Al Jazirah NewsPaper Friday  14/03/2008 G Issue 12951
الجمعة 06 ربيع الأول 1429   العدد  12951
المنظمة الإسلامية ودلالات التكريم
د.عبدالرحمن سليمان الدايل

تعودت ساحة العمل الإسلامي على ذلك الاهتمام المتواصل الذي تلقاه من المملكة العربية السعودية بحكم مكانتها التي تحتلها في نفوس المسلمين، فهي مهبط الوحي وتحتضن أرضها أقدس بقاع الإسلام، وإليها تتجه قلوب المسلمين وأفئدتهم، وتشهد بقاعها الطاهرة اجتماع المسلمين الحاشد كل عام لأداء فريضة الحج، كما تشهد على مدى أيام العام شد رحالهم إلى بيت الله الحرام وإلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبمثل هذه المكانة التي لا تتوفر لدولة من الدول....

.... ولم تسجل لغير هذا الوطن على مدى التاريخ، ترسخت مكانة هذه الأرض في النفوس وتعمقت في مشاعر المسلمين وسرت في عروقهم محبة لهذه الأرض وتطلعاً نحوها.

ومن كرم الله أن هيأ لبلادنا قادة يتشرفون بما يقومون به خدمة للمسلمين وإعلاء لشأنهم وتيسيراً لأداء مناسكهم كلما حلوا ضيوفاً كراماً على هذا الوطن.

ومن منطلق خدمة الإسلام والمسلمين حرص قادة المملكة منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- على جمع كلمة المسلمين وتوحيدها على الحق والخير، كما حرصوا على دغم كل توجه من شأنه إعلاء شأنهم، وكل منظمة أو مؤسسة يكون هدفها دعم التضامن الإسلامي وتعزيز العمل المخلص فيه.

وكثيرة هي النماذج التي يسجلها تاريخ التضامن الإسلامي لحرص المملكة على جمع كلمة المسلمين والعناية بشؤونهم، بما يرقى على الحصر والعد، ولعل في نموذج المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) سيظل مثالاً على مدى الأيام والتاريخ ليشهد بجهود المملكة وقيادتها على دعم العمل الإسلامي المشترك، فقد شهدت بدايات تأسيس هذه المنظمة العريقة مصادقة قادة دول العالم الإسلامي على نظامها الأساسي في مؤتمر القمة الإسلامية الثالث الذي انعقد على أرض المملكة في مكة المكرمة والطائف، فكان ذلك بشير خير للمنظمة التي اشتد عودها بمساعدة قادة هذا الوطن، فأخذت تقوم بدورها في ميادين التربية والعلوم والثقافة بما يخدم العالم الإسلامي وتشق طريقها لخدمته في هذه الحقول الخصبة الثرية.

وكثيرة هي المكرمات التي تسجلها المنظمة الإسلامية لقادة المملكة الذين رعوها بفكرهم وجهودهم وسخائهم حتى تبوأت مكانتها في مجالات التضامن الإسلامي وتسخير الثقافة والعلوم والتربية لتنمية أبناء المسلمين، كما زودوا المنظمة بأحد أبناء المملكة الأوفياء المخلصين فرشحوه مديراً عاماً لها، فتم انتخابه لهذا المنصب منذ سبعة عشر عاماً، ذلك هو معالي الأخ الصديق الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري، الذي مثل وطنه أحسن تمثيل وتحمل الأمانة في قيادة المنظمة الإسلامية، وتمكن بإخلاصه وخبرته وحنكته وحسن إدارته أن ينطلق ببرامج المنظمة نحو آفاق أرحب من العمل والعطاء، واستشعر عظم المسؤولية التي تقع على عاتقه لكونه ابناً لوطن له مكانته في نفوس المسلمين، فواصل جهوده لتطوير المنظمة، فتوسعت مجالات عملها وتزايد عدد أعضائها من الدول، وتعمقت وتوطنت علاقتها مع المنظمات الدولية والإقليمية، وواجهت تلك الحملات الشرسة التي يتعرض لها الإسلام بفكر مستنير وبرامج أكثر وعياً واستنارة.

وخاطبت المنظمة الإسلامية بقيادة معالي الدكتور التويجري العالم الغربي باللغة التي يفهمها لشرح قضايا المسلمين، وفتحت طرق الحوار البناء لمقاومة الفهم الخاطئ حول قيمنا وتعاليم ديننا، واستطاعت المنظمة أن تطفئ الكثير من النيران التي أشعلها بعض الحاقدين، ووأدت العديد من الفتن قبل أن تولد، ونشرت الثقافة الإسلامية، واهتمت باللغة العربية لغة القرآن الكريم، وتمكنت المنظمة من خلال الفكر الواعي أن تجعل من برامج الثقافة والتربية أدوات للبناء والتنمية والتعاون الإسلامي.

كما استطاع معالي الدكتور عبدالعزيز التويجري أن يجعل للمنظمة مقراً دائماً يليق بها ويقف شاهداً على إبداع العقل السعودي المخلص وتخطيطه وحرصه على تحقيق الأهداف. وكل ذلك وغيره كثير جعل من شخصية مدير عام المنظمة الإسلامية محل تقدير زعماء العالم الذين رأوا فيه النجاح يتحقق والطموح يتألق، بعقل وجهد هذا المواطن السعودي الذي ضرب مثالاً في الوفاء لوطنه والإخلاص لثقة ولاة أمره، فكان جديراً بهذا التكريم من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز متمثلاً في موافقته -حفظه الله- على منحه وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة، تقديراً لإنجازه وما حصل عليه من تكريم من بعض الدول.

إن هذا التكريم هو تتويج لجهود معالي الدكتور عبدالعزيز التويجري، وهو تكريم للخبرات المتميزة، وتشريف لكل من يشعر في نفسه بتقدير للمخلصين أو اعتزاز بالمبدعين، أو شكر لأبناء الوطن المتميزين، كما أنه تكريم للمنظمة الإسلامية وحفز لها على المزيد من العمل في حقول التعاون الإسلامي، وهو تكريم يأتي في وقت تسعى فيه هذه المنظمة إلى مواجهة القضايا الملحة على ساحة العمل الإسلامي دفاعاً عن العقيدة، ورواسخها، وتأكيداً لعلاقات التضامن بين أبناء المسلمين عبر الثقافة المشرقة والتربية الفاعلة والعلوم النافعة.

وكم هي متعددة وبعيدة الأثر تلك المكرمة وذلك التكريم الذي حظي به معالي مدير عام المنظمة الإسلامية من لدن الملك العادل لما يتضمنه ذلك من دلالات على تشجيع الخبرات والكفاءات الوطنية في جميع المحافل والميادين، فبارك الله وطننا ومليكنا وولي عهده الأمين، وتهنئة خالصة لمعالي مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ولكل من يسعى إلى خدمة الإسلام في ميادين الفكر والتنمية والبناء.

وكيل الوزارة بوزارة الثقافة والإعلام - سابقاً









 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد