Al Jazirah NewsPaper Monday  03/03/2008 G Issue 12940
الأثنين 25 صفر 1429   العدد  12940
لما هو آت
معاً لما آت...
د. خيرية إبراهيم السقاف

لحظات من السكون... والطريق يعج بالمارة وموعدي لم يبق لدقيقته الأولى غير ثوان...

لفتتني وجوه النساء في العبور... لم تكن واحدة منهن تبتسم... و خيل لي أنه لم يكن لهن من رواء في المحيا...حسبتني آتية لعالم آخر تصمت فيه النساء بينما تنطق كل الأشياء من حولهن حتى أبواق القطارات وصفير الريح...

قيل لي وأنا أسأل لماذا تشير النساء هنا بأيديهن ولا يتكلمن...؟ فإذا بالجواب يأتيني أيضا بإشارات الأيدي والرؤوس...لأفهم أن لا أحد يدري لماذا...

بعد أن عدت لمقعدي إيابا لمستقري عاودني السكون أتأمل فيه الممرات الطويلة حتى أصل... كانت هناك كمية أوراق عليَّ مراجعة كل حرف حبر فيها... كنت سأحتاج كثيراً لتفكيري وكان عليَّ ألا أجهد خاطري بالأسئلة...

رغم أنها الوحيدة التي تملأ علي أي فراغ وتدعوني لموائد الأفكار وتحيطني بشخوص الإجابات، ودائما حين أكون بمفردي ترافقني الأسئلة وتملأ علي وحدتي...

في اليوم التالي كان عليَّ أن أغمض عيني تماما لأحميهما من ضوضاء العبور...

ثمة صمت آخر يقصيني عنهن، لكن العقل لا يزال يتمرد بالتفكير ويتطاول على صمت الإغماض بفوضى الأسئلة... ولم يكن ثمة سكون...

يدان كانتا تعالجان أغطية المناضد وتحركان أيقونات الزخارف... سألت من ...؟ لكن الإجابة جاءت من يد حانية عرفت أنها لامرأة تعمل في الجوار...

أدركت وأنا على مقعدي عائدة في اليوم السادس أنها كانت لتلك النحلة التي ما تركت جسما معدنيا لم تحمله لكف المختص ولا جهلت زاوية كانت تضم احتياجاته من مواد...

لكنني عدت بخيبة الإجابة إذ لم أدر بعد لماذا تصمت النساء...

تقاطرت أسئلتي على ذهني ودكت بي حيرتي في مأزق الاستفهام...علني أجيب...

بيد أن الإجابات التي تأتي عفو افتراض تبعث على يقظة جدلية أو تولِّدها...

ربما من هنا ضاع نصف أو ثلث عمر الإنسان في الكلام...

بينما بقي له الجزء الأقل للفعل...

في صباح اليوم... لم أسأل لأنني أعلم أن لا إجابة معي...

لكنني وأنا أفند فوق مكتبي ما بحوزتي من الأوراق والتعليمات... وجدت الإجابة...

فالمرأة التي توظف جهدها للعمل لا وقت لها لهدر اللسان...

وتلك أجمل الحكم التي عدت لكم وأنا أحصدها...

***

ثمة شكر عميق لكل من كتب قلقاً لغيابي...

***

ألسنا نؤمن بأن الراحلة التي لا تستكين قليلاً قد تعيا...؟

***

سنعاود معاً حفظكم الله لي...



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد