كنت وغيري نستفيد من غزارة علمه ومن سمو أخلاقه وحسن معاملته التي لا تخلو من الظرف وخفة الظل، وذكر بعض الحكم والقصائد والقصص المفيدة! وقد أهداني الطبعة الرابعة عشرة من كتابه الشهير (كنز الأنساب ومجمع الآداب) والذي يقرب من650 صفحة بطبعة أنيقة، وبمقدمة ضافية للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي.
بعد أن عرفته وأنست به، طلبت منه أن يفسر لي أو يذكر لي قصة البيتين من الشعر السابق ذكرهما: فقال إنه قد كلِّف بحل مشكلة أرض بين خصمين، وكان يلزمه أن يقف على الأرض المتخاصم عليها وهي تقع خارج البلد! فكان قد خصص للمحكمة سيارة (جيب) كثيرة الأعطال. وكان مدعي الأرض يركب سيارة (كدلك) فعرض عليه الركوب معه فرفض .. فما كان منه إلاّ أن قال هذين البيتين ونشرهما في كتابه (زهر الأدب ...) وطبع في القاهرة عام 1381هـ، وقال إنه قد قرأهما يوسف ياسين ونبّه عليهما الملك سعود فاستدعاه وأَنّبه. ولكنه لم يخرج من عنده إلاّ بسيارة (كدلك) وطلب منه أن يحذفهما من الطبعات القادمة للكتاب.
لقد تعرّض قبل أشهر لوعكة صحية ألزمته الفراش، ولكنه نجا منها - والحمد لله - وعاد لصحته وحيويته وأصبح يستقبل زواره ويحتفي بهم وينزلهم ما يستحقون من أجمل المنازل، كما يعامل أستاذي الجهيمان ويمازحه ويناكفه ويذكره بما جرى لهم في سنوات خلت من طريف المواقف وغريبها.
عرفت من خلال مجالسته، ما بذله من جهد في سبيل تحصيل العلم والمعرفة وتنقلاته من أجل الاستزادة منه ما بين المجمعة مسقط رأسه عام 1338ه ومكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف والأحساء! فكلما ذكر له شيخ مشهور في علمه شد الرحال إليه.
عاد بعد ذلك إلى المجمعة حيث واصل القراءة على يد الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري، ثم الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد أثناء توليهما قضاء المجمعة.
وتقلّد مناصب حكومية! فقد عُيِّن أولاً إماماً لقصر الحكومة في المجمعة سنة 1353هـ، ثم إماماً ومرشداً وطنياً للجيش العربي السعودي الذي جهز لمحاربة اليهود في فلسطين عام 1367هـ - 1947م. ثم تولى القضاء في الخرمة! والأحساء! والدمام! وضرما! والمزاحمية! ثم رئيساً لمحكمة الخرج! وأخيراً تقاعد وتفرغ للبحث والتأليف.
لقد اطلعت على بعض المشاركات التي كان يشارك بها في الشأن الاجتماعي، وتشجيع مساعي الخير والنفع العام. فمثلاً نجد العدد الخاص من مجلة المنهل لصاحبها عبد القدوس الأنصاري والتي تصدر من المدينة المنورة! فقد صدر عدد بعنوان (الكتاب الفضي - المنهل في 25 عاماً 1355 - 1379هـ/ 1937 - 1960م) وقد شكلت لجنة تشرف على هذا الكتاب الضخم! وبدأ البعض ممن لديهم المقدرة المادية بالمساهمة في التبرع ببعض المبالغ لإنجاز المشروع! فنجد الشيخ حمد الحقيل يبعث بحوالة مالية بمبلغ مائة ريال وكتب عنه في الصفحة 85 (25- وفي 22-8- 1379هـ وردت رسالة من فضيلة الشيخ حمد الحقيل قاضي ضرماء والمزاحمية تتضمن حوالة مالية بمبلغ (100 ريال عربي) مساهمة منه في إبراز الكتاب الفضي).
كما نجد أنّه عندما تتاح له الفرصة للكتابة أو التحدث لمسؤول يدخل المصلحة العامة ومصلحة البلد التي يعمل بها في الموضوع، بل ويغلبها على مصلحته الخاصة! ففي جريدة (البلاد السعودية) لعام 1377هـ نجده يبرق للملك سعود مهنئاً بذكرى جلوسه، ويصفه بالقائد الفذ الذي يقود سفينة العروبة وسط أمواج هائجة مائجة تتقاذفها العواصف من كل اتجاه، ولكنه بحكمته وحنكته يوصلها لبر الأمان .. وفي نهاية البرقية يطلب افتتاح مركز صحي ومكتب بريد وفروع لبعض الوزارات التي تحتاجها (ضرماء والمزاحمية).
كما نقرأ في جريدة (الندوة) في 13-7-1381هـ البرقية التالية:
جلالة الملك المعظم - الرياض
وافت البشرى على أسلاك البرق أن جلالتكم اغتنم الفرصة في المستشفى وأجرى عملية للعينين التي تم نجاحها بفضل الله تعالى. وإني وأهالي منطقة ضرمة والمزاحمية والغطغط وملحقاتها نهنيكم بهذا النجاح السار شاكرين المولى جل وعلا.
أحمدت عاقبة الدواء
ونلت عافية الشفاء
وخرجت منه مثلما
خرج الحسام من الجلاء
وفقكم الله وولي عهدكم المساعد الأيمن ودمتم
حمد الحقيل
رئيس محكمة ضرمة
قلت إنه قد تفرغ للبحث والاطلاع والتأليف منذ عام 1388هـ أي منذ أربعة عقود ... وهو معني بالتاريخ والأنساب والأدب وينظم الشعر الفصيح والعامي .. كما يعرفه الدكتور علي جواد الطاهر في (معجم المطبوعات العربية)، ويذكر أنّ له مؤلفات هي:
1 - (زهر الأدب في أنساب وأخبار العرب): القاهرة! مطبعة المدني! 384هـ - 1964م! 258ص.
2 - (صيد القلم) (شذرات ونوادر): بيروت! مؤسسة المعارف! 1389هـ! وفي أول الكتاب ثلاث صفحات كتبها سعيد يحيى تعريفاً بالمؤلف! 7-9،11! 12-183- 188 .
3 - (عبد العزيز في التاريخ) (تاريخ وأدب): بيروت! مؤسسة المعارف! 387هـ - 1968م! 251ص.
4 - (كنز الأنساب ومجمع الآداب): 1388هـ (؟)- 1968م! 348ص.
ومن مؤلّفاته المخطوطة:
1 - (نسيم الصبا في أشعار الأدبا).
2 - (شفاء المرام في القضايا والأحكام).
3 - (مذكرات قاضي).
4 - (شفاء الأمراض في قرض قارض الأعراض) (في النقد).
* و(كنز الأنساب) مما تكرر طبعه! ومن ذلك: ط6! نادي الطائف الأدبي 1399هـ - 1979م! 247ص. وط8! الرياض: مكتبة الرياض الحديثة 1401هـ - 1981م.
* وصدر له: (الوحشيات والأوابد لشعراء الجاهلية والإسلام)! القاهرة: مطبعة سجل العرب!1400هـ - 1980م! 349ص - واسمه عليه: حمد بن إبراهيم ابن عبد الله الحقيل.
وقد زاد على ذلك ما ذكره أحمد سعيد بن سلم في (موسوعة الأدباء والكتّاب السعوديين) إذ ذكر:
1- أعلام من الجزيرة.
2- ديوان شعره - حكمه.
3- ديوان شعره - شعبي.
4- سلمان الفارسي! لو كانت الحقيقة في المريخ لشد الرحال إليها! بيروت عام 1400هـ 174صفحة.
قال عنه الدكتور عمر الطيب الساسي في (الموجز): (.. وحمد الحقيل أديب اهتم بالدراسة التاريخية وتحقيق الأنساب وله مؤلفات في هذا المجال بعضها طُبع ونُشر.
أما شعره فهو على النهج التقليدي المتوارث ومعظم موضوعاته في الاخوانيات)..
وقد ترجمه له إلى جانب علي جواد الطاهر في معجمه، كلٌّ من أحمد سعيد بن سلم في (موسوعة الأدباء والكتّاب السعوديين) و(دليل الكتاب والكاتبات) لجمعية الثقافة والفنون و(معجم الكتاب والأدباء) الدائرة للإعلام و(شعراء العصر الحديث في جزيرة العرب) لعبد الكريم الحقيل و(الموجز في تاريخ الأدب العربي السعودي) لعمر الساسي، كما ترجم له في مجلة (المنهل) العدد الخاص بتراجم وأدب أدباء المملكة وغيرهم.
رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته! وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.
و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} .