أتمنى على الإخوة الإعلاميين، من مختلف الأطياف والمسارات، أن يمنحوني الثقة ويجنبوني العتب، عقب قراءة هذه الخاطرة، فما غايتي سوى الإصلاح ما استطعت، وما وسيلتي سوى الاجتهاد الذي يسيره حسن الظن، وخاطرة اليوم تتناول المهنة الإعلامية التي باتت في زمننا هذا كحسناء كل يدعي بها وصلاً، ويتمنى لها قرباً، انطلاقاً من فرضية خاطئة تدعي أن الإعلام مهنة تكتسب بالمحاكاة أو التلقين!
**
* وأستأذن الإخوة الإعلاميين في طرح التصور التالي حول المهنة الإعلامية، كما يتمناها كل ذي حلم غيور على هذه المهنة ممارسة وهدفاً وتحصيلاً، فأقول:
1- الإعلام في خصوصياته ومساراته وأبعاده مهنة إبداعية تسيرها الموهبة، وتصقلها التجربة، ويكيفها التحصيل المتخصص قبل أن تكون مهارة تقتبس بالمحاكاة، أو تكتسب بالتلقين.
**
2- إذا سلمنا بسطوة الإبداع على المهنة الإعلامية، جاز لنا القول بإنها لا تخضع للتقنين الجامد، ولا وصفات الأدلة المكتوبة، بل هي تلاحم مباشر بين عدة معطيات تتصدرها الموهبة مسيرة برغبة المرء نفسه في اقتحام هذا الميدان المشحون بالتحديات، ثم البيئة الإعلامية المحيطة به، وأخيراً القدرة على الاستمرار في ممارسة المهنة واستثمار الأخطاء لامتصاص المزيد من المعارف والخبرات في هذا المجال.
**
* يقودني هذا التأمل إلى كشف بعض الأوراق عن الدور الذي تمارسه بعض أقسام الإعلام في بعض جامعات المملكة، فأقول:
1- إن دراسة المادة الإعلامية، كما تصورها الكتب والبحوث والشرائح الفلمية والصوتية، لا (تخرج) بالضرورة إعلامياً ناجحاً في كل حال، وإلا فماذا نقول عن نفر من الناس في أكثر من بقعة عبر هذا الكون، أدركوا ويدركون نجاحاً وتفوقاً في أكثر من مجال إعلامي، المكتوب منه والمسموع والمرئي، في حين أنهم ليسوا في الأصل من خريجي الإعلام أكاديمياً؟!
**
2- إن الحصاد الأكاديمي، النظري منه والتجريبي للمادة الإعلامية لا يعدو بعضه أن يكون رصدا مجتهداً لإفرازات نفر من الملهمين إعلامياً، إبداعاً وحساً والتزاماً، وعندما آن لهم من زمنهم ما آن، راحوا يصبون نتائج تجاربهم في قوالب منتظمة من الكلام، أخذ فيما بعد صفة التنظير، وأودع رفوف المكتبات!
**
3- إن بعض أقسام الإعلام في جامعاتنا، حيثما وجدت، تفتقر إلى وقفة صدق وصمود لتقويم مساراتها الحالية، من منظور إعلامي مبدع، بدءاً بترشيد اختيار المرشحين للالتحاق بهذه الأقسام، استناداً إلى الموهبة والقدرة، وليس المعدل التراكمي فحسب، وانتهاءً بمواد الدراسة التي لا تعتمد فقط على المقررات المكتوبة، بل تتجاوزها إلى إيجاد قدر ملائم من التلاحم المباشر والمستمر مع المخرجات الميدانية للإعلام: تأملاً وحصراً وتقويماً.