لن نكتفي بالحديث عن إجرام إسرائيل وساديتها في استهداف المدنيين الأبرياء، وقتلهم بجريرة صاروخ سقط هنا أو مسلح أطلق النار على جنودها هناك, فالإسرائيليون دائماً ما يتشدَّقون بقاعدة (الثمن المدفوع مقابل الدم اليهودي)، وهي القاعدة التي لُقِّنت لساسة الحرب الإسرائيليين من أيام ديفيد بن غوريون، ولقائه بالقاتل المبتدئ آنذاك أرييل شارون بعد مجزرة قرية قبية ليهنئه ويشدَّ على يده الملطخة بدماء الفلسطينيين الأبرياء.
إن جرائم إسرائيل الحالية وبالرغم من بشاعتها وقسوتها الباطشة التي اعتادت عليها العين والأذن الدولية, قد أسهمت بشكل مباشر وكبير في إشعال نار التطرف وإضرامها في المنطقة، فإرهاب تل أبيب العسكري وقتلها لا يمكن أن ينتج عنه إلا تطرف مماثل، ورصاص القتل اليومي الذي ينهال على الفلسطينيين من المستحيل أن يُجابه ويُقابل برمي الورود والالتزام بقناعات السلام ومشروعات التسوية من قبل المواطن العربي الذي يجد نفسه كل يوم أمام محتل كريه الوجه، يقتل الأطفال والمدنيين الأبرياء بدم بارد، ويتشدَّق في ذات الوقت بطموحات التسوية والتعايش المشترك.
كثيراً ما يتكلم العالم عن منابع الإرهاب وتجفيفها وقطع مسببات انتشاره، وهو الأمر الذي لا يمكن ولا يجب أن تستثنى منه دولة إسرائيل كرافد مهم ورئيس في نشر ثقافة القتل والكراهية التي تعتمد بشكل مباشر على الفعل وردة الفعل عليه, بل إن هذه الممارسات الإرهابية الإسرائيلية قد مهدت الأرض أمام المتطرفين في المنطقة وأوجدت لهم مسوغات الوجود والانتشار، مرسخة بذلك أجندات الكراهية وطموحات الموت المتبادل لعقود قادمة ولأجيال طويلة, وهو الأمر الذي زاد الطين بلة ووضع كل الأطراف المعتدلة أمام طريق مسدود في العمل على إرساء قواعد السلام العادل الذي طالما أحرجت إسرائيل برعونتها ودمويتها كل الطامحين والعاملين عليه.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244