ليس هناك ما هو أوهى من خيوط الشبكة العنكبوتية وأهش من نسيجها، وإلا لماذا تستخدم في تشبيه هذه الهجمة الإلكترونية (الإنترنتية) وعائلتها، وأجيالها الحالية واللاحقة.
فلا نعتقد أن تسمية (العنكبوتية) عربية كلفظ المذياع والرائي والهاتف والناسوخ، ولا نظنها مناصرة لموقف عظيم يذكرنا بما قيل في الأثر عن ما فعلته (العنكبوت) حينما بنت بيتها على فوهة غار ثور والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه في جوفه.. إنما هي - كما يظهر - لفظة مترجمة من لغة ما تشير إلى عالم العناكب وخيوطها كرمز أو إيحاء للتشابك والتداخل النسيجي الهش.
وبما أن العنكبوتية أضحت الآن عالم متماوج من المعلومات العجيبة، والأرقام المذهلة حسابياً، والصور الغريبة، القابلة للعبث والتظليل.. تلك التي تتدافع أمام المتصفح بشكل كثيف، فلا يمكن له فرز الصالح منه، واستبعاد ما لا يفيد، لنرى وفق هذا التدفق تزاحم الآراء المتناقضة، والرؤى المتباينة، والأحاديث المتواترة. صادقها وكاذبها.. حتى بتنا نخشى أن يأتي زمن تكون فيه المعلومات لدينا أشد وهناً.
سعت المعلوماتية أن تكون كلمة (الحاسب الآلي) أو (الحاسوب) عبارة عربية مقترحة للملائمتها في وقت ما لعالم الكمبيوتر وما شاكله من أجهزة، إلا أن المعاني تباعدت فيما يبدو.. فحينما يقول أحد ما الآن أنه قد قام بإيصال أسلاك السماعتين الكبيرتين في الحاسب أو الحاسوب فإن العبارة هنا قد تكون ركيكة، وفيها من الجفاف ما بها، لأن الجميع يعرف أن السماعتين عادة ما تتصلان بجهاز التسجيل - (المسجل) أما الحاسب أو الحاسوب فإنه لا يرمي في تجريده اللغوي إلا إلى الحساب في جمعه وطرحه وضربه وقسمته.
فالحاسب أو الحاسوب بات يدخل الآن في كل شيء في حياتنا، ولكن أن يكون عنكبوتياً على نحو ما يراد له هذه الأيام فهذا ما يجفل حقاً، لأن الأمر يعكس الشعور بالوهن الذي ينذر بتهالك ما بين يدينا من نسيج معلوماتي تغلب عليه الوفرة، والكثافة غير الراشدة في الكثير من الأحايين.
Hrbda2000@hotmail.com