البنى التحتية المراد تشييدها يجب أن تتعدى مفهوم البنى التحتية التقليدية المعمول بها حالياً إلى نظرة عميقة في التقنيات الحديثة التي هيأت بيئة جديدة وسهلت كثيراً من الأعمال الروتينية من خلال التقنيات المبدعة، كالحاسوب والبرمجيات والمعلومات والاتصالات عبر الأقمار الصناعية مما أدى إلى تغيير كثير من معالم الحياة.
ومن هذه البرمجيات والتقنيات -على سبيل المثال لا الحصر- الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) الوسيلة التقنية الذكية التي يمكن تسخيرها لأداء عمل دون عناء، والواقع الافتراضي (Virtual Reality) لإجراء بعض التجارب الافتراضية لقيام بعمل أو تعلم قيادة السيارات أو الطائرات أو السفن وغيرها من المتطلبات التي تحتاج إلى محاكاة افتراضية قبل الشروع بالواقع الحقيقي، ونظام تحديد المواقع على الأرض (Global Positioning System GPS) والذي يعتمد أساساً على الأقمار الصناعية ويجول حول الأرض بصورة مستمرة على مدار الأربع والعشرين ساعة لمتابعة حركة المركبات والسفن والطائرات.
وللمواد الذكية (Smart Materials) المستخدمة في البناء نصيب، فلديها إمكانية تغيير وضعها بناء على الظروف المحيطة بها. كما يمكن الاستفادة من أنظمة تحكم المباني الذكية (Builiding Management System -BMS) لمراقبة المباني والمنشآت والمرافق والأجهزة والمعدات وغيرها من خلال رقائق إلكترونية (Chips)مثبتة في جميع الأمكنة المراد مراقبة أدائها بواسطة شبكات الحاسوب المرتبطة ببرامج تقنية حديثة والمدعمة ببنى أساسية من الألياف الضوئية (Fiber Optics)تمثل العمود الفقري لتقنية المعلومات الذكية.
وتفتح هذه البنى التحتية الذكية المجال إلى تشييد مدن اقتصادية ذكية فوقها لتلبية احتياجات الحاضر والتوسعات المستقبلية المتوقعة وتوفر تقنية الإنترنت والإنترنت اللاسلكي والجوال المرئي والهاتف عبر شبكة الإنترنت بما يسمى (Voice over Internet Protocol-VoIP)، والتعلم عن بُعد (Distance Learning)، وتبادل وحفظ الوثائق الإلكترونية، وإيجاد حلول الأمن الإلكتروني من خلال بصمة الأصبع أو قرنية العين أو رسمة الوجه، وللمحافظة على الأمن الاقتصادي فإن جميع تلك التقنيات تدار عن طريق مركز تحكم وقيادة بواسطة أنظمة مراقبة المباني الذكية (BMS)من خلال البرامج الإلكترونية والذكاء الاصطناعي المتطور.
وبعد الانتهاء من تلك البنى التحتية - إن شاء الله- ستتوفر البنية الأساسية الشريان الحيوي من خلال إدخال أحدث التقنيات الحديثة والمتطورة بجميع أنواعها لبناء مدن عصرية اقتصادية مستقبلية. وستساهم أيضا في الحفاظ على البيئة بواسطة الترشيد من هدر المياه، والاستهلاك المُنخفض للطاقة بإطلاق التيار الكهربائي أو إطفائه تلقائياً، والاستغلال الأمثل للطاقة الشمسية، والاستشعار عن حدوث الحوادث والحرائق، وإدارة حركة المرور ومراقبة ومتابعة المركبات وغيرها على الشوارع والطرق والملاحة الجوية والبحرية. بالإضافة إلى التحكم بالمباني وإدخال أنظمة وتقنية المنازل الرقمية الذكية وما في داخلها من الأجهزة والمعدات عن بُعد، وفتح آفاق التطور والتنمية والازدهار نحو الريادة المعرفية التقنية، كل هذا يهدف إلى الرقي بالمواطن وتثقيفه وتطوير أدائه وإيجاد فرص العمل لنهضة الاقتصاد الوطني والمساهمة في بناء الاقتصاد العالمي.
*المشرف العام على إدارة المدينة الجامعية بالدمام - جامعة الملك فيصل
mnjadid@yahoo.com