بالرغم مما تتحزّم به إسرائيل من استنفار أمني بعد مجازرها الأخيرة في غزة، جاءت عملية اقتحام معهد جفعات الديني بالعمق الإسرائيلي، وقتل عدد من المتطرفين به، لترمي في حجر المتابع للأحداث عدّة مسلّمات ومفاهيم هي من الأهمية بمكان، خصوصاً للمواطن الإسرائيلي (المصاب بداء البله التطرفي), فالعملية جاءت وبشكل كامل تحت مصنّف وشعار صُنع في إسرائيل، وهي نتاج بحت للإرهاب الإسرائيلي المسلّط على رقاب أبناء شعوب المنطقة التي بُليت بزرع هذا الكيان السرطاني بداخلها، وكان آخر هذا الإرهاب المسيس، ما اقترفته أيادي جنود الصهاينة في غزة من مجازر يندى لها جبين البشرية، جعلتنا نشاهد المواطنين الفلسطينيين يسجدون في الشوارع شكراً لله على وقوع العملية، وقتل من قُتل بها من إسرائيليين متديِّنين ومنتمين لثقافة استعمار الأرض وتأبُّط السلاح، فأيُّ سلام وأيُّ تعايش مشترك تتحدث عنه طغمة إسرائيل الحاكمة، بعد ذلك.
تحدثنا كثيراً من خلال هذه الافتتاحية عن إشكاليات العقل الإسرائيلي الحاكم، وهوسه بالأمن الذي لم يجلب له حتى الآن إلاّ مزيداً من الخراب والدمار الوطني، وإننا الآن نوجِّه بوصلة الحديث إلى المواطن الإسرائيلي الذي أصبح كلّ البلاء ينصب على رأسه، فيما ينعم ساسة المؤسسة الحاكمة الإسرائيلية بالنعيم, لنقول له إنّ الجيش الذي هزم الجيوش العربية في غفلة من الزمان عام 1967م، وقام بإرسال التهديدات من حين لآخر إلى العواصم العربية، بات محاصراً في ثكناته باستفهامات الحل المعدومة، فلا يستطيع أن يجابه مشكلات محيطه الأمنية ولا يحمي عمقه الوطني من الضربات الموجعة من حين لآخر، وإن هو حاول الهرولة والهروب إلى الأمام، باعتماد أساليب البطش والطحن العسكري للأبرياء الفلسطينيين، كما أنّ المتاجرة بأمنك أيها المواطن الإسرائيلي الحديث الولادة بأرض العرب من قبل السياسيين والجنرالات، لم تخلق إلاّ مزيداً من المعضلات والمشكلات السياسية التي صعب حلُّها على قيادتك السياسية الفاسدة, ففي الشمال مع لبنان, وفي الجنوب مع غزة، وفي الوسط مع عرب 48، وفي الضفة مع القدس الشرقية، التي باتت شوكة في خاصرة إسرائيل, أضف إلى ذلك تراكميات الرفض بل واللفظ التي تحاكي شخصيتك من قِبل جميع الشرائح في المجتمع العربي، التي خلقتها أساليب الإرهاب الرسمي التي تعتمدها قيادات تل أبيب.
لقد آن الأوان للمواطن الإسرائيلي أن يفهم أنّ إشكاليته الأولى، تكمن فيما تقدم عليه العقلية العسكرية والمتطرفة على حدٍّ سواء من المتاجرة بأمنه المزعوم، الذي أصبح بمثابة قميص عثمان لكلِّ جنرال قادم على ظهر دبابة إلى سدّة الحكم، يبحث عن الذرائع لسفك الدماء لمغازلة ودّ المتطرفين، أيضاً آن الأوان للمواطن الإسرائيلي أن يقول، ومن خلال صوته الانتخابي أو المدني، (لا) لا أريد حقوق الآخرين، أريد أن أعيش هنا بينهم بسلام.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244