الرياض - عبدالرحمن المصيبيح - تصوير-فتحي كالي: |
يرعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يوم الثلاثاء القادم بعد صلاة العشاء بتوقيت مكة المكرمة حفل العرضة السعودية الذي سيقيمه الحرس الوطني ضمن نشاطات المهرجان الوطني للتراث والثقافة في صالة الدرعية الرياضية التابعة للرئاسة العامة لرعاية الشباب بطريق الأمير فيصل بن فهد. وقد وُجِّهت الدعوة لأصحاب السمو الأمراء والمعالي الوزراء وكبار المسؤولين لحضور هذا الحفل الكبير والتراث الأصيل. |
هذا وتعدُّ العرضة السعودية الفن الذي سطَّر الملاحم التاريخية التي قادها الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - والتي بدورها ساهمت في إحياء هذا الموروث والحفاظ عليه. ولم تكن العرضة السعودية في يوم من الأيام مجرد رقصة تؤدَّى في وقت الحروب أو الانتصارات، بل إنها تؤدَّى كذلك في وقت الأعياد والاحتفالات. وتختلف العرضة في طريقة الرقص من منطقة إلى أخرى في المملكة؛ فهناك العرضة النجدية والعرضة الشمالية والعرضة الجنوبية؛ فهي تختلف وتتنوع حسب المنطقة؛ لذلك نجد أن الأجيال قد تواترت على معرفتها بها. |
|
وبالنظر إلى طريقة أداء العرضة السعودية فإننا نجد أن العرضة النجدية يغلب عليها أداء الكورال الذي يكرِّر أبياتاً معينة ثم تتلوها الرقصة التي عادةً ما تكون عبارة عن رفع السيف وتمايل جهة اليمين أو جهة اليسار مع التقدم بعدد من الخطوات إلى الأمام. ويكون عادةً المنتشون في صف واحد، وتستخدم فيها أنواع مختلفة من الطبول، يطلق على الكبيرة منها اسم طبول التخمير، أما الصغيرة فيطلق عليها طبول التثليث وهي التي اكتشفت مع العرضة السعودية في نفس الوقت بهدف رفع المعنويات وكذلك لاستعراض القوة قبل الخروج إلى الحروب، فعندما اكتشف المحاربون أن الأصوات لا تكفي لأداء الغرض تم إدخال الطبول حتى يرتفع الصوت أكثر. |
وإن أداء العازف لا يتوقف عند قرع الطبول وإحداث الوحدة الإيقاعية، وإنما يتعداه إلى أحد موضوعات علم الإيقاع الحركي؛ إذ يقوم العازف أثناء أداء القرع بتحريك جسمه في الاتجاهين يساراً ويميناً في مازورة كاملة تنتهي عندما يتجه في الاتجاه الآخر برفع مشط القدم التي توجد في الاتجاه المضاد مع ثني الركبتين إلى الأسفل. ويضيف سليم: غالباً ما يكون عدد أفراد التخت الإيقاعي نحو 8 عازفين، وكلما كثر العدد أعطى ذلك دوياً ومهابة للعرضة؛ إذ إن الكثرة العددية هي التي ترفع من قيمة وجدية وحماس الراقصين. |
|
وبالعودة إلى الأزياء التي تُستخدم في العرضة النجدية يلاحظ أن الإبهار الجمالي في تشكيلات هذه الرقصة يعتمد إلى حد كبير على الزي؛ كونها رقصة حرب؛ لذا فقد اهتم الراقص بإظهار الأسلحة وأدوات الحرب والقتال طوال هذه الرقصة، إضافة إلى وجود زي خاص يستخدم فيها، وهو زي فضفاض واسع حتى يسمح بسهولة حركة الراقصين، ويُصنع من قماش أبيض اللون خفيف حتى يتلاءم مع الطبيعة المحيطة التي تؤثر فيها عوامل الطقس، ويُرتدى عادةً فوق هذه القطعة قطيفة سوداء تسمى القرملية، وتكون أحياناً ذات أكمام طويلة، وتلبس مع الشماغ والغترة والعقال. ومن المستبعد أن تتم العرضة دون حضور السيف الذي يعتبر عماد الرقصة بحكم أنها في بداياتها كانت عبارة عن رقصة حرب. ويلبس الراقص في الوقت الحاضر (محزم)، وهو عبارة عن حزام يوضع بشكل متقاطع، وكان قديماً ذا أهمية في وضع الرصاص للبنادق، وكان يتم تسخين طبول التخمير أو طبول التثليث تحت الشمس أو على نار هادئة. |
|
وبهذه المناسبة أخذنا مجموعة من القصائد التي قيلت في العرضة من كتاب (أهازيج الحرب أو شعر العرضة) للأستاذ والأديب الشاعر الكبير عبدالله بن خميس. |
أولى هذه القصائد للشاعر محمد العوفي: |
|
مِنِّي عليكم ياهل العوجا سلام |
واختص ابو تركي عمى عين الحريب |
يا شيخ باح الصبر من طول المقام |
يا حامي الوَنْدات يا رِيف الغريب |
اضرب على الكايد ولا تسمع كلام |
العز بالقَلْطات والراي الصِّليب |
لو ان طِعِت الشُّور يا الحر القطام |
ما كان حشت الدار واشقيت الحريب |
أكرم هل العوجا مدابيس الظلام |
هم درعك الضافي إلى بار الصحيب |
وهذه قصيدة للشاعر فهد بن دحيم: |
|
جت لابو تركي على ما تمنى |
يوم خلَّى السيف يرعف ذُبابه |
شيخنا سيِّر بنا لا تونا |
من سعى بالحرب حنا ذهابه |
يا صَلِيب الراس زبن المُجنَّا |
من سلايل وايل يلتجى به |
حِنْ هل العوجا نُسابق دَخنَّا |
فِعْلنا بيِّن وكل درى به |
كم صبي طاح يشكي طعنَّا |
فارق الدنيا وفارق شبابه |
لاحتمى البارود منهم ومِنَّا |
لابتي تاطا الخطر ما تهابه |
وأيضاً للشاعر فهد بن دحيم: |
|
مِنِّي عليكم ياهل العوجا سلام يزيد |
واختص ربعٍ بالمراجل تظهر حقوقها |
فروخ الحرار اللي تطلَّع في نهار الهديد |
من نسل ابو تركي شبوب الحرب بسبوقها |
حنا هل العوجا وحنا اللي نرد الضديد |
والطَّايله يحظى بها من عز طاروقها |
يا نجد حنا لك على الداعي كعام الضديد |
والله ما نرخص بها وسعود عشيقها |
يا لابتي هَرْج المجالس بالرخا ما يفيد |
يقطع صبي ما يرد النفس عن بُوقها |
لي قيل ابو تركي من العوجا نوى بالشديد |
عبد العزيز اللي يسوق المر بحلوقها |
وقصيدة أخرى للشاعر فهد بن دحيم: |
|
سلام يا شيخ على الحكام صِيته رفيع |
لين اصطفق في نجد تسكن عقب زلزالها |
نمشى براي الله ثم براي ابو الجميع |
عبد العزيز اللي ملك نجد وحمى جالها |
لي جا نهار للجنايز فيه مثل الصريع |
يمِّن جوانبها ويقعد ميل عيَّالها |
كم راس راس عاصي عقب الصَّعا له يطيع |
سلطان نجد وهقوته محدٍ تَهَقْوَى لها |
واثنى على اللي بالملاقا للسبايا وديع |
سلطانا لي كبرة القالات شيَّالها |
عبد العزيز ان باعوا الشيمة هله ما يبيع |
لاستصعبت يحلها ويخلص اشكالها |
وهذه قصيدة أخرى للشاعر فهد بن دحيم أيضاً: |
|
شيخنا سلطان كل القبايل |
اعلنت له بالثنا اربابها |
ياخذ الطولة على كل طايل |
هقوته محدٍ تهقوى بها |
ابو تركي لا قبل الضد صايل |
ياخذ الطولة ويحظى بها |
حن هل العوجا الى جَت صمايل |
وشيخنا اللي نجد عيَّا بها |
كم صبي يحتظي بالجمايل |
ما يهاب النار يا طابها |
ودك اللي ما مضى له فعايل |
يلبس الشيلة يغطى بها |
وأيضاً للشاعر فهد بن دحيم: |
|
نجد شامت لابو تركي واخذها شيخنا |
واخمرت عشَّاقها عقب لَطْم خشومها |
لي بكت نجد العذية تهل دموعنا |
بالهنادي قاصرين شوارب قومها |
حِنْ هل العادات ومخضِّبين سيوفنا |
والطيور الحايمة جادعين لحومها |
صعبةٍ افعالنا لي بغاها غيرنا |
وكلمة التوحيد حنا عمار رسومها |
حِنْ هل العوجا نهار الملاقى عيدنا |
والجزيرة كلها مِد بين قُرومها |
لابتي عُوج المراكيض هذا سوقنا |
بيعوا الارواح في الهوش باول سومها |
وهذه قصيدة للشاعر عبد الرحمن بن صفيان: |
|
لي صاح صياح المنادي |
وقالوا ترى ما مِن سلام |
عاداتنا ضرب المعادي |
والذيب يشبع مالجهام |
وقصيدة أخرى للشاعر عبد الرحمن بن صفيان: |
|
نحمد الله جت على ما تمنى |
من ولي العرش جزل الوهايب |
خبر اللِّي طامع في وطنا |
دونها نثني الى جت طلايب |
واجد اللي قبلكم قد تمنى |
حربنا لي راح عايف وتايب |
يا هابيل الراي وين انت وانّا |
تحسب انّ الحرب نهب القرايب |
لي مشى البيرق فزيز ومه انا |
حن هل العادات واهل الحرايب |
كان ما نجهل على اللي جهلنا |
ما سكنا الدار يوم الجلايب |
ديرة الاسلام حامينه انّا |
قاصرين دونها كل شارب |
وللشاعر الأديب الكبير الأستاذ عبد الله بن خميس عدد من القصائد اخترنا هذه القصيدة: |
|
سلام يا دار تربع في مفيض الوصيل |
نخوة بني مقرن هل العادات تعزى لها |
دار الشرف والمرجلة والمجد عز النزيل |
لاجا بوادر قالة فانشد عن رجالها |
يا دار قولي وين صاف الما وهدب النخيل |
اللي تعطف شرد الغزلان بظلالها |
وين المغاني والمباني والنسيم العليل |
وين الرجال اللي عرفنا تحتمي جالها |
جداوي لي مني مررت الدار دمعي يسيل |
وأقول مما في ضميري: آه عزّالها |
حلفت بالله يا بلادي ما نبي بك بديل |
لو كان دار يجتني الياقوت بسهالها |
يالله ياللي لاعطا مهوب مده قليل |
طالبك يا منزل بلاها تلطف بحالها |
عساك يا وادي حنيفة كل يوم تسيل |
تحيي بلاد جدد الاسلام بقذالها |
الأمير متعب: العرضة رمز للنصر والعزة |
وبهذه المناسبة أعرب نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان سمو الفريق أول ركن متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز عن سعادته برعاية خادم الحرمين لفعاليات المهرجان ونشاطاته، وأن تشريف خادم الحرمين الشريفين حفل العرضة السعودية يمثل تواصلاً مع أبنائه، مشيراً إلى أن العرضة السعودية تعدُّ رمزاً للنصر والعزة في المملكة، وأنها مناسبة وطنية تجمع القيادة في هذه البلاد الغالية مع المواطنين، وتمثل تعبيراً عن التلاحم الذي يميز هذا الوطن ويعبر بصدق عن المحبة والسلام الذي يكنه هذا الوطن للجميع. |
وسأل سموُّهُ اللهَ أن يحفظ هذه البلاد ويديم عليها نعمة الإسلام والأمن والأمان تحت ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين. |
|
هذا، وقد أعرب عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء عن عظيم سعادتهم وامتنانهم لتشريف خادم الحرمين الشريفين لهذه المناسبة الغالية، حيث إن الجميع سيكونون فرحين وسعداء بهذه الرعاية الكريمة لهذا التراث للأصالة والمحبة. |
الجميل أن العرضة تجمع الكل كباراً وصغاراً، وكلهم فرحون وهم يؤدون رقصة الحرب والعطاء. |
|