تماماً مثلما هو للأمم والشعوب والمجتمعات والقبائل والفئات سواء أكانت كبيرة أو صغيرة أمثالها ورموزها التي قد تفهمها لوحدها دون سواها من سائر الفئات، فإن للسياسيين أيضاً أمثالهم الخاصة بهم، فإذا كان أهل البادية مثلاً يقولون (في الجو غيم) فإن ثمة أمر ما قد يحدث أو أن أمراً ما لم يفهم بعد أو قد يقولون في: (الخرج أكبر من الأرنب) أما أهل الحاضرة وخصوصاً أهل القصيم فيقولون لبعضهم (المليساء) أي أن ثمة غريب لا يريدون أن يفهم ما يريدون طرحه من أمر.
ويقول بعض سكان الخليج: (خاموش) لذات الغاية أقول: إذا كانت تلك المجتمعات لها رموزها الخاصة فإن أهل السياسة لهم رموزهم الخاصة فيقولون مثلاً: (خلف الكواليس)، أو (تحت الطاولة) أو (تحت الحزام) أو (العصا والجزرة) أو (نمر من ورق) أو (عض الأصابع) أو (الحق على الطليان) حينما يريدون السخرية من عدم مقدرتهم على إلقاء اللوم على الجهة الحقيقية التي يجب أن تلام.
وهذا المثل بالذات قد فتح لي باباً من السخرية حينما أردت استخدامه للسخرية من موضوع لا يتعلق بالسياسة على الإطلاق، إذ إنني أعرف مثلاً أنه يتعلق ب(الطليان) - أي الايطاليين - في الحرب العالمية الثانية ولكنني - حقيقة لست متأكداً من سبب إطلاقه ولذلك حينما سعيت للتأكد من منشأ المثل اتصلت بعدة أصدقاء لهم باع بالمصطلحات السياسية فقال لي أحدهم: المثل واضح وضوح الشمس.
أنه يعني حينما تشرد (الطليان - أي صغار الغنم - فإنها تعرض نفسها للذئب ولذلك يكون الحق عليها لا على الذئب!!)
فضحكت حتى الاستلقاء لأنني حقيقة كنت أود الكتابة - فعلاً - عن الطليان - صغار الغنم - لا عن السياسة ورموزها فقلت لصديقي الجهبذ: أحسنت أنت (جبتها بالضبط) وأرحتني من دوخة السياسة ورموزها وبلاويها. فأنا فعلاً أريد أن أكتب عن (طليان مواشي مربي الماشية في الشمال) لأنه أمر يثير الضحك حقاً. فقد كتب الزميل العزيز خالد المضيان في جريدة الحياة الغراء خبراً عن نقص لقاحات الحمى القلاعية والنقص في عدد الوحدات البيطرية في منطقة تحتوي على أكثر من 5 ملايين رأس من الماشية وكلها بالطبع معرضة للعدوى وبالتالي النفوق بشكل جماعي لا سمح الله، وكذلك نقل الزميل خالد عن أحد مسؤولي الإدارة العامة لشؤون الزراعة في منطقة الحدود الشمالية قوله: (إن عدد الأطباء البيطريين الميدانيين لا يتجاوز عدد العاملين في الإدارة العامة والفروع التابعة لها عن سبعة أطباء فقط)!!
وعشرة مساعدين - لاحظوا - أي أن كل نصف مليون رأس له طبيب واحد!! في عز استشراء المرض!!
وارتفاع ثمن اللقاح (100 جرعة = 300 ريال) في الصيدليات الخاصة!! ولعله من المضحك حقاً في هذا الصدد أن الإدارة لم تصرف اللقاح إلا للطليان - الصغار- وما عليها من باقي القطيع ولست أدري ما الفلسفة في معالجة الحملان وترك (الحاملات)!! و(المضاريع) أو الجذعات المهيأة للإنتاج!!
الأمر الذي ينطبق معه المثل البدوي المضحك الذي يقول: (يكون الرحول عن ضلاع الحايل).. مما يجعلنا نقول أيضاً: (الحق على الطليان) لا على وزارة الزراعة!!