب التأكيد على حسن الجوار وتعزيز الثقة بين جمهورية إيران الإسلامية وجيرانها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومما يساعد على ذلك استجابة إيران لمساعي دولة الإمارات العربية المتحدة لحل قضية الجزر الثلاث عبر المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
إن أزمة الملف النووي الإيراني تشكل أحد التحديات التي تواجهها منطقتنا ومبعث قلق لنا جميعا وإن ما نأمله ونرجوه أن يتم حل هذا الملف بالطرق السلمية وبعيدا عن التوتر والتصعيد وذلك في إطار التطلع لجعل منطقة الشرق الأوسط والخليج منطقة خالية من الأسلحة النووية مع ضمان حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة النووية وتحت إشرافها وتطبيق هذه المعايير على جميع دول المنطقة بدون استثناء بما فيها إسرائيل.
لقد حرصت المملكة العربية السعودية دوما على المساعدة والإسهام بكل ما تستطيع في معالجة القضايا والمشاكل التي تعاني منها عدد من دول منظمتنا لتجنيبها مضاعفات استمرارها وتفاقمها ومن جملة هذه المشاكل الأزمة في إقليم دارفور بالسودان الشقيق ذات البعد الإنساني حيث حرصت قمة الرياض العربية على دعم الجهود الرامية لحل هذه المأساة الإنسانية من خلال العمل على بناء الثقة بين حكومة السودان والأمم المتحدة.
وعلى صعيد حل الأزمة في الصومال فقد تمكنت قمة الرياض من التمهيد لمؤتمر المصالحة بين الفصائل الصومالية والذي أثمر عن التوقيع على اتفاق جدة في العام الماضي ونتطلع إلى التزام جميع الفصائل الصومالية بالاتفاق ومساعدة الحكومة الصومالية لكي تتمكن من إرساء دعائم الأمن والاستقرار في ربوع الصومال الشقيق.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو إن برنامج العمل العشري حرص على معالجة التحديات الاقتصادية التي تواجهها أمتنا الإسلامية ووضع الخطط الكفيلة بتحقيق النماء والازدهار في عالمنا الإسلامي حيث ركز على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجارة البينية والاهتمام بالقضايا المتصلة بالعلوم والتقنية والتخفيف من وطأة الفقر والسعي إلى استئصال الأمراض والأوبئة في الدول الأعضاء بالمنظمة.
وفي هذا الصدد أعلنت المملكة العربية السعودية عن مساهمتها بمبلغ مليار دولار في صندوق مكافحة الفقر في العالم الإسلامي كما خصص البنك الإسلامي للتنمية مليار دولار من موارده لدعم الصندوق ليصبح إجمالي التعهدات التي تلقاها الصندوق حتى الآن 2.6 مليار دولار ونحن نتطلع إلى مبادرة الدول الأعضاء للإسهام في دعم الصندوق لمقابلة رأس ماله بعشرة مليارات دولار.
ولإزالة العقبات التي تعترض التجارة البينية في عالمنا الإسلامي وتيسير تدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات فيما بيننا فقد تضمن برنامج العمل العشري تكليفا للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري - الكومسيك - لزيادة حجم التجارة بين الدول الأعضاء ويستلزم هذا الأمر التنفيذ الفاعل لاتفاقية نظام الأفضليات التجارية للمنظمة وخطته لتخفيض التعرفة الجمركية وإزالة الحواجز الجمركية والشبه جمركية، وهنا أود أن أؤكد لكم بأن المملكة العربية السعودية بصدد استكمال إجراءات المصادقة على هذه الخطة والمأمول من كافة الدول الأعضاء في المنظمة استكمال كافة إجراءات المصادقة ووضع الخطة موضع التنفيذ في أقرب وقت لضمان تحقيق الهدف المنشود.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو تشارك المملكة العربية السعودية في الجهود العالمية الحثيثة للحفاظ على البيئة وتؤكد على ضرورة تبني المجتمع الدولي للإجراءات المناسبة لمواجهة التغير المناخي وفق مبدأ المسؤولية المشتركة والمتباينة بين الدول المتقدمة والنامية كما تؤكد على أن الاستمرار في أبحاث تطوير تكنولوجيا استخدامات الطاقة وتنقيتها مجال مهم سيكون المدخل الرئيسي لمواجهة المشكلات البيئية المتعددة إلا أن الجهد المبذول لا يتواكب مع مدى تلك الأهمية وبادرت المملكة في هذا الصدد إلى إنشاء صندوق الأبحاث الخاصة بالطاقة والبيئة والتغير المناخي والذي أعلنت عنه خلال قمة الأوبك الثالثة التي عقدت بالرياض وتبرعت له بمبلغ 300 مليون دولار.
إن البترول سلعة إستراتيجية للاقتصاد العالمي ويشكل استقرار سوقه أمرا أساسيا لضمان المصالح المشتركة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء ومن هذا المنطلق حرصت المملكة العربية السعودية دوما على تبني سياسة بترولية تستهدف الحفاظ على توازن هذا السوق وحرصت المملكة على مد جسور الحوار بين المنتجين والمستهلكين عبر منتدى الطاقة العالمي الذي تستضيف الرياض سكرتاريته العامة، ولا بد من التنويه في هذا الصدد إلى أن التقلبات الراهنة التي يشهدها سوق البترول العالمية والارتفاع بأسعار البترول مرده لحد كبير المضاربة التي لا علاقة لها بأسس السوق المستقرة.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو أمامنا جدول أعمال حافل بالمواضيع ويتطلب منا الكثير من الجهد والوقت للخروج بنتائج وقرارات تتواكب مع تطلعات وآمال شعوبنا التي تتجه أنظارها إلى داكار وهي تستضيف للمرة الثانية القمة الإسلامية في دورتها الحادية عشرة بعد أن استضافتها قبل عدة سنوات في دورتها السادسة.إن هذا البلد المضياف أبى إلا أن يسهم مرة أخرى في رعاية العمل الإسلامي المشترك في ظروف بالغة الدقة تلك الرعاية التي جاءت محفوفة بحسن الاستقبال وكرم الوفادة ولا يسعني في ختام هذه الكلمة إلا أن أعرب باسم وفد المملكة العربية السعودية عن خالص وعظيم الامتنان لجمهورية السنغال قيادة وحكومة وشعبا.وشهدت القمة خلافات حول تعديل الميثاق والأزمة اللبنانية والاعتراف بكوسوفا.
وتركز القمة بالخصوص على سبل مواجهة نزعة الخوف من الإسلام (إسلاموفوبيا) والتعاون الاقتصادي.
وسيسعى قادة البلدان الـ57 الأعضاء في المنظمة خلال القمة التي تختتم اليوم إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة( الإسلاموفوبيا) ودعم التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء كما سيقومون بدفع من المجموعة الإفريقية بإطلاق صندوق التضامن الإسلامي للتنمية.