ما هي اللغة ؟.. هل هي الرموز ذات المواصفات الفنية التي تشكل معان بعينها؟.. هل هي حروف أم صور أم أصوات توحي بالمعنى المقصود؟
2- هل النواح والنشيج لغة تنم عن الألم أو الفقد أو القهر أو الظلم؟.. وهل الضحك أو التغريد لغة تنم عن الفرح والسرور؟.. وهل يمكن اعتبار السكوت والصمت لغة تنم عن واقع الحال؟
3- هل هناك لغة موسيقية أو شاعرية أو تقريرية أو جامدة أو غير ذلك من الصفات؟
4- هل للغة واقع حال ومراتب كما الإنسان ترتقي وتنحدر فيها؟.. وهل نستطيع أن نقول إن اللغة العربية وصلت إلى سقف إمكاناتها لأنها لغة القرآن الكريم؟
5- هل اللغة التي تعتمد على الأبجدية أرقى من اللغة التي تعتمد على التصوير؟.. وهل يعني ذلك أن اللغات القديمة التي اعتمدت على الصورة والرمز أقل شأناً من اللغات المعاصرة التي تعتمد على الحروف؟.. وبهذا المقياس هل لغة أبينا آدم لغة متقدمة أم متخلفة؟
6- هل اللغة تؤثر على التفكير؟.. وهل يمكن أن تتطور أو تتخلف؟.. وإذا سلَّمنا بأن لغات البشر كلها مشتقة من بعضها البعض.. فكيف نصنف لغات بعض الشعوب بأنها أعلى أو أقل من لغات الشعوب الأخرى؟
7- هناك من حصر تأثير اللغة على طريقة التعبير أو التفسير المعرفي البشري.. وهناك من يرى أنه يستحيل التفكير بدون لغة.. فالتفكير يستند على المعارف والتجارب وعلى التاريخ بشخوصه ورموزه ومعانيه.. وهذا لا يحصل إلا باللغة التي هي تجريد رمزي للواقع.
8- يقول الدكتور (طه حسين) في كتابه (مستقبل الثقافة العربية) حول علاقة اللغة بالتفكير: (نحن نشعر بوجودنا.. وبحاجاتنا المختلفة.. وعواطفنا المتباينة.. وميولنا المتناقضة حين نفكر.. ومعنى ذلك أننا لا نفهم أنفسنا إلا بالتفكير.. ونحن لا نفكر في الهواء.. ولا نستطيع أن نفرض الأشياء على أنفسنا إلا مصورة في هذه الوسيلة التي نقدرها ونديرها في رؤوسنا.. ونظهر منها للناس ما نريد ونحتفظ منها لأنفسنا بما نريد.. فنحن نفكر باللغة).
9- من المتفق عليه أن اللغة هي أعظم اختراعات الإنسان.. فهي التي ميزت الإنسان عن بقية المخلوقات الحية التي تقاسمه المعيشة على هذه الأرض.. وأنها هي الوسيلة التي من خلالها استطاع الإنسان أن يبني حضارات ودول.. وهي التي أعاقت بقية مخلوقات الله عن فعل ذلك.
10- الفلاسفة القدماء اتفقوا على أن اللغة مجرد وعاء أو أداة نقل وتوصيل ولا يجب أن تُحَمَّل أكثر من ذلك.. وأستاذ الفلاسفة (أفلاطون) يقول إن (التفكير ماهيات وجواهر بينما اللغة غلاف أو قناة للتعبير عنها).. وهذا منح التفكير استقلالية كاملة عن التعبير كما منح الفكر استقلالية عن اللفظ.. ومن الفلاسفة من قال إن اللغة سبقت التفكير ومنهم من قال عكس ذلك.
11- وفي رأيي أن أقرب تعريف قرأته عن اللغة هو أن (اللغة وسيلة لإبراز الفكر من حيز الكمون إلى حيز التصريح.. وهي عماد التأمل والتفكير الصامت.. ولولاها لما استطاع الإنسان أن يسبر أغوار الحقائق حينما يسلط عليها أضواء فكره).