برحيل الشاعر والأديب الكبير عبد الله الجشي (أبو قطيف) أيقنت أن القطيف قد فقدت أحد أهم رجالاتها وأبرز رواد الأدب والثقافة والفكر فيها، لما نال من حظ وافر من الخبرات والتجارب الإنسانية المختلفة، جمع رصيدها تنقله الدائم بين منابع الفكر ومدارس الأدب المختلفة في العالم العربي ينهل منها ما عكس على نتاجه الشعري وعيا بمختلف شؤون الحياة أغدقه على مجتمعه في أرقى صور العطاء الاجتماعي والإنساني.
لقد قضى الفقيد - رحمه الله - فترة طويلة من حياته بين قطيف الأب ونجف الأم فمازجته ثقافتان أساسيتان صب كل منها في روحه ما أسهم في الارتقاء بشاعريته، فإذ به رائد من رواد الحركة الأدبية في القطيف، وعلم من أعلام مدرستها الرومانسية.
كان الجشي شخصية أدبية من الطراز الأول، لها ثقل الحضور وحسن المنطق، ما دعا لتكريمه في مناسبات وطنية عديدة. فكرمته البلاد شرقا وغربا، في القطيف، في مهرجان الجنادرية، وفي اثنينية عبد المقصود خوجة الذي طبع مجموعته الكاملة في جزءين تقديرا وامتنانا لعطائه اللامتناهي الذي تجاوز به حدود المكان والزمان لفضاءات رحبة كان له فيها مع أبرز أعلام الأدب العربي نصيب طيب من العلاقات.
لقد احتل الوطن في شعره مكانا بارزا يشهد له (الحب والأرض والإنسان) أغرق فيه الأرض بمسيل حبه الإنساني الصادق فغدا شاهدا من شواهد الوطن على الوطنية.
إنه لمن الواجب على مجتمع يضم أمثال أبي قطيف - رحمه الله - أن يحتفي بهم ويكرمهم، كما احتفى به مجتمعه وكرمه؛ فتلك أبسط صور الإخلاص ورد الجميل لمن يجسد الإخلاص بمعاني الجمال والحب والعطاء.
في مثل هذه المناسبة الأليمة، نعزي ذوي الراحل ومجتمعه سائلين له المولى عز وجل بالرحمة والغفران، ولهم بالصبر والسلوان إنه سميع مجيب.