Al Jazirah NewsPaper Saturday  08/03/2008 G Issue 12945
السبت 30 صفر 1429   العدد  12945
من وحي معرض الرياض الدولي للكتاب التفسير والتأويل «5»
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

1- التفسير غير التأويل وإن اختلط على الناس ذلك.. فتفسير النص هو بيان معانيه المباشرة أو حالاته الظاهرة.. أما التأويل فهو قراءة ما بين السطور.. وذلك بإحالته إلى مصدره الأول.. ومن هنا أتى اسم التأويل مأخوذاً من الأول.. ويعني ربط تفسير النص وتحليله إلى واقع الكاتب وحالته وحالة زمانه.. إلى آخره مما يعطي قراءات أخرى لا يمكن أن يحيط بها كل من قرأها.

2- التفسير لا يحتمل اعتساف المعنى.. وإلا ظهر ذلك جلياً فيه وإدراكه كل قارئ له ويكون تفسيره تقويل لما لم يقل.. أما التأويل فهي الحالة التي يمكن أن تعتسف بها الحقيقة ويبين فيها التحيز أو التجني.

3- التفسير له اتجاه واحد.. أما التأويل فهناك تأويل عقلي وتأويل باطن وتأويل ظاهر.. وهي الأنواع التي فرقت الأديان السماوية إلى مذاهب.

4- تحيز (مع): يجذر للشيء في غير أرضه.. ويفرع له في غير فضائه.. ويمنحه ما ليس له.. ويمدحه بما ليس به.. ويصفه بما ليس فيه.. وهو بذلك يتجاوز الحق بتبرئة الشيء مما فيه.

تحيز (ضد): مؤسس على مواقف مسبقة إما فكرية أو مذهبية أو طائفية أو قبائلية أو سياسية أو حتى ذائقية.. وهي في الغالب في مواقع المشنع المسفه المقلل المتهم.. سواء كانت تلك المواقف معلنة أو مخفية.. متطرفة أو معتدلة.. مؤبدة أو وقتية.. محدودة أو واسعة التأثير والانتشار.

ويتشابه المتحيزان (ضد) و(مع) في أن كليهما يلبس الحق باطلاً ويلبس الباطل حقاً باتهام الآخر بما ليس فيه.. وتجريده مما هو له.. وتحميله وزر غيره.

5- ومن طريف ما يروى عمن اشتهر بالبراعة في فن التأويل ما حُكي أن امرأة دخلت على هارون الرشيد بعد فتنة البرامكة وعنده جماعة من أصحابه، فقالت: (يا أمير المؤمنين، أقَرَّ الله عينيك، وفَرَّحك بما آتاك، وزادك رفعة، وأتم سعدك، لقد حكمت فقسطت).

فتطلع إليها الرشيد متفحصاً وقال: ممن تكونين أيتها المرأة؟

قالت: من آل برمك، ممن قتلت رجالهم، وسلبت أموالهم، وأخذت نوالهم.

قال: أما الرجال فقد نفذ فيهم قضاء الله وقدره، وأما المال فمردود إليك.

وبعد انصرافها قال الرشيد لأصحابه: أفهمتم ما قالت المرأة؟

قالوا: ما نراها قالت إلا خيراً.

قال: كلا، ما أحسبكم فهمتم. فقولها (أقر الله عينيك) يعني أسكنها عن الحركة، والعين لا تسكن عن الحركة إلا إذا عمي صاحبها أو مات.. وقولها (وفرحك بما آتاك) فمن قوله تعالى: (حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة)، وأما قولها (وزادك رفعة) فقد أرادت به قول الشاعر: ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع.. وقولها (وأتم سعدك) فأخذته من قول الشاعر: إذا تم شيء بدا نقصانه ترقب زوالاً إذا قيل تم.. وأما قولها (لقد حكمت فقسطت) فقد قصدت به قوله تعالى: (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا).



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5913 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد