Al Jazirah NewsPaper Saturday  08/03/2008 G Issue 12945
السبت 30 صفر 1429   العدد  12945

دفق قلم
المرأة واليوم العالمي
عبد الرحمن صالح العشماوي

 

يشعر المتابع للأيام العالمية التي تقام في الغرب والشرق، أنّ المدنيَّة المعاصرة بوجهها المادّي الجامد، تحاول أن تكفِّر عن خطيئتها الكبرى في حقِّ الإنسان وروحه ومشاعره، وأنْ تعوِّض ما سلبت من قيم الناس ومبادئهم وآدابهم، وما سرقت من عواطفهم، بأيَّام تقام كلَّ عام، تذكِّر الناس بما أصبح في حياتهم نسياً منسياً، فهناك يوم الطفل، ويوم الأُم، ويوم المرأة، ويوم الحبّ، وأيام أخرى كثيرة تحظى بمتابعةٍ إعلامية مكثَّفة، ما تلبث أن تخبو عاماً كاملاً، لتستيقظ يوماً واحداً.

إنَّ انجراف المجتمعات البشرية في طرق المادَّة بأنواعها، اقتصاداً، وإعلاماً، وثقافة، وأدباً، جعل الإنسان كالآلة التي تعمل ليل نهار لتحقق ما تستطيع أن تحقّقه من المتعة واللَّذة العابرة المحاطة بآلاف المشكلات، وأصناف كثيرة من الفتن الظاهرة والباطنة، التي تصيب الإنسان بالانكسار، وقد تصيبه باليأس والإحباط وتجعله مستسلماً لآلامه التي تختفي وراء شكله وهندامه.

لقد سلبت المدنيّة المعاصرة المرأة قيمتها الروحية، وأنوثتها المؤدبة، وحياتها المستقرة، وسرقتها من حيائها، وفطرتها السليمة، وبذلت جهوداً كبيرة في إذابة إحساسها بدورها الأسري الكبير، وأنزلتها إلى ميدان المنافسة غير المتكافئة مع الرجل، واستطاعت أن تجرِّدها من ملابسها المحتشمة، وأن تضعها في مهبِّ ريح المدنيّة المعاصرة بما فيها من لُهاثٍ مادِّي رهيب.

لقد لخَّصت هذه المعاناة المؤلمة للمرأة في لهب المدنيّة المعاصرة، المرأة المسلمة (مارس ويلز) بعد أن منَّ الله عليها بالإسلام، وارتفعت بروحها عن أوحال مدنيّتها الغربية فقالت:

إني أعجز عن التعبير عن إحساسي بالسعادة والاطمئنان والرَّاحة والإثارة في كلِّ الأشياء التي اكتشفتها بعد إسلامي، لقد وجدت عقيدة الإسلام لا تخاطب عقلي وحده، بل تزيل أدران الشكوك والأوهام الناشئة عن عدم الإيمان من أعماق قلبي ومشاعري كلها، وأصبحت الآن بعد إسلامي متجاوبة ومنسجمة تماماً مع الوجود. لقد أدركت مدى الجناية الكبيرة على الإنسان بصفة عامة، وعلى المرأة بصفةٍ خاصة التي ارتكبتها مدنيّتنا الغربية المنجرفة في طريق المادَّة، والنظرة الضيِّقة للوجود.

صوت امرأة واحدة من بين آلاف الأصوات التي لا نسمعها بسبب الصخب الهائل الذي تحدثه مدنيَّة العصر.

وما دامت هذه الأيام العالمية تعبيراً عن شعور الغرب بالذنب تجاه مجتمعه وأسرته، وقيمة الإنسان وفطرته، فما الذي يعنينا منها نحن المسلمين؟ ولماذا تسوق بعض الدول الإسلامية نفسها ومجتمعها وأسرها، ونساءَها في ذلك الطريق الموحش الذي يجعلها تحتاج إلى التكفير عن الذنب الكبير في حقِّ الإنسان المسلم بيوم واحد في السنة لا يسمن ولا يغني من جوع؟

إشارة :

هناك تنتهك الأخلاق في صَلَفٍ

هناك يفقد معنى الأمن إنسانُ

www.awfaz.com

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد