يعد مهرجان الجنادرية تظاهرة ثقافية كبرى إذ تجاوزت المحلية والإقليمية إلى العالمية، وهو دليل على ما تتميز به المملكة من تطلع للمستقبل مع الحفاظ على التراث، بحيث لا يطغى جانب على آخر. فالمملكة تبحث عن المنافسة العالمية في كل المجالات حتى باتت تخرج مخترعين قادرين على الابتكار والإبداع، في الوقت نفسه تتمسك بأصالتها العريقة، وتراثها الوطني ولذلك تقيم له المهرجانات والمعارض وتشجع الباحثين على عمل الدراسات للتنقيب في هذا التراث حماية له من آفة النسيان.
ويعتبر مهرجان الجنادرية مناسبة عظيمة لتلاقي الثقافات المختلفة عبر الحوارات والندوات التي تقام على مدى أيام المهرجان من قبل علماء ومثقفين كبار من مختلف البلدان يطرحون فيها مختلف الرؤى والنظريات القابلة للدراسة والنظر والمناقشة.
وهذه رسالة طالما تمسكت بها المملكة من أجل فتح قنوات اتصال بين مختلف الثقافات والانفتاح على الآخرين، وفتح الأبواب للآخرين للاطلاع على موروثنا الثقافي الأصيل وحضارتنا العريقة من أجل تحقيق فهم أكبر يساهم في تعميق مبدأ الحوار وهو أحد أهم المبادئ اللازمة لتحقيق السلام بين الشعوب ونبذ الصراعات والحروب.
ولطالما رفضت المملكة فكرة الصدام الحضاري باعتباره يجعل الصراع أمرا محتما لا مفر منه ويبشر بالحروب، في حين من الممكن تجنبها عبر الحوار.
بل إن الجنادرية استضافت في الماضي سامويل هانتينجتون صاحب نظرية صدام الحضارات وتمت مناقشة نظريته بالأسلوب العلمي المتزن.
كذلك فإن مهرجان الجنادرية يسهم إلى حد بعيد في تعريف الأجيال الحاضرة بحياة الأجداد كي يطلعوا على ما تعرض له الأجداد من كبد العيش وعناء البحث عن الرزق، وإدراك الخطوات الكبيرة التي حققتها المملكة في طريق التقدم والحضارة، وشكر الله على نعمه وفضله.
فلقد عانت المملكة في الماضي ظروفا اقتصادية صعبة، وبفضل الله تعالى ثم بفضل حسن السياسة والإدارة من قبل ولاة الأمر تم استثمار الموارد الطبيعية والبشرية التي وهبنا الله إياها في رسم الخطط التنموية الطموحة وتحقيق أعلى درجات التقدم، ومن الأمور المهمة التي يحققها مهرجان الجنادرية هي ربط جيل اليوم ثقافيا بجيل الأمس وخاصة، وأننا نعيش اليوم في عصر العولمة الذي قد تذوب فيه الحدود الثقافية، بحيث تطغى بعض الثقافات على أخرى بفضل التفاوت في القوة الإعلامية والعلمية والصناعية.
وكان من الضروري الحفاظ على التراث عبر استحداث مهرجان سنوي كبير يجمع بين المعرفة والترفيه.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244